الرئيس المصري ردا على العلاقات مع إيران: ليس لدينا عداوة أو ضغينة مع أي دولة

بحث مع الرئيس التونسي علاقات البلدين.. وكلينتون تبدأ اليوم زيارتها لمصر

رئيسا مصر وتونس في مؤتمرهما الصحافي في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

أشاد الرئيس المصري محمد مرسي عقب مباحثاته أمس مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي، بالمد الثوري العربي الذي بدأ من تونس وتوج بالثورة الكبرى في مصر، مؤكدا عمق العلاقات بين الشعبين المصري والتونسي.

ووصل الرئيس التونسي إلى القاهرة أمس في زيارة لمصر تستمر يومين، وتعتبر هي الأولى لرئيس دولة يلتقيه الرئيس المصري الجديد في أعقاب تسلمه مهام منصبه، ويلتقي المرزوقي خلال زيارته عددا من كبار المسؤولين، كما يعقد لقاء بقصر القبة مع عدد من الأدباء والمثقفين ورموز القوى الوطنية، وممثلي الجالية التونسية بالقاهرة، كما من المقرر أن يقوم بزيارة لميدان التحرير صباح اليوم.

وقال مرسي في مؤتمر صحافي عقده الرئيسان عقب لقائهما أمس بمقر قصر الاتحادية بالقاهرة، إن تونس هي الزهرة الأولى التي تفتحت في ربيع الثورات العربية، مؤكدا عمق العلاقات بين الشعبين، اللذين تجمعهما أهداف مشتركة في الحرية والتنمية.

وفيما يتعلق بالقضية السورية، قال الرئيس مرسي إن مصر تدعم الشعب السوري في كفاحه وثورته وضد إراقة دمائه وضد التدخل العسكري أيضا بسوريا، موضحا أن هناك آليات يجب أن تتخذ لكي نحقن دماء الشعب السوري. وأكد مرسي أن هناك طرقا أخرى ومختلفة لدعم الشعب السوري، بينما قال المرزوقي إن هناك توافقا كليا بين الرؤية التونسية والرؤية المصرية فيما يخص مأساة الشعب السوري وإنهما اتفقا أن السلام في سوريا لن يتحقق إلا بتمكين الشعب السوري من خياره وهو التخلص من الاستبداد، وهي قضية لا جدال فيها، حسب تصريحات المرزوقي.

وردا على سؤال حول تصريحاته في جدة مؤخرا بأن مصر والسعودية حاميتا الإسلام السني الوسطي، قال مرسي: «عندما قلت إن المملكة العربية السعودية راعية لمشروع أهل السنة والجماعة وإن مصر حامية له، لم أقصد على الإطلاق أن أذهب بأي فعل أو قول سلبي ضد أي أحد».. مشددا في الوقت ذاته على أن مصر ليس لديها أي عداوة أو ضغينة مع أي دولة.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ولا سيما الخلاف بين الفصائل الفلسطينية (فتح وحماس)، أكد الرئيس مرسي أن مصر تقف على مسافة واحدة بين جميع الفصائل الفلسطينية، مشددا على أن الفصائل الفلسطينية هي التي لها الحق في تقرير مصيرها وتحديد علاقتها مع بعضها البعض.

وأوضح أن مصر داعمة للقضية الفلسطينية من الأساس، وتسعى إلى أن تكون الداعم الحقيقي في اتفاق الفصائل الفلسطينية، مشددا على حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية - كما يريد الشعب الفلسطيني - بأيدي الشعب الفلسطيني.

وردا على سؤال عن ماهية آليات حل الأزمتين السورية والفلسطينية، قال الرئيس التونسي إن «آليات حل الأزمة السورية هي التواصل والضغط واتخاذ نفس المواقف في كل المجالات الدبلوماسية لأن مصر بطبيعة حالها لها وزن كبير، وتونس تزيد من تأكيد المواقف».

وفيما يخص دعم العلاقات المصرية - التونسية - الليبية، قال الرئيس محمد مرسي «ليبيا في القلب.. ليبيا كانت هي المحطة الثالثة للربيع العربي، وجرى فيها ما جرى من دماء.. ونتمنى أن يتوقف سفك الدماء في سوريا حتى لا يجري فيها ما حدث في ليبيا».

من جانبه أكد الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي أن مصر وتونس تجمعهما أهداف مشتركة هي الحرية والتنمية، وهناك توافق بين البلدين على إنهاء مأساة الشعب السوري والتخلص من الاستبداد الذي يعاني منه والوصول هذا الشعب إلى ما وصلت إليه مصر وتونس، ورفض أي تدخل عسكري خارجي «فالتدخل العسكري لن يزيد الطين إلا بلة».

من جانبه، قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي إنه يسعى لتحقيق المزيد من التكامل بين البلدين، وإن العهد الذي كانت تونس تدير فيه الظهر إلى مصر والعكس قد ولى، والآن ما يجمع البلدين أكبر وأقوى، وهناك أمل لدى الشعوب في حكوماتها وأنظمتها، مؤكدا أن الثورات العربية في طريقها إلى مزيد من التكامل.

