كنت أتصور أن غياب مباريات الأحياء في المدن والقرى مشكلة سعودية أو عربية فقط، عانينا منها في السنوات الأخيرة، إلى أن قرأت الكلام الجميل المهم الذي قاله المدير الفني السابق الشهير كارلوس بيلاردو الذي اشتهر من خلال النجاح الكبير مع منتخب الأرجنتين.
أكد المدير الفني السابق للأرجنتين أن الاتحاد الدولي يخشى حدوث تراجع كروي في بعض البلدان مثل الأرجنتين وإيطاليا وإنجلترا.
وقال «إن الفيفا يخشى انتهاء تجربة كرة القدم الجميلة في هذه الدول؛ لأن أبناءها لم يعودوا يلعبون الكرة في الأحياء السكنية»!!
ومثل هذا الرأي المهم لم يصدر من شخص أو رياضي عادي بل صدر من خبير كروي له وزنه وخبرته وتجربته الواسعة، وهو يعرف بكل تأكيد أهمية منافسات الأحياء المتمثلة في المباريات غير الرسمية، حيث تعد هذه المباريات منبعا للمواهب، وعن طريقها يمكن اكتشاف واحتضان ورعاية نجوم المستقبل.
ولا شك أن السعودية هي إحدى أكثر الدول التي اعتمدت لسنوات طويلة على مباريات الأحياء التي كانت تنتشر بكثافة، وكنا نطلق عليها «مباريات الحواري» وثمة أندية من هذا النوع حققت شهرة كبيرة من خلال إبرازها للنجوم، وقد اعتمدت أنديتنا لفترة طويلة على إنتاج الحواري، بل إن أفضل من لعب للأندية والمنتخبات السعودية حتى يومنا هذا هم من بدأوا وانطلقوا من الأحياء واختطفتهم الأندية وكسبتهم المنتخبات، وهناك من لعب للمنتخب وهو لم يمض مع ناديه إلا عدة أشهر.
قبل أيام أهدتني وزارة التربية والتعليم ملفا جميلا يتضمن توصيات ندوة «الاستراتيجية الوطنية لتطوير الرياضة المدرسية».
وكنت شخصيا أحد أكثر من كتب وطالب بضرورة الاهتمام بالرياضة المدرسية ووضع استراتيجية وطنية شاملة؛ من أجل النهوض بالرياضة المدرسية على اعتبار أن المنافسات المدرسية إحدى أهم محطات صناعة البطل الذي نبحث عنه، كما أن منافسات الأحياء لا تقل أهمية؛ ومن هنا بات لزاما على المسؤولين والمعنيين الاهتمام بمباريات الأحياء أيضا لأنها أساس رياضة الاختيار المبكر، وتكمن أهميتها في الحرية والارتياح وقضاء أطول وقت للتعلم واستعراض المهارات الفردية.
لقد قضينا على مباريات الحواري ولم ندرك مدى أهميتها، وربما كان هذا الإهمال أحد أسباب إخفاقاتنا في السنوات الأخيرة، غابت المواهب وتفرغ صغارنا للمشاهدة فغابت كرة القدم الجميلة.
وإذا كان الفيفا يخشى انتهاء كرة القدم الجميلة «هناك» فإن كرة القدم الجميلة غابت «هنا»!
>>منتخبنا لكرة القدم تحت 17 سنة خسر 4 / 1 أمام منتخب العراق في بطولة عربية «رسمية»!!
وماذا بعد؟!
لي عودة قريبة بإذن الله.