ديل بوسكي: لو سقطنا في فخ الإغراء لظل علامة سيئة في جبيننا مدى الحياة

أكد أنه لم يندم على عدم التواطؤ لإخراج إيطاليا من البطولة.. ووصف بالوتيلي بـ«الفريد»

TT

المدرب الإسباني فيسنتي ديل بوسكي شخص هادئ ومتفتح، ولديه أفكاره الخاصة، كرويا وسياسيا، التي لا يخفيها ويدافع عنها. ولذلك فإن رؤيته وهو يعمل والاستماع إليه عندما يتكلم يعدان متعة ليست بخبز يومي سهل المنال في عالم كرة القدم. ديل بوسكي تحدث عن المواجهة المرتقبة التي ستقام اليوم الأحد بين منتخبي إسبانيا وإيطاليا في نهائي بطولة «يورو 2012»، وأسهب في الكلام.. فإلى الحوار التالي.

* ديل بوسكي، افتتح منتخب إسبانيا مشواره في يورو 2012 بمواجهة إيطاليا وسيختتم البطولة أيضا بملاقاة الآزوري.. ماذا تغير في الأمر؟

- إنهما فريقان استحقا الوصول إلى نهائي بطولة أمم أوروبا؛ نتيجة تم الوصول إليها بعد مشوار متوازٍ للمنتخبين، أنتم لعبتم ركلات جزاء ترجيحية في الدور ربع النهائي، ونحن لجأنا إليها في نصف النهائي، أنتم أحسنتم صنعا أمام ألمانيا ونحن كذلك فعلنا أمام فرنسا. فريقان من المجموعة نفسها ولديهما الرغبة نفسها في الفوز واغتنام الفرصة المتاحة أمامهما.

* هل كنت تعتقد أن بإمكان منتخب إيطاليا الوصول لنهائي البطولة، مع كل المشكلات التي يعانيها ما بين فضائح وإصابات وتغيرات في طريقة اللعب؟

- إيطاليا فريق معد تاريخيا. لقد تم تشييد فريق قوي ومتحد أكثر من مجرد منتخب قوي حول لاعبين مثل أندريا بيرلو ودي روسي وكاسانو وبالوتيلي وبارزالي وبونوتشي. وقد نضجت هذه المجموعة مباراة تلو الأخرى ووصل الفريق إلى اللقاء النهائي وهو في أفضل حالاته.

* دعنا نتحدث عن الأفراد: ماريو بالوتيلي وأنطونيو كاسانو وأندريا بيرلو..

- بالوتيلي نوع فريد، خاص للغاية. أنا لا أعرفه بشكل شخصي ولكن من الناحية الكروية، فهو أكثر من مكتمل، سريع ويتمتع بالمهارة الفنية ويجيد المراوغة وتسديد الكرات بالرأس. أما أنطونيو كاسانو فيحدثني عنه بشكل جيد دائما مساعدي توني غراندي الذي كان معه في ريال مدريد عندما كان الأخير يعمل مع كابيللو. فهو يقول إنه لاعب غير عادي. أما أندريا بيرلو فهو رمز المنتخب الإيطالي، لقد حمل إلى يوفنتوس تلك الهوية في اللعب التي كان يفتقدها الفريق للقيام بالقفزة المهارية.

* في التحدي الأول أمام إيطاليا صرحت بأنك اخترت طريقة اللعب تلك لمحاولة إيقاف خروج دي روسي وبيرلو بالكرة. والآن لن يشارك دانييلي مرة أخرى في الدفاع بل سيوجد في خط الوسط.

- المنتخب الإيطالي لن يغير طريقته في اللعب، وسيظهر كما بدا في المباريات الأخيرة حيث سيلعب كيلليني على الجانب الأيسر من الدفاع ثم يأتي لاعبا اليوفي بونوتشي وبارزالي في القلب، أما الشك الوحيد فسيكون في الاختيار بين بالزاريتي، الأفضل دفاعيا، وماجيو الأكثر هجوميا. ونحن أيضا لن نغير شيئا: فلدينا تشكيلة فريق ثابت.

* لعبتم ثلاث مباريات بمهاجم صريح ولقاءين دونه..

- سنرى.

