أمين عام وزارة البيشمركة: قد نضطر لتوقيع عقود سلاح على غرار العقود النفطية

الفريق ياور لـ «الشرق الأوسط» : قد تصل الأمور إلى حد القطيعة إذا لم تحل الخلافات

TT

أكد أمين عام وزارة البيشمركة بحكومة إقليم كردستان، الفريق جبار ياور، أنه «في حال ظلت المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد على حالها، وامتنعت الحكومة العراقية عن تجهيز قوات البيشمركة بالأسلحة والمعدات الضرورية، فإن من حق حكومة الإقليم أن تبحث عن مصادر أخرى للتسليح والتدريب والتجهيز على غرار اضطرارها تحت ضغط تلك الحكومة بقطع الميزانية عن الإقليم إلى توقيع العقود النفطية»، مستدركا: «إن هذا الخيار، على الرغم من صعوبته علينا، يبقى هو خيار المضطر في حال رفضت الحكومة العراقية شراكتنا لها في إدارة شؤون البلاد والدفاع عنها».

وتساءل الفريق ياور في حوار مع «الشرق الأوسط» جرى بمكتبه بوزارة البيشمركة في أربيل قائلا: «إن قادة العراق يؤكدون دائما أن إقليم كردستان هو جزء من العراق، وأن الأكراد هم شركاؤنا في الحكم، فإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن تكون لقوات البيشمركة الكردية نفس الحق في التسليح والتجهيز من قبل وزارة الدفاع العراقية، فلماذا تسلح الحكومة العراقية قوات الشرطة والأمن، وتسلح جيشها من بنادق (الكلاشنيكوف) إلى طائرات (إف 16)، ولا يحق للبيشمركة التي هي جزء من منظومة الدفاع العراقية ذلك الحق بالتسليح والتجهيز والتدريب». واستطرد قائلا: «نحن في قيادة الإقليم نقر ونعترف بأن كردستان، أرضا وسماء، هي جزء من العراق، ألا ينبغي وفقا لذلك أن يكون لنا ما لهم وعلينا ما عليهم؟ نحن لا نريد تسليح البيشمركة لشن حرب على العراق أو تهديد دول الجوار، بل إن من صلب مهامنا كجزء من منظومة الدفاع الوطني أن ندافع عن حدودنا، وهي بالتبعية حدود العراق، ففي حال عدم قدرتنا على الدفاع عن أرضنا وسمائنا فإننا سوف نفقد السيطرة الأمنية في منطقتنا، وهذا ما سيعرض العراق لأكبر المخاطر».

