عسير.. خبز «الميفا» يدر دخلا صيفيا لجيران المتنزهات

يشمل فوائد مادية ومعنوية

يتكون من دقيق البر مع قليل من الدقيق الأبيض والملح والخميرة («الشرق الأوسط»)
TT

على منحدرات الحبلة (جنوب السعودية)، يزدحم سياح ومواطنون بسياراتهم حول محلات لبيع الأكلات الشعبية، ترتص على طاولاتها الصغيرة مجموعات من خبز «الميفا» - وهو الخبز المجهز بالتنور - جذبا للزبائن، يبيعه أطفال لم يتجاوزوا الثانية عشرة من العمر.

يرافق تناول الخبز الشعبي، شاي الجمر المنكه بنبات الحبق، أو النعناع، حاملا مذاقا مختلفا عن الشاي المعد عبر المواقد التقليدية.

وشكلت عملية بيع الخبز مع الشاي المجهز على الجمر، جملة أهداف سخرتها العائلات المجاورة للمتنزهات السياحية في المنطقة، إذ تحولت إلى ظاهرة وصفها باحثون وسياح بـ«المتميزة» نظير فوائدها المادية والمعنوية.

يشير خليل عبيد الباحث الاجتماعي إلى أن العائلات رفعت مستوى دخلها عبر بيع الشاي والخبز، إلى جانب ترسيخهم لمبدأ الاعتماد على النفس لدى أبنائهم من خلال تلك التجارة الصغيرة، التي تحتاج إلى دعم أقوى وانتشار أوسع من قبل الجهات المسؤولة.

ويقول «إن فكرة إشعار الطفل بقيمته في مجتمعه وأسرته من خلال استحداث عمل صيفي يدر عليه وعلى أسرته دخلا إضافيا؛ يساعد على كبح جماح الغلاء المعيشي وتقديمه للقطاع الاقتصادي بأبسط لغاته». معتبرا ذلك «تغييرا ذاتيا يسهم بشكل مباشر في دعم المنطقة سياحيا واقتصاديا، ويخلق لدى الأبناء نشاطا صيفيا يحفزهم إلى المثابرة والاستمرارية».

من ناحيته يقول صالح عسيري وهو أحد الباعة: «تعمل والدتي كل صباح على عجن خبز الميفا، لتبدأ بجمع الحطب من المزارع المجاورة وإشعاله وقت الظهيرة داخل المخبز، استعدادا لعملية أخرى أكثر حرارة، قد تخلف بعض آثار الحروق البسيطة عند محاولتها إلصاق العجينة بعد أن تقلبها بين كفيها لتأخذ الشكل الطولي على جوانب الميفا، وبعد أن ينضج الخبز تبدأ في صفه داخل «زنبيل» من السعف وتحدد لي سعر كل فطيرة.

ويتأرجح سعر الميفا بحسب العرض والطلب، ويقول عسيري «تخبز والدتي نحو 35 فطيرة يوميا، تباع الواحدة منها بخمسة ريالات، وتزيد إلى عشرة ريالات في حال ارتفاع عدد زوار المتنزه.

وفي الجانب الآخر، يقول غرم عسيري وهو شقيق صالح، الذي يجهز شاهي الجمر «نعد الشاي غالبا في فناء المنزل، بطريقة سهلة التحضير.. نشعل الفحم في موقع البيع ونضع عليه الإبريق، إضافة إلى مقدار معين من السكر والشاهي وأوراق نبات الحبق أو النعناع بحسب رغبة الزبون».

بينما يقول ملفي القحطاني وهو بائع بمتنزه الحبلة: «يأتينا الكثير من السياح السعوديين مع عدد من السياح العمانيين والقطريين والكويتيين وغيرهم من الجنسيات العربية، وعند تذوقهم للأصناف الشعبية المعروضة يمن دون إعجابهم الشديد بتلك المأكولات ويأخذون معهم كمية ليتذوقها أصدقاؤهم المرافقون في الرحلة». ولدعم هذا النوع من المشاريع البسيطة، يرى الباحث الاجتماعي أن الجهات المسؤولة تحمل على عاتقها الاهتمام بهؤلاء الشبان.

من جهته، يقول يوسف العولي وهو سائح من سلطنة عمان «من الجميل أن نجد أبناء المنطقة يقدمون للسائح فكرة حول ما تزخر به منطقتهم من أكلات شعبية بطريقة بسيطة وصناعة منزلية يثق المشتري بنظافتها». يضيف «كما أن الثقة التي زرعت بهؤلاء الأبناء تدفع إلى التقدم نحوهم وتبادل الأحاديث حول تراثهم الذي يملكون عنه معلومات قيمة، فهم بذلك يؤدون دور المرشد السياحي الصغير لمنطقتهم باقتدار».

يشار إلى أن خبز التنور أو الميفا يتكون من دقيق البر مع قليل من الدقيق الأبيض والملح والخميرة فقط، ويعجن بالماء، ويعتبر خبز الميفا من أشهر أنواع الخبز في جنوب السعودية.