وأضاف الرئيس التونسي: «المهم الآن هو أن الحواجز بين الشعوب العربية قد سقطت تماما». ووجه المرزوقي الدعوة للرئيس مرسي لزيارة تونس، فيما رحب الرئيس مرسي بذلك مؤكدا أنه سيلبي الدعوة في أقرب فرصة، مرحبا بوجود الرئيس التونسي اليوم في بلده الثاني مصر.

وفي غضون ذلك واصل المنصف المرزوقي الرئيس التونسي مواجهة المزيد من الانتقادات على مستوى المشهد السياسي التونسي، فبعد الأزمة التي نجمت بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة على أثر تسليم البغدادي المحمودي لآخر رئيس وزراء ليبي، عادت التعليقات من جديد بعد الغياب اللافت للمرزوقي عن افتتاح المؤتمر التاسع لحركة النهضة المنعقد من 12 إلى 15 يوليو (تموز) الجاري. وتم الإعلان بعد يوم واحد عن زيارته إلى مصر خلال يومي 13 و14 من نفس الشهر في ظل تنامي مجموعة من المشكلات السياسية ممثلة في النظام السياسي المنتظر اختياره في تونس، وكذلك احتجاجات الشارع التونسي ضد الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء خلال هذه الفترة. وربطت بعض التعليقات بين الاستقبال الفاتر للمرزوقي وامتناعه عن الحضور في افتتاح المؤتمر التاسع لحركة النهضة. ووجهت الأقلية المعارضة انتقادات حادة إلى الرئيس التونسي بسبب تخلف كمال الجنزوري رئيس الوزراء المصري عن استقباله في مطار القاهرة وتعويضه بحسن يونس وزير الكهرباء في ظل انقطاعات متكررة للكهرباء في تونس.

من ناحية أخرى، تبدأ وزيرة الخارجية الأميركية اليوم (السبت) أولى زياراتها الرسمية لمصر بعد تولي مرسي مهام منصبه رسميا، وأكدت آن باترسون، السفيرة الأميركية بالقاهرة، أن زيارة كلينتون مهمة للغاية، مشيرة إلى اهتمام كلينتون جدا بالزيارة، التي ستلتقي خلالها الرئيس مرسي وعددا آخر من رموز المجتمع المدني.

وأعربت باترسون في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، عن قناعتها بأن الزيارة ستكون ناجحة. وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية باتريك فينتريل، قد أعلنت عن تطلع واشنطن لإنجاح عملية التحول في مصر على نحو يلبي تطلعات الشعب المصري ويفي بوعود الثورة، مشيرة إلى أن كلينتون ستبحث مع الرئيس مرسي ومستشاريه المجالات المحددة التي يمكن أن تساعد فيها الولايات المتحدة، وأن التركيز الرئيسي لعمل الإدارة الأميركية في المستقبل سيهدف إلى توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والتجاري مع مصر من أجل مصالح البلدين.

وعلق الدكتور عبد الغفار شكر، القيادي البارز بحزب التحالف الاشتراكي الشعبي، على تحركات مرسي الخارجية في ذلك التوقيت، قائلا: «إن لقاء مرسي برئيسه تونس تم خلاله مناقشة أوجه التعاون المختلفة وتحدث الدكتور مرسي عن تطوير التجارة البينية بين البلدين وتحقيق الربط الكهربائي بين مصر وتونس» وتابع: «أعتقد أن هذا الأمر مهم والربط بين تونس وليبيا ومصر ممكن أن يخلق كيانا اقتصاديا متكاملا يفيد جميع الأطراف».

وفيما يتعلق بزيارة كلينتون قال شكر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إنه من المؤكد أن كلينتون جاءت لتستطلع الوضع بعد فوز مرسي بالرئاسة ومعرفة مواقفه من القضايا التي تهم الولايات المتحدة الأميركية وأيضا توضيح السياسة الأميركية لمرسي سواء بالنسبة لعلاقاتها بمصر أو علاقاتها بالمنطقة ككل».

وأضاف شكر: «أعتقد أن العلاقات المصرية الأميركية كبيرة للغاية وواسعة جدا وأميركا يهمها في المنطقة تحقيق مصالحها وعلى رأسها أمن إسرائيل ومصر أيضا يهمها أن تستقر علاقتها بالولايات المتحدة بحيث لا تتعرض لضغوط من أميركا، كما أن الطرفين يهمهما استقرار وأمن منطقة الخليج وأن القيادة السياسية الجديدة في مصر تعي الأبعاد الكبيرة للعلاقات المصرية الأميركية، والإخوان المسلمين في تفاوض مستمر مع الولايات المتحدة وهم يعلمون جيدا ماذا تريد من مصر». وأعرب شكر عن تفاؤله بخط سير السياسة الخارجية المصرية وقال إن «مرسي في مرحلة استطلاع للمواقف قبل ما يتم صوغ سياسة خارجية تعبر عن رؤية جماعة الإخوان المسلمين وليس الدكتور مرسي شخصيا لأنه عضو في جماعة سياسية كبيرة لها مواقفها ورؤيتها وهو أيضا رئيس مصر ويمثل الشعب ومصالحه وهو ما سيحدد الملامح الرئيسية للسياسة الخارجية المصرية في طورها الجديد».