دوما بعد اقتحامها.. مدينة منكوبة وإعدامات ميدانية وجرحى في الملاجئ

نائب رئيس أركان الجيش الحر لـ «الشرق الأوسط»: انسحابنا تم بهدف حماية المدنيين ولا يعني إيقاف القتال

لقطة من موقع أوغاريت لمقابر جماعية نتيجة المجازر التي ارتكبها النظام في دوما خلال الايام الماضية
TT

اقتحمت القوات النظامية السورية مدينة دوما البلد في اليوم التاسع لحصارها، بالتزامن مع انسحاب مقاتلي الجيش السوري الحر من المدينة أمس. وأكد نائب رئيس الأركان في الجيش السوري الحر، العقيد عارف الحمود، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن انسحاب مقاتلي الجيش الحر من دوما البلد «جاء بهدف حماية المدنيين»، مشددا على أن «الانسحاب لا يعني إيقاف القتال، وهو انسحاب تكتيكي».

واقتحمت القوات النظامية دوما أمس، بعد حصار المدينة وتعرض أحيائها لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة استمر تسعة أيام. وأفاد ناشطون بأن المقاتلين المعارضين انسحبوا منها صباح أمس، بالتزامن مع دخول القوات النظامية إليها بعد حملة عسكرية هي الأعنف بدأت في الحادي والعشرين من الشهر الماضي أسفرت عن مقتل العشرات وجرح المئات.

وأشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إلى «إعدامات ميدانية تمت بعد انسحاب الجيش السوري الحر من المدينة»، مؤكدا أنه «تم تدوين حالتين بعد دخول قوات الأمن إلى الشوارع». وأوضح عبد الرحمن أن الإعدام الأول «تم حين خرج مقاتل من ملجأ ليتفقد منزله فأمسكه رجال الأمن، وأمرهم قائدهم بقتله في الحال». أما الثاني «فتم إعدامه بالطريقة نفسها وسط الشارع».

ووصف عبد الرحمن المدينة بـ«المنكوبة»، مؤكدا وجود «جثث ثلاثة رجال وسبع نساء في الشارع حتى يوم أمس، فيما تعذر إجراء إحصاء دقيق لعدد القتلى والجرحى»، مؤكدا أن الحصيلة الأولية «تخطت السبعين شهيدا، ومئات الجرحى، بعضهم توفي بعد تعذر إسعافه ونقله إلى المستشفى». وأضاف: «الوضع في الداخل كارثي، في ظل فقدان الغذاء والدواء، وغياب الأطباء القادرين على مداواة الجرحى الذين ما زالوا ينزفون في الملاجئ، وفي ظل حصار ما يزيد على مائة عائلة داخل الملاجئ». وأعرب عبد الرحمن عن لومه «المنظمات الدولية التي لم تتدخل بشكل جيد لإنقاذ العائلات المحاصرة وإجلاء الجرحى»، مشيرا إلى خطر يتهدد حياة «المتطوعين لإسعاف الجرحى».

وإذ هدأ القصف على المدينة بعد دخول قوات الأمن إليها، أكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» «أن القصف ما زال مستمرا على القرى المحيطة بدوما، فيما تلاحق القوات النظامية المقاتلين المعارضين على أطراف المدينة».

من جهته، قال العقيد الحمود إن الانسحاب تم «بعدما تبين أن صمودنا سيتسبب بمقتل الكثير من المواطنين الصامدين، في ظل إصرار النظام على القصف الوحشي على المدينة»، مشيرا إلى أن «هذا الانسحاب التكتيكي، سيقلل من خسائر المدنيين». ولفت إلى أن «دوما البلد مزدحمة بالسكان، وقد نتج عن القصف الوحشي الذي تعرضت له عشرات القتلى، لذلك تم الانسحاب التكتيكي منها».

وردا على سؤال حول ما إذا كان الانسحاب يعني وقف القتال، قال الحمود: «الظروف الميدانية يقدرها القادة الميدانيون للمعركة بحكم الظروف المتوافرة أمامهم، لكن هذا الانسحاب، كما أكدت، هو تكتيكي، كما جرى في مناطق أخرى، ونحن موجودون في كل الأماكن المحيطة بدوما وغيرها من المناطق السورية، كوننا أبناء المدن وملتزمين بقتال النظام فيها».

وأشار الحمود إلى أن الجيش الحر يواجه مصاعب لوجيستية تتمثل في توفير السلاح والذخائر، مشددا: «إننا نؤمن عتادنا باللحم الحي، وبقدرات ذاتية»، ومؤكدا أن الخسائر بصفوف الجيش الحر «تكاد لا تذكر، بينما استشهد عشرات المدنيين نتيجة القصف المستمر على دوما».

وكذب الحمود ما قاله النظام من أن قواته عثرت على مصانع عبوات ناسفة، موضحا أن كلمة «مصنع» هي «كلمة كبيرة جدا كوننا نستخدم مواد بدائية لصنع العبوات».

في المقابل، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «الجهات المختصة واصلت أمس ملاحقتها لفلول المجموعات الإرهابية المسلحة في دوما وأطرافها ومداهمة أوكارهم».

ونقلت الوكالة عن مصدر رسمي قوله «إن العمليات أسفرت عن العثور على ثلاثة مستودعات للأسلحة المتنوعة منها عبوات ناسفة وقواذف (آر بي جي) ورشاشات وقناصة وبنادق آلية وكمية كبيرة من الذخيرة، بالإضافة إلى معمل لتصنيع العبوات الناسفة وبداخله مواد متفجرة شديدة الانفجار». وأفاد المصدر بأنه «خلال عملية المداهمة والتفتيش حاول بعض الإرهابيين الفرار باتجاه جسر العب حيث تمت ملاحقتهم والاشتباك معهم، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد كبير منهم»، مشيرا إلى أن «عمليات الملاحقة أسفرت أيضا عن مقتل عدد كبير من الإرهابيين واعتقال العشرات».

وأفادت «سانا» بأن «الجهات المختصة تواصل عمليات البحث والتفتيش عما تبقى من الإرهابيين وأوكارهم بهدف تطهير المدينة منهم».