الخبراء يطالبون بنهضة تبدأ من الدفع بالشباب وبناء ملاعب جديدة ومحاربة التلاعب

المركز الثاني في البطولة الأوروبية يجب أن يكون نقطة انطلاق للقضاء على آفات الكرة الإيطالية

TT

خرجت إيطاليا من مونديال جنوب أفريقيا 2010 صفر اليدين وكان الجميع يتوقعون أن يتسبب ذلك في حدوث تغيير شامل وبداية نهضة حقيقية وإصلاحات مهمة في منظومة كرة القدم الإيطالية، لكن ذلك لم يحدث. وبعد عامين على المونديال الأفريقي حقق الآزوري نتائج طيبة تستحق الإشادة في بطولة الأمم الأوروبية 2012 وتفوق على إنجلترا وألمانيا ولم يستسلم إلا أمام المنتخب الإسباني القوي. ولا بد أن يكون هذا الإنجاز نقطة انطلاق لتغيير منظومة الكرة في إيطاليا والتخلص من الكثير من الآفات التي تؤرقها. ويحتاج تنفيذ هذه الأفكار والحلول دون شك إلى تكاتف الجميع والنظر إلى مصلحة الكرة الإيطالية قبل أي شيء آخر. وسوف نعرض هنا لكثير من المسائل والمشكلات التي تمثل عقبة أمام انطلاق الكرة الإيطالية وطرق حلها قبل مونديال 2014 في البرازيل.

* الشباب: يجب أن تكون الأندية أكثر شجاعة في الدفع بالشباب، وفكرة تكوين فريق ثان لكل ناد فكرة جيدة. إن الشجاعة هي الشيء الأهم في كرة القدم، وهي تغيب للأسف عن الأندية الإيطالية التي تجد من الأسهل اللجوء للاعب الأجنبي بدلا من الدفع بالشباب. وكان أكثر من نصف عدد لاعبي الدوري الإيطالي في الموسم الأخير من خارج إيطاليا. وتعاني الأندية أيضا من ارتفاع متوسط أعمار لاعبيها. ولا يكفي الاهتمام بمدارس الناشئين لحل المشكلة. ويتمثل أحد الحلول الجيدة في فكرة وجود فريق ثان لكل ناد يكون لاعبوه من الشباب، مثلما يحدث في إسبانيا. وهي الفكرة التي اقترحها ديميتريو ألبرتيني نائب رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم قائلا: «يجب أن ننمي مواهب لاعبينا الشباب مثلما يحدث في إسبانيا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا والبرتغال».

* الإدارة: العلاقة بين رابطة الأندية والاتحاد الإيطالي لكرة القدم تحتاج لتعديل وينبغي إدخال إصلاحات على المؤسستين. وقد دعا رئيس اللجنة الأولمبية الإيطالية بيتروتشي إلى توحيد الجهود بين رابطة الأندية واتحاد الكرة. ويحتاج الأمر إلى إدخال إصلاحات على لائحة اتحاد الكرة، لكن ذلك لا يتم إلا بموافقة الثلثين من أعضاء روابط الأندية لمختلف الدرجات، مما يخلق نوعا من العداء بين الاتحاد ورابطة أندية دوري الدرجة الأولى. وينبغي لرابطة الأندية أيضا أن تغير من أدائها وتقلل من اجتماعاتها الدورية وتعمل على تحديد سياسات أفضل لخدمة الكرة الإيطالية. ولعل النموذج الألماني والإنجليزي في إدارة شؤون الدوري الممتاز في البلدين هو الأكثر مثالية، بينما في إيطاليا لا يرغب أي ناد في التخلي عن بعض سلطاته لمصلحة الجميع.

* القدرة المالية: ينبغي تقليل أعداد الأندية في الدرجات المختلفة وتقليل أعداد اللاعبين الذين يستنزفون ميزانيات الأندية. استمر نزف المال في الأندية الإيطالية للمحترفين التي خسرت عام 2012 مبلغا كبيرا يصل إلى 428 مليون يورو، ووصل مجموع ديون أندية دوري الدرجة الأولى إلى 2.6 مليار يورو. وقد بدأت رابطة أندية دوري الدرجة الثالثة بالفعل في عملية تخفيض عدد الأندية المشاركة به، وهناك أيضا دعوات لتخفيض عدد الأندية المشاركة في دوري الدرجة الثانية (22 ناديا) والأولى (20 ناديا). وبالتوازي مع ذلك، ينبغي الالتزام بالقواعد الأوروبية من حيث أعداد اللاعبين في كل فريق، بحيث لا تزيد على 25 لاعبا فقط. ورغم أن رواتب اللاعبين تمثل 72% من حجم الإنفاق، فإن وجود لاعبين زائدين على حاجة الأندية يمثل عبئا إضافيا. ويبلغ عدد هؤلاء اللاعبين في أندية دوري الدرجة الأولى (بمن فيهم من يتم ضمهم لقطاعات الناشئين) 982 لاعبا بمتوسط 49 لاعبا زائدا على الحاجة لكل ناد.

