قيادي كردي: العراق يواجه نفس الظروف التي أطاحت بثورة 14 تموز

في الذكرى السنوية لإعلان الجمهورية

عبد الكريم قاسم
TT

إن مجمل المناسبات الوطنية في العراق دخلت في الذاكرة الشعبية الكردية طي النسيان والإهمال، حتى غدت ذكرى إعلان الجمهورية العراقية وهو اليوم الوطني للعراق تنتظر صدور قرار من حكومة إقليم كردستان يعلنه عطلة رسمية قبيل أيام من موعد حلولها، فهذا العيد الوطني الذي كان مقررا له كعطلة رسمية في عموم أنحاء العراق كأمر مسلم به، لم يدرج في كردستان ضمن جدول العطل الرسمية بالإقليم، وينتظر كل سنة صدور قرار خاص بجعلها عطلة.

ورغم أن إحدى أهم الثورات الكردية التحررية اندلعت في ظل حكم زعيم ثورة 14 يوليو (تموز) عبد الكريم قاسم، فإن ذلك لم يمنع الكثير من القادة والسياسيين الكرد أن يؤكدوا اعتزازهم بالثورة التي حررت العراق من الاستعمار الأجنبي، وبنت عراقا جديدا في ظل حكم وطني نزيه، ومنهم زعيم الثورة الكردية القائد الكبير الملا مصطفى البارزاني الذي كشف قيادي كردي ينتمي إلى جيل ثورة سبتمبر (أيلول) التي اندلعت بقيادة مصطفى البارزاني عام 1961 أثناء حكم قاسم أن «الزعيم بارزاني كان مترددا منذ البداية عن إعلان الثورة الكردية المسلحة في جبال كردستان، ويرى أن يعطى المزيد من الوقت للحوار والتفاوض بدلا عن اللجوء إلى السلاح، ولكن الغلبة كانت في صالح القيادات السياسية الأخرى التي سارعت بالالتحاق بالجبل وإعلان الثورة هناك». وقال القيادي الكردي الذي طلب عدم الكشف عن هويته «في ذلك الوقت كانت هناك مواقف متسرعة لإعلان الثورة الكردية قادها الأستاذ شمس الدين المفتي ومعه السكرتير السابق للحزب الديمقراطي الكردستاني إبراهيم أحمد والرئيس الحالي جلال طالباني وعمر مصطفى المعروف بـ(عمر دبابة) وغيرهم من القيادات المحسوبة على جناح المكتب السياسي آنذاك، حيث سارعوا بالالتحاق بجبال كردستان وإعلان الثورة ضد حكم قاسم من هناك، وكان موقف المرحوم الملا مصطفى هو التريث لحين استتباب الأمر للقيادة العراقية الجديدة وإعطائها المزيد من الوقت من خلال مواصلة الحوار لتلبية المطالب الشعبية المشروعة للشعب الكردي، ولكن للأسف كانت الغلبة لذلك الجناح السياسي، وكان ذلك بداية لظهور الخلافات بين قيادات الحزب مهدت لحدوث الانشقاق المعروف عام 1964 بخروج جناح المكتب السياسي بقيادة إبراهيم أحمد وجلال طالباني من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني».

ودعم هذه المعلومات القيادي بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني عادل مراد الذي بادر بإرسال رسالة تهنئة بالذكرى السنوية ثورة 14 تموز في مهرجان ينظم ببغداد اليوم. وأشار مراد في رسالته إلى «أن ذكرى ثورة 14 تموز المجيدة بقيادة ابن الشعب البار المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم عزيزة على قلوبنا، إذ نستحضر فيها ذكريات جميلة لثورة دكت قلاع الحكم الأجنبي في بلادنا وحررت العراق من المعاهدات والأحلاف المشينة التي كبلت العراق وألحقته بركب الدول الاستعمارية المعادية لمطامح شعبنا في المضي قدما لتحقيق مجتمع يسوده الأمن والرفاهية. وأحدثت هذه الثورة تغييرا هائلا في ميزان القوى لصالح شعوب المنطقة التواقة للتحرر من الاستعمار. فقد حررت العراق من الهيمنة الإمبريالية بإخراجه من حلف بغداد، وأرست قواعد صناعة نفطية وطنية بإصدار قانون تشكيل شركة النفط الوطنية كي تقوم باستثمار المناطق النفطية المسحوبة من شركات النفط الأجنبية بموجب قانون 80 لتوجه ضربة قاصمة للدول التي استحوذت على مواردنا، وحققت قانون الإصلاح الزراعي ووزعت الأراضي على الفلاحين الفقراء في جميع أنحاء العراق ووضعت حدا لطغيان الإقطاع في جميع أنحاء العراق وكردستان بشكل خاص».

