مسلسل «عمر» بنسخته الكردية يخفف زحام الشوارع في مدن كردستان

العرض الفوري للحلقة المترجمة في اليوم الثاني لإذاعته عربيا

TT

المعروف عن الجيل الكردي الحالي أنه شغوف حد الهوس بالموضات المستوردة، حتى في عالم الفن، فهو يقلد المجتمع العربي اللاهث حاليا وراء المسلسلات التركية المدبلجة حتى أصبح «مهند» و«كريم» أشهر من كثير من الممثلين العرب في العصر الراهن. لذلك تتسابق التلفزيونات المحلية في كردستان على عرض الأفلام والمسلسلات التركية المدبلجة. وكانت المسلسلات المكسيكية والإسبانية هي التي تشغل الشباب الكردي في السنوات السابقة، ولكن اليوم تسيدت المسلسلات التركية وتنافسها المسلسلات الكورية على شاشات التلفزيونات المحلية الكردية، كما غزت شاشات الفضائيات العربية.

لكن اللافت أن مسلسلا عربيا يروي قصة عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني للمسلمين، الذي بدأت قناة محلية بعرض ترجمته الكردية بشكل فوري أعاد إلى الأذهان ذلك الهوس الكردي ببعض الأشياء وتحويلها إلى ظاهرة عامة، منها هذا المسلسل الذي تحول اليوم إلى ظاهرة فعلا في كردستان تخلي الشوارع وقت عرضها قبيل موعد الإفطار وفي وقت الإعادة المتأخرة بعد العشاء. الغريب هو النجاح الباهر الذي تمكنت قناة «SRT» المحلية من تحقيقه بسرعة الترجمة، حيث إن الحلقة التي تعرض عند التاسعة مساء في الفضائيات العربية، تكون مترجمة بالكامل في موعد أقصاه منتصف نهار اليوم التالي، ما يجعل المشاهد يقدر للعاملين في القناة جهودهم المتميزة هذه، كما يصفها نشأت حميد قائلا: «لقد كنا في الأعوام السابقة ننتظر عاما على الأقل لكي نرى مسلسلا مترجما أو مدبلجا إلى اللغة الكردية، ولكن ما شاهدناه هذا الشهر من العرض الفوري المترجم للكردية لمسلسل (عمر) يثير الدهشة والإعجاب، وبخاصة لسرعة الترجمة والطبع وعمليات المونتاج وغيرها من الأعمال المعقدة، ما يجعل هذه القناة تتفرد بهذا النجاح الكبير، ونأمل أن تتكرر تلك النجاحات». بمتابعة الحلقة الأولى المترجمة إلى الكردية لاحظت «الشرق الأوسط» كثيرا من الأخطاء عند الترجمة، ولكن هذه الأخطاء ناجمة عن سرعة الترجمة، كما قال كامران حسين، وأضاف: «بالطبع هذا جهد استثنائي أن تتمكن قناة محلية بإمكانيات متواضعة من القيام بعمل ضخم بهذا المستوى، ولذلك فإن القناة ألزمت نفسها بإعداد الحلقات اليومية مترجمة، مما لن يتيح مزيدا من الوقت والفرص للتدقيق اللغوي، المهم أن الترجمة لا تخل بالمبنى العام، هناك فعلا أخطاء في ترجمة بعض العبارات، ولكن المهم هو إيصال المعنى، ويكفي المتابع الكردي أن القناة توفر له هذه الخدمة المجانية دون مقابل».

بسبب انغلاق حدود إقليم كردستان على العراق منذ نجاح انتفاضتهم عام 1991، أصبح هناك جيل لا يكاد يعرف التحدث بعبارتين من اللغة العربية، لذلك يعتبر الشايب ريبوار (19 سنة) هذا الجهد مهما ومميزا، ويقول: «لولا الدبلجات والترجمات لكنا اليوم نعاني من فقر شديد في متابعة الأعمال الأجنبية، نشكر تلك القناة التي تبذل جهودا جبارة بإعداد الحلقات اليومية لهذا المسلسل الرائع». ويقول السيد محيي الدين علي وهو رجل يبلغ الثانية والستين: «أنا أعرف اللغة العربية ولا مشكلة عندي في فهمها مباشرة، ومتابعة هذا المسلسل من مصدره الأساسي، وهو قناة (إم بي سي) ولكني بالطبع أشجع وأثمن هذه الخطوة المهمة بالترجمة الفورية للمسلسل بما يتزامن مع عرضه باللغة العربية في الفضائيات، الشيء الذي استغربت منه وأثار ارتياحي بهذا المسلسل هو ظهور الممثلين وهم يجسدون شخصيات الصحابة، وهذه أول مرة يحدث ذلك، على حد علمي، لقد كنت حزينا جدا عندما سمعت أن هناك قرارا بمنع تجسيد الصحابة، وكنت أعتقد بأن العمل سيفقد متعته، ولكن الأمس رأيت تجسيد دور الصحابيين الكبيرين أبو بكر وعثمان وقبلهما عمر ففرحت كثيرا لزوال هذا القيد من الأعمال الفنية التاريخية تحديدا، وأنتظر المزيد من الإبداعات في تجسيد رموزنا الدينية والإسلامية بعد هذا العمل الدرامي الضخم».