نجاح فيلاس بواس في توتنهام مرهون بالتعلم من أخطاء الماضي في تشيلسي

يتطلع لاسترداد سمعته مرة أخرى وإثبات أنه مدرب متميز

TT

وصل أندريه فيلاس بواس إلى تشيلسي الصيف الماضي يحمل خطة تمتد على مدى ثلاث سنوات أثبتت أنه لم يكن يفتقر إلى الثقة أو التفاؤل. ولم تمض تسعة أشهر حتى أقاله مالك النادي رومان إبراموفيتش. وبعد أقل من أربعة أشهر، يعود المدرب البرتغالي، ابن الرابعة والثلاثين إلى لندن مرة أخرى ليقود توتنهام، بعدما وقع عقدا مع النادي يتوقع من خلاله أن يشكل خطة أخرى تمتد على مدار ثلاث سنوات، لكنه يواجه مهمة شاقة أخرى بوصفه خلفا لهاري ريدناب، الذي أقيل على الرغم من حصوله على المركز الرابع في الدوري الإنجليزي الممتاز.

أثبت فيلاس بواس الذي كان محط أنظار فريق ليفربول مع برندان رودجرز، أن الثقة الراسخة في قدراته لم تتبدل بتوليه مهمة أخرى قريبة للغاية من ناديه السابق، في وقت لا تزال فيه آثار ندوب التشكيك في قدراته لم تلتئم بعد في الكثير من الدوائر الرياضية.

ربما تكون هذه الصفات عونه في توتنهام لأن الرجال الأقل ثقة في قدراتهم ربما يتوارون عن العودة إلى إنجلترا بنفس السرعة بعد مثل هذه التجربة المدمرة. وسيشد من عضده أن رصيده لا يزال كبيرا، حتى إن كثيرين أحسوا بأنه تجرع كأسا مسمومة عندما تولى تدريب تشيلسي وهو ما ظهر جليا عندما بدأت الأوضاع في التدهور.

بيد أن فيلاس بواس سيحتاج إلى العودة إلى العاصمة كشخص أكثر هدوءا وروية وإلا فسيواجه خطر ارتكاب الأخطاء ذاتها التي أدت إلى رحيله من تشيلسي. تمتع فيلاس بواس بشخصية محبة للمواجهة، في بعض الأوقات مثل التكبر، أثناء وجوده في لندن، وحاول فرض أفكاره في وقت قصير على فريق يشتهر بكونه قوي الإرادة، وأساء تقدير المزاج العام للاعبين في النادي، واستعدى جماهير تشيلسي وكثيرين في النادي للتخلص من مدير فني صاحب روح انهزامية.

لم يستمر فيلاس بواس في تشيلسي فترة كافية كي يلحق بسمعته المتوهجة ضررا بالغا، لكنه ربما لا يزال يعتبر نفسه محظوظا بأن يوليه فريق توتنهام مثل هذه الثقة سريعا بعد العودة إلى البرتغال. فعندما تولى فيلاس بواس مهامه في تشيلسي الصيف الماضي أعلن النادي اللندني أنه يمتلك أفضل مدرب شاب في أوروبا.

ولعبت الأوضاع الخاصة المحيطة بالسمعة السيئة لغياب الاستمرارية التدريبية في ظل إبراموفيتش في تشيلسي دورا في إقناع رئيس توتنهام دانييل ليفي بأن الإشارات المضيئة للعام الماضي لا تزال قوية اليوم. هناك عنصر المغامرة في خيار ليفي، فربما يسمع فيلاس بواس الاتهامات بأنه يدمر مزايا في الفريق إذ كانت بدايته سيئة في الدوري لكن توتنهام يبحث عن مدرب شاب نشط يعمل من خلال إطار عمل حديث واستقر خيارهم عليه.

سيكون الأمر مثيرا للجدل أن نرى فيلاس بواس يعود بشخصية متغيرة. فقد يحتاج إلى انتهاج أسلوب أكثر توازنا داخل وخارج غرفة تغيير الملابس هذه المرة. كان فيلاس بواس يتمتع بشخصية مقنعة في المنطقة الفنية، لكنه يقفز إلى صنع الخصوم والأعداء في وقت قد لا يتطلب الأمر منه ذلك، وبشكل خاص وسائل الإعلام.

على الرغم من ذلك تعاطف كثيرون معه عندما أقيل من منصبه، حتى إن إبراموفيتش قال صراحة للاعبي تشيلسي إنه «يحملهم المسؤولية على إقالته للرجل الذي كان يضع عليه رهانا كبيرا». اتسمت الفترة التي قضاها فيلاس بواس في تشيلسي بعدم قدرته على السيطرة على اللاعبين الكبار في النادي. كان يطلب منه إضفاء نظرة أكثر شبابا وتقدمية، لكنه بدا راغبا في القسوة على لاعبي تشيلسي أصحاب الخبرة مثل فرانك لامبارد وديديه دروغبا عوضا عن القيام بتحول تدريجي.