* الاستادات: يجب اتباع نموذج اليوفي الذي نجح في بناء استاد جديد. ويقال منذ فترة طويلة إن إيطاليا تحتاج إلى استادات جديدة. وقد أخذ نادي اليوفي زمام المبادرة (وزادت العائدات من 11 إلى 33 مليون يورو). ويشتكي عدد من الأندية التي ترغب في اللحاق باليوفي من غياب قانون ينظم عملية بناء الاستادات، وهو القانون الذي يقبع في البرلمان منذ سنوات طويلة وقد يرى النور قريبا. لكن بناء استادات جديدة لن يحصل على أي تمويل من الدولة في ظل الأزمة المالية الحالية التي تعاني منها إيطاليا. وتوضح المقارنة بالدول الأخرى مدى تدهور إيطاليا؛ حيث يبلغ متوسط من يتابعون المباريات من الملعب في ألمانيا 42700 ألف مشجع في كل مباراة و35300 مشجع في الدوري الإنجليزي، و28200 مشجع في الدوري الإسباني، لكن الرقم ينخفض في إيطاليا إلى 23500. وتعتبر العلاقة بين الأندية والمشجعين في هذه الدول أكثر حميمية حيث يتم فتح التدريبات أمام الجماهير، بينما المعروف أن معظم الإيطاليين يفضلون مشاهدة المباريات في المنزل بسبب سوء حالة الاستادات.

* عائدات جديدة: حماية العلامات التجارية الكبرى واللجوء للتسويق الجماعي أبرز الوسائل لزيادة عائدات النشاط التجاري في كرة القدم. ويمكن أن تحقق كرة القدم الإيطالية المزيد من الأرباح من خلال الاستادات الجديدة، لكن زيادة العائدات المادية يمكن ويجب أن تتم أيضا عن طريق وسائل أخرى. وتوضح الأرقام أن عائدات الدوري الإنجليزي تبلغ 2.5 مليار يورو سنويا، والدوري الألماني والإسباني 1.7 مليار يورو لكل منهما، بينما تبلغ في إيطاليا 1.6 مليار يورو، وفي فرنسا مليار يورو فقط. وينبغي لإيطاليا أن تجد مصادر أخرى للدخل في كرة القدم لردم الهوة التي تفصلها عن الدول الأخرى. ولا شك أن وجود قانون لحماية العلامات التجارية الرياضية سيساعد كثيرا في محاربة التقليد (ويقبع هذا القانون هو الآخر في البرلمان منذ سنوات). ويمكن تحسين الجانب التجاري والتسويقي بشكل عام؛ حيث يحقق الميلان 92 مليون يورو سنويا من الأنشطة التجارية، وهو ضعف ما يحققه الإنتر واليوفي، لكن هذه الأرقام تبقى ضعيفة بالنظر إلى ما تحققه الأندية الكبرى في أوروبا مثل بايرن ميونيخ (178 مليون يورو سنويا) وريال مدريد (172 مليون يورو) وبرشلونة (156 مليون يورو). وقد قامت إدارة رابطة الأندية بدراسة مشروع للاستغلال الجماعي لمجموعة من المنتجات (مثل ألعاب الفيديو) يمكنها زيادة عائدات التسويق بعشرات الملايين سنويا.

* المراهنات: تغليط العقوبات وزيادة رقابة الأندية على لاعبيها هما السبيل لمحاربة التلاعب في مجال المراهنات. يجب القضاء على عمليات التلاعب التي تتم في مجال المراهنات بكل أشكالها وبصورة عاجلة؛ ليس فقط على صعيد كرة القدم، بل أيضا على الصعيد السياسي والقانوني. والمعروف أن مخاطر الأنشطة غير القانونية في مجال المراهنات أقل بكثير من مخاطر تجارة المخدرات، وهي بالتالي تجتذب الكثير من الأشخاص. ويجب تغليط العقوبات لأن من غير المقبول أن يعاقب المتهمون بالاحتيال الرياضي بالسجن لبضعة أشهر، بينما يعاقب تجار المخدرات بالسجن 30 عاما. ويجب على الأندية أن تمارس رقابة أكثر صرامة على لاعبيها وتمنع تسلل الجماهير إلى مراكز التدريب والفنادق التي تقيم بها الفرق، ويجب وهو الأهم، معاقبة اللاعبين والحكام الذين يثبت تورطهم في مثل هذه الأنشطة.