* مباراة نصف النهائي أمام منتخب البرتغال سجلت في إسبانيا رقما قياسيا في عدد المشاهدين لها عبر التلفاز. هل ذلك تعطش لكرة القدم والإمتاع؟

- اللحظة الحالية التي تمر بها البلاد واضحة. لكن بعيدا عن الأوضاع الاجتماعية هذه المجموعة من اللاعبين تحظى بود هائل داخل المجتمع الإسباني. أنا لا أتحدث فحسب عن المشجعين. هناك كثير من الناس يتابعون كرة القدم قليلا أو لا يهتمون بها، غير أنهم لا يتخلفون عن مشاهدة مباراة للمنتخب، ويقولون لي «أنتم لطفاء». علينا أن نغتنم هذه الظاهرة طويلة المدى، ولو تعين علينا الخسارة أمام إيطاليا في النهائي أتمنى أن يتفهم الناس أن هذه رياضة وأن الخسارة واردة.

* يبدو أن منتخب إسبانيا يعكس أفضل صورة لبلاده. ليست هناك أي نزاعات إقليمية وثمة وحدة كبيرة بين عناصر الفريق. هل صنعت مناخا مثاليا لتحقيق ذلك؟

- (يضحك).. أعتقد نعم. في صفوف المنتخب لدينا لاعبون من مناطق مختلفة كثيرة، لكن هذا غير ملاحظ. نحن البشر لا نختار الأماكن التي نولد بها، ومن أجل ذلك أعتقد أنه في العالم ليس هناك حدود، ولا أفهم كيف يوجد أناس يريدون خلق مزيد من تلك الحدود.

* ما زلنا في توازن بين الرياضة والسياسية. في أوروبا كلها كان هناك نقاش حول وجود رجال سياسية من بلاد عدة في أوكرانيا..

- من الصعب فصل السياسية عن الرياضة، والأمر يصبح أصعب أيضا عندما يتعلق بالمنتخبات القومية. أوكرانيا بلد لديه مشكلاته، لكني أود أن يحصل على مساعدة من الاتحاد الأوروبي. أنا أدعم إقامة علاقات طيبة بين البلدان ووجود رجال السياسة خلال لقاء اليوم الأحد لن يكون أمرا سيئا.

* وبشأن تقديم النماذج الطيبة: هل أنت نادم على عدم التواطؤ من أجل إقصاء إيطاليا عن البطولة؟

- على العكس تماما، أنا سعيد للغاية، ليس فحسب لأن مباراتنا أمام كرواتيا لم تنته بالتعادل الإيجابي 2/2، ولكن بالأحرى لأن الأمور سارت هكذا، وأن إيطاليا وصلت إلى النهائي. لا أعتقد أنه تم منح القيمة المناسبة أخلاقيا ورياضيا لتصرف إسبانيا وكرواتيا. هذا المجتمع في حاجة إلى نماذج جيدة، وما فعلناه لم يحظ بالاعتراف المستحق. لقد بقيت المزاحات والسخرية، وليس كون الأمور سارت كما كان ينبغي لها: بالوفاء والروح الرياضية. في محفل مثل بطولة أمم أوروبا هذه لو سقطنا في فخ الإغراء وقمنا بشيء من هذا القبيل لظل ذلك الأمر علامة مميزة سيئة في جبيننا مدى الحياة.

* وماذا عن علامتكم المميزة داخل الملعب.. في الخارج يصفونكم بتقديم اللعب الممل..

- هذه هي طريقة لعبنا. هناك لحظات في المباراة يبدو فيها أننا نريد فحسب الاستحواذ على الكرة ولكن الأمر ليس كذلك. حينها نكون نبحث عن حل وطريق ومخرج حاسم. ثم إن هذا الأسلوب منحنا كل شيء. لقد أمضيت حياتي وأنا أسمع الناس يقولون إننا لم يكن لدينا أسلوب لعب مميز.. والآن عندما بات لنا طريقنا الخاص ننتقده؟

* في الواقع هناك في إسبانيا حاليا من ينتقدك. هل ترى ذلك تطاولا؟

- لا، من الصعب تجنب النقاش. بطولة أمم أوروبا تجذب انتباه الجميع ومن الطبيعي أن تكون هناك آراء مختلفة. ليس هناك مدرب غير معرض للانتقاد، ولا حتى من يحصد الفوز. ثم هناك أيضا عوامل ثابتة: على سبيل المثال ديربي ريال مدريد × برشلونة الذي يلازمنا وسيظل كذلك دائما: لو لعبنا بأسلوب البارسا لن يقبل أتباع ريال مدريد ذلك، ولو اقتربنا من طريقة لعب الريال لن يكون مؤيدو برشلونة سعداء. إنها معركة خاسرة. المهم أن يكون داخل المنتخب هناك تعايش طيب بين الجميع، فعلى هذا الأساس يمكنني القيام بشيء ما.