وتابع ياور: «إن المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد تنذر بمخاطر كبيرة في حال عجزت الحكومتان عن حلها، وعليه فأنا أعتقد أن إبقاء تلك المشاكل بدون معالجات جذرية سيعقد الأمور أكثر مما هي عليه الآن، هذه المشاكل تهدد العلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وقد تصل إلى حد القطيعة في حال لم تعالج بحكمة وروية وبإرادة سياسية حريصة على وحدة العراق، فهناك خلل كبير في تلك العلاقة سأجملها ببعض النقاط الأساسية، في البداية أشير إلى الخلل الحاصل في التمثيل القومي داخل الجيش العراقي، فالمادة التاسعة من الدستور تنص على ضرورة تمثيل المكونات داخل الجيش وفقا لنسبهم السكانية، وبما أن الكرد لهم حصة 17 في المائة من ميزانية الدولة وفقا لإحصائهم السكاني، إذن يفترض أن تكون هذه النسبة متحققة داخل الجيش، ولكن لحد الآن لم تتجاوز النسبة 3 - 5 في المائة، وهذا خلل كبير. النقطة الثانية هي محاولة الحكومة العراقية إحكام سيطرتها على تشكيلات الجيش، ففي السابق كانت هناك لجان مشتركة من الجيش والبيشمركة والقوات الأميركية التي كان دورها إشرافيا على القوات المشتركة، ولكن لاحظنا مؤخرا محاولات من قيادات الجيش لإخراج الأميركيين من المعادلة بدعوى تحويل دورهم من الإشراف إلى التنسيق، وذلك لاستفرادهم بإدارة العمليات، وهذا ما أثار قلقنا ومخاوفنا. النقطة الثالثة التي تندرج في إطار تعزيز مخاوفنا هي الموجة اللافتة بإعادة ضباط الجيش من العناصر البعثية السابقة، هؤلاء يعودون إلى مراكزهم السابقة في الجيش على الرغم من أن معظمهم مشمولون بقانون الاجتثاث، لدينا معلومات عن أن 423 ضابطا بعثيا سابقا موجودون حاليا في مختلف صنوف وتشكيلات الجيش العراقي، من بين هؤلاء عدد كبير من المتورطين في عمليات إرهابية، فقد لاحظنا أنه مع اشتداد الصراعات السياسية يخرج هؤلاء بعمليات إرهابية بتفجير حسينية شيعية أو مسجد سني، ونحن نعتقد أن إعادة هؤلاء الضباط البعثيين الذين عانى منهم الشعب الكردي بسبب كونهم أداة النظام السابق في ارتكاب جرائمه ضد شعبنا سيصب المزيد من الزيت على نار الخلافات القائمة في العراق، وعلى الرغم من أن هناك مادة دستورية تنص على أن يكون تعيين القادة الكبار وقادة التشكيلات العسكرية بموافقة البرلمان العراقي، فإن معظم قيادات الجيش تم تعيينهم بقرار من القائد العام، وهو السيد نوري المالكي».

وأشار الفريق ياور إلى غياب أعضاء اللجان العليا المشتركة عن حضور الاجتماعات الدورية، وقال: «فيما عدا اجتماع واحد عقدناه عبر الدائرة التلفزيونية، لم يعقد أي اجتماع بين اللجان العليا الوزارية والعسكرية المشتركة، وفي ذلك الاجتماع أبلغنا نظراءنا العراقيين بأننا يجب أن لا نكون جزءا من الصراعات السياسية، كما ينص الدستور على ذلك، ولكن للأسف هذه التصرفات وغيرها تثير مخاوفنا من العلاقة المستقبلية التي ندعو الله أن لا تصل إلى حد القطيعة».

وأشار أمين عام وزارة البيشمركة الكردية إلى إجراءات لقيادة الجيش كانت تنذر بوقوع حرب داخلية، وقال: «كانت هناك إجراءات أثارت قلقنا في وقت سابق، منها استقدام كتائب المدفعية 122 ملم إلى قرب المناطق المتنازعة، منها كتيبة مدفعية إلى المنصورية بمحافظة ديالى، وأخرى جنوب غربي كركوك, وفوج عسكري إلى قضاء سنجار بمحافظة الموصل، كما وردتنا معلومات بأن قيادة الجيش وزعت عتادا وتجهيزات للخطين الأول والثاني على القوات المرابطة قرب تلك المناطق، وفي السياقات العسكرية فإن مجرد توزيع العتاد على هذين الخطين يعني الاستعداد لخوض الحرب، هذه الأمور عززت مخاوفنا، ودفعتنا إلى الاتصال بالسفارة الأميركية والبعثة الدولية للأمم المتحدة بالعراق. عليه أود في الختام أن أؤكد أن بقاء الخلافات في المناطق المتنازعة من شأنه أن ينعكس بشكل سلبي على العلاقة بين أربيل وبغداد، ومن المحتمل أن يتحول الصراع السياسي هناك إلى صراع مسلح سيلحق أفدح الأضرار بالعراق وبالشراكة الوطنية التي نسعى إليها، والتي يبدو أن الجانب الآخر لا يريدها، وهذا ما سيدفعنا في النهاية إلى البحث عن خيارات أخرى وإن كانت مرة».