مساعٍ غربية للتصويت في مجلس الأمن رغم التهديد الروسي بالفيتو

مصادر دبلوماسية أوروبية: لن نساوم على الفصل السابع وغرضنا ليس إحراج الروس بل وقف المجازر

آلاف المحتجين خرجوا بحماه أمس احتجاجا على مجزرة التريمسة (أ.ف.ب)
TT

يتجه مجلس الأمن الدولي إلى معركة «تكسير عظام» بسبب الخلاف الناشب حاليا بين الغربيين ممثلين بالأعضاء الثلاثة دائمي العضوية «الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا وبريطانيا ومعهم البرتغال» من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى. وبعد يومين من المناقشات المكثفة حول طبيعة ومحتوى وشراك القرار المفترض أن يصدر عن المجلس قبل العشرين من الشهر الحالي ليقرر مصير بعثة المراقبين الدوليين، ومهمة المبعوث العربي الدولي كوفي أنان وخطته، يبدو أن الأمور وصلت إلى طريق مسدود.

وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية واسعة الاطلاع على ما يدور في نيويورك من مداولات، إن الغربيين مصممون على الذهاب إلى طرح مشروع القرار الذي تقدموا به يوم الخميس الماضي مباشرة عقب مداخلة كوفي أنان على التصويت، حتى لو أدى ذلك إلى استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) لإجهاضه.

وينص مشروع القرار الغربي الموضوع تحت الفصل السابع على إعطاء قوى النظام الأمنية مهلة عشرة أيام لإخراج أسلحتها الثقيلة والانسحاب من المدن والعودة إلى ثكناتها ووقف القصف الذي يستهدف المدن والقرى تحت طائلة فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية «فورية» وفق ما تنص عليه الفقرة 41 من الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة. وتلحظ هذه الفقرة عقوبات متنوعة لكنها لا تنص على استخدام القوة المسلحة لفرض احترام القرار الدولي.

ويمدد مشروع القرار مهمة المراقبين الدوليين 45 يوما «بدلا من 90 يوما التي يقترحها الروس» كما أنه يضع خطة أنان تحت الفصل السابع التي يدعو الطرفين (النظام والمعارضة) إلى تطبيقها بما فيها الوقف الفوري لكل أعمال العنف، والانطلاق بعملية الانتقال السياسي بموجب ما نصت عليه «ورقة جنيف» الصادرة عن «مجموعة العمل» نهاية الشهر الماضي. وأفادت المصادر الغربية أن الغرض ليس إحراج الروس والصينيين، بل تبني قرار دولي من شأنه وقف المجازر المتواصلة في سوريا؛ لأن التجربة أظهرت أن القرارات «المائعة» الصادرة عن مجلس الأمن لم تكن كافية، وحان الوقت ليتحمل كل طرف مسؤولياته.

وسبق للروس والصينيين أن استخدموا مرتين حق النقض لإجهاض مشروعين تقدم بهما الغربيون بشأن سوريا. غير أن واشنطن وباريس ولندن يريدون المواظبة على محاورة الجانب الروسي سعيا وراء إقناعه بالحاجة إلى التجاوب مع ما طلبه كوفي أنان الذي طالب المجلس يوم الخميس الماضي بتشديد الضغوط المشتركة والمتواصلة على طرفي النزاع والتلويح بتدابير واضحة في حال عدم تجاوبهما. وبالنظر إلى المجزرة الأخيرة بالقرب من حماه، يرى الغربيون أنه يتعين على النظام القيام بالخطوة الأولى، أي سحب الأسلحة الثقيلة وإخراج القوات من المدن ووقف القصف وأعمال العنف.

ويعكس عزم الغربيين بالذهاب إلى التصويت رغبتهم في «امتحان الروس» واختبار ما يريدونه حقيقة بعد التصريحات والإشارات التي صدرت عنهم، والتي توحي كلها بأنهم آخذون في تغيير موقفهم. وفي هذا الصدد، قال مصدر فرنسي رفيع المستوى، إن الروس يبعثون بإشارات عن تطور موقفهم إزاء النظام السوري والخروج من المأزق، ولكن عندما تحين الساعة يعودون إلى ردود فعلهم القديمة.

وكانت العواصم الغربية قد رفضت مشروع القرار الذي تقدمت به روسيا في نيويورك يوم الأربعاء معتبرة أنه «دون المستوى المطلوب» وتحديدا لأنه يتجاهل الفصل السابع. وبالمقابل، أبدت المصادر الغربية «مرونة» بشأن مهلة الأيام العشرة التي يمكن إعطاؤها للنظام. وتساءلت هذه المصادر قائلة: «هل يريد الروس أن يكونوا مسؤولين عن حرب أهلية حقيقية، يبدو أن الوضع متجه إليها في سوريا؟ وبرأيها أن الروس يتخذون القرار الخاطئ ولأسباب خاطئة».

ومن جهته أعلن مساعد المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، إيغور بانكين، أن فرض العقوبات على النظام السوري خط أحمر ينبغي عدم تجاوزه، فيما هددت سفيرة الولايات المتحدة، سوزان رايس، بعدم تمديد مهلة بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا، ما لم يستخدم المجلس العقوبات للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لوقت العنف.

ويستبقي أنان الدول الخمسة عشر الأعضاء في مجلس الأمن حتى العشرين من يوليو (تموز) الحالي للاتفاق على قرار جديد حول الوضع في سوريا ومستقبل بعثة المراقبين.

وأمس، أصدرت الخارجية الفرنسية بيانا دعت فيه كل أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم في مواجهة المأساة السورية، في إشارة ضمنية إلى روسيا والصين. وأعلنت باريس أنها ترغب في توفير «أوسع أكثرية» من أعضاء المجلس لدعم مشروع القرار الغربي معتبرة أن «التشدد» الذي طالب به أنان يجب أن ينعكس في ما ينص عليه الفصل السابع من غير الوصول إلى استخدام القوة العسكرية.

ولا تبدو المصادر الغربية «متحمسة» للنتيجة التي عاد بها أنان من جولته في كل من سوريا وإيران والعراق، وتحديدا بالنسبة لما قاله عن توصله إلى «مقاربة أمنية مشتركة» مع الرئيس الأسد لوضع حد للعنف، ورأت في ما حصل في التريمسة «تكذيبا» لما اقترحه الأسد الذي «يعد ولا يفي» فضلا عن أنه يقبل كل المبادرات ولا ينفذ أيا منها. ولذا، تدعو هذه المصادر إلى «الحزم» في التعامل مع النظام السوري لتفادي الحرب الأهلية التي ستخرج عن النطاق السوري، وتصيب البلدان المجاورة مشيرا إلى لبنان والأردن وتركيا والعراق.