وتحدث القيادي بحزب طالباني عن موقف زعيم الثورة الكردية في الدفاع عن الثورة العراقية بالقول: «إزاء الخطوات التي أقدمت عليها الثورة، تكالبت القوى الرجعية العربية والكردية وحزب البعث الفاشي بشكل خاص وقوى قومية مدعومة من الرئيس (المصري الراحل) جمال عبد الناصر وبقايا النظام الملكي المدعومين من شاه إيران وبعض الأوساط الاستعمارية البريطانية والأميركية، وقوى رجعية محلية ألحقت بها ثورة تموز أضرارا جراء سن وتطبيق قانون الإصلاح الزراعي انبرت قوى وطنية منها، الأحزاب الديمقراطية كالحزب الشيوعي العراقي، والحزب الوطني الديمقراطي، والحزب الديمقراطي الكردستاني للدفاع عن الثورة عندما برزت أولى محاولة رجعيه للانقضاض على الثورة والتي تمثلت في حركة الشواف في الموصل عام 1959 وناظم الطبقجلي في كركوك. فقد أقدمت القوات الكردية بقيادة المرحوم ملا مصطفى البارزاني على قمع المتمردين ضد الثورة. وأقولها للتأريخ بأن الشعب الكردي حقق مكاسب قومية في ظل تلك الثورة، منها سن دستور يؤكد أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية. كما تجسد هذا النص الخالد في شعار الجمهورية العراقية المزين بالسيف العربي والخنجر الكردي».

وربط القيادي الكردي بين ما حصل في تلك الثورة من التفاف على الحكم الثوري، وما يحصل اليوم من جراء أزمة سياسية تهدف إلى إسقاط الحكومة التي يقودها نوري المالكي، مشيرا إلى «أن العراق يواجه اليوم حملة ظالمة من بعض الدول الطائفية التي صدرت وتصدر الإرهاب إلى عراقنا لقتل الآلاف من العراقيين الأبرياء. فتلك الدول والقوى الإرهابية الدموية لا تتحمل ديمقراطيتنا الفتية، ولذلك أقول: إننا نواجه اليوم مؤامرة إقليمية، فما أشبه اليوم بالبارحة، فقبل نصف قرن تكالبت القوى الرجعية في المنطقة مع عملائها المحليين ضد ثورة 14 تموز، وها هي نفس القوى تعيد الكرة ضد عراقنا. ولذلك علينا ألا نتهاون في الدفاع عما حققناه خلال الفترة الماضية ونحن ما زلنا في بداية المسيرة. علينا أن نعمل على قطع الأيادي التي تريد أن تعبث بأمن بلدنا وتسعى لتصدير الحروب الطائفية البغيضة لعراقنا. فقد كان سقوط ثورة الرابع عشر من تموز انتكاسة تاريخية أعقبها حكم ديكتاتوري بغيض ألحق الدمار بكافة مناحي الحياة. لقد انتصرت قوى الشر على ثورة 14 تموز لأسباب عدة وأقولها بصراحة إن مواقف بعض القوى الوطنية من الثورة في حينها وتخليها عن مساندتها وتحالفها مع القوى المضادة للثورة كانت في مقدمة الأسباب التي أسقطت الثورة وأدخلت العراق في فترة مظلمة من تاريخ شعبنا. لذا علينا أن لا نسمح للتاريخ أن يعيد نفسه على أرضنا. ولنكن عيونا ساهرة لقطع الدابر على أعداء العراق الخارجيين والداخليين».

وأشار مرالد إلى موقف حزبه والرئيس طالباني مما وصفه بالمؤامرة قائلا: «إن شعبنا الكردي والرئيس جلال الطالباني مصممان على الدفاع عن العراق الديمقراطي الفيدرالي والحكومة الإقليمية في كردستان والدستور الذي كتبه الشعب العراقي في أقسى الظروف التاريخية، ونعلنها اليوم بأن المؤتمر الوطني العراقي قادر على حل المعضلة الملتهبة، والجبهة الوطنية والديمقراطية العراقية العريضة، هي الحل الأمثل للانتخابات القادمة، فهي قادرة على تجاوز الطائفية والعنصرية والإتيان ببرلمان ديمقراطي غير طائفي يحقق الديمقراطية ويقبر الطائفية المدمرة ويحقق الحقوق الكاملة لشعب كردستان بكل شفافية وعدالة».