سيعتمد توتنهام على الخبرة التي استقاها فيلاس بواس من أخطائه والتي سيحاول تفاديها خلال تسلمه مهامه خلفا لريدناب، الذي حرم من الفوز بتذكرة اللعب في دوري الأبطال على يد روبرتو دي ماتيو المدرب الذي كان مساعدا لفيلاس بواس في تشيلسي. فيلاس بواس على يقين من أن الأيام التي قضاها بعيدا عن إنجلترا درس فيها الأوقات العصيبة التي قضاها في تشيلسي لكن لا بد من التأكيد على أن لاعبي تشيلسي ينبغي أن يتحملوا قدرا كبيرا من اللوم على فشلهم في التأقلم معه.

النجاح الذي حققه تشيلسي في كأس إنجلترا ودوري الأبطال سيجعل دي ماتيو يحتفظ بمنصبه في النادي. وقد أجبر هذا النجاح فيلاس بواس أثناء الجلوس أمام التلفزيون في منزله بالبرتغال على أن يتساءل أين كان كل هذا التصميم وهذه الحماسة وهذه الوحدة عندما كنت أتولى مسؤولية الفريق. يتحمل فيلاس بواس جانبا من هذا الفشل لكنه لم يكن بمفرده في ذلك، ومن شاهده عن قرب الموسم الماضي يعرف أنه سيبذل قصارى جهده ليثبت لمنتقديه خطأهم.

ربما يحتاج فيلاس بواس إلى نهج أقل عدائية تجاه وسائل الإعلام التي كان يشعر بسعادة بالغة في الهجوم عليها قبل إقالته. لكن يتوقع أن يؤدي طموحه الجارف إلى أن يخالجه شعور قوي بأن لديه مهمة لم تكتمل في الدوري الإنجليزي. ستكون مشاهدة فيلاس بواس في توتنهام متعة لأنه يحمل فكرا جيدا، وإن لم يعمل على إعادة هيكلة شخصيته فلن تكون المشاهدة مثيرة للملل في توتنهام. يجد فيلاس بواس متعة في محاربة وسائل الإعلام، وكانت قليلة هي المرات التي تعامل فيها بلطف معها في تشيلسي، ففي إحدى المرات بعد الفوز على فالنسيا في دوري الأبطال قال: «ها قد صفعنا الجميع على وجوههم». وقال في حديث آخر «إنه من سوء حظكم أيها الصحافيون؛ لأن عليكم أن تتحدثوا عن الفوز العبقري لتشيلسي وأننا تأهلنا بتصدر المجموعة. هذا صعب على الجميع واليوم هذا صعب عليكم»، وهو ما جعل الجمهور يغادر القاعة غاضبا.

إنها طريقة شجاعة تحتاج إلى نتائج للحفاظ عليها، ولم يحصل تشيلسي على هذه النتائج وربما كان ذلك درسا آخر ينبغي على فيلاس بواس أن يعيه جيدا. من المؤكد أن مأزق تشيلسي سيكون حاضرا في بيئته الجديدة، لكن عامه الذي قضاه في بورتو أثبت أنه سيكون مدربا يتمتع بموهبة أصيلة وكاريزما، وسيكون توتنهام المكان الأنسب له كي يعيد بناء سمعته مرة أخرى. سيأمل فيلاس بواس أن يتمكن لاعبو توتنهام من التفاعل مع خطته التكتيكية المليئة بالتفاصيل ألا تذكرون المحاولات الفاشلة مع تشيلسي؟ والتي لقيت إدانة كاملة.

حظي هذا المدرب ببداية مثالية بقرار غاريث بال بتوقيع عقد جديد. ومن المثير للسخرية، أنه ستكون هناك أولوية كبرى تتمثل في الحفاظ على اللاعب لوكا مودريتش، الذي حاول جاهدا طوال فترة وجوده في تشيلسي ضمه إلى النادي. كان كثير منا قد شعر بأن فيلاس بواس تحمل مسؤولية مستحيلة في تشيلسي، على الرغم من أنه يقدم كثيرا لينقذ نفسه. فقد طلب منه أن ينفذ مهمة طويلة المدى في فترة قصير المدى على الرغم من أن التطور الذي شهده الفريق بعد رحيله تسبب له في نوع من الألم والحرج.

تخلى ليفي بقسوة عن ريدناب كي يتعاقد مع فيلاس بواس، ولم يكن يتوقع أن يخضع مديره الفني الجديد لضغوط بنفس السرعة التي عاناها في تشيلسي، لكن الحياة في الدوري الإنجليزي تعني أن البداية السريعة أمر لا مفر منه في ناد مثل توتنهام.

وقد صرح ريدناب في اليوم الذي أقيل فيه فيلاس بواس من تشيلسي بأنه «سوف يتمكن من التعافي سريعا، فهو شاب ينتظره مستقبل باهر». المستقبل الآن بالنسبة لفيلاس بواس هو أن يخلف ريدناب في توتنهام، وإذا ما تعلم من درس الماضي فسوف تتحقق كلمات سلفه.