«السجون» تنفذ حزمة برامج توعوية وثقافية في رمضان لدعم السجناء

اللواء الدكتور الحارثي لـ «الشرق الأوسط» : برامج لإشغال فراغ الموقوف بتنمية قدراته

إحدى دورات التأهيل للسجناء خلال فترة إمضائهم العقوبة (تصوير: فواز المطيري)
TT

استفاد غالبية السجناء من الأنشطة الرياضية والثقافية التي تقدمها المديرية العامة للسجون في السعودية، وشملت الأنشطة الرياضية التي أقرتها المديرية «كرة القدم، الطائرة، السلة، التنس، البلياردو»، في حين تركزت الأنشطة الثقافية على المحاضرات والمسابقات، الأعمال الفنية، المسرحيات والأمسيات الشعرية.

وتقدم إدارة السجون في المدن السعودية برامج متنوعة تهتم بتثقيف وتوعية السجناء، مع الاحتفاظ بصحتهم كما نصت لائحة الخدمات الطبية في السجون، التي تشدد على إقامة مستوصفات في السجون الرئيسية وتطويرها حتى تصبح مستشفيات تتوفر فيها جميع الأجهزة الضرورية لعلاج مختلف الحالات، إضافة إلى الرعاية الاجتماعية، مع الاهتمام بأسرة السجين ومساعدتها من قبل الجمعيات الخيرية.

وتنفذ المديرية برنامج الوعظ والإرشاد لبث الوعي الديني، وتدريس العلوم الدينية عبر المحاضرات والمواعظ مع التركيز، وتهيئة الأجواء للراغبين في حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وفيها يمنح مبالغ مالية للحفظة تصل إلى ألف ريال عن كل جزء، مع إيجاد واعظ ديني على أقل تقدير مؤهل لتحسين وتوعية سلوكيات السجناء.

وتشهد المملكة في هذا الشهر من كل عام (رمضان) حالة استثنائية بإطلاق المئات من السجناء في جميع المدن ضمن برنامج العفو، أو ما يطلق عليه في السعودية «المكرمة الملكية»، والمتضمن إعفاء السجناء من بعض محكومياتهم ومن الغرامات، كذلك سجناء الحقوق الخاصة الذين يثبت إعسارهم لدى الجهات القضائية، تقوم الحكومة السعودية بالسداد عنهم وإطلاق سراحهم.

وتستند عمليات الإفراج عن السجناء إلى المادة 25 من نظام السجن والتوقيف الذي أجاز الإفراج عن السجين الذي يمضي ثلاثة أرباع محكوميته، وكان خلال فترة وجوده بالسجن حسن السيرة والسلوك، شريطة عدم العودة لجريمة أخرى في فترة الإعفاء.

وفي هذا الصدد أقرت السعودية، بناء على أمر خادم الحرمين الشريفين، إعفاء السجين الذي يتمكن من حفظ القرآن الكريم غيبا أثناء فترة سجنه من باقي محكوميته، وهو ما انعكس بالإيجاب على نفسية السجناء التائبين، وأثبتت التقارير، وفقا لإدارة السجون، أن الحفظة لكتاب الله داخل السجن تكون عودتهم في قضايا بعد الإفراج شبه معدومة.

وقال اللواء الدكتور علي الحارثي، مدير عام السجون في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المملكة تهتم بأوضاع السجون وتقدم الدعم المادي والمعنوي لجهاز السجون لرعاية وإصلاح السجناء من خلال توفير عدد من البرامج الإصلاحية المتميزة التي تسهم في تقويم سلوكهم وإعادتهم للمجتمع.

وأضاف اللواء الحارثي أن المديرية العامة للسجون تكثف برامجها خلال شهر رمضان، وتتنوع هذه البرامج التي تنطلق من الصباح وحتى الليل، بداية بجلسات تحفيظ القرآن والبرامج الدعوية الدينية، وأخرى ترفيهية تتناسب واحتياج السجناء بعد الإفطار وتهدف لخلق أجواء مفعمة بالنشاط.

وفي إطار إخراج الطاقات وإبداع السجناء في مختلف الأنشطة، حددت المديرية العامة للسجون برامج أطلق عليها برامج «إشغال الفراغ» لتمكين الموقوفين من إبراز هواياتهم وتنمية قدراتهم في مجالات عدة، تتمثل في رسم المناظر الطبيعية باستخدام الفرشاة والألوان، كذلك الكتابة وفق برنامج «الخط العربي» الذي يرتكز على كتابة الآيات والأحاديث النبوية ضمن الخطوط المتعارف عليها «النسخ، الثلث، الديواني، الكوفي»، فيما يتجه عدد من السجناء للعمل في صحف الحائط بالتنسيق مع المشرفين على برامج الإصلاح، ويتم بعد إصدارها تعليقها في مواقع مختلفة من السجن.

ويتم التعامل مع السجناء وتنفيذ مهام وواجبات العاملين في السجون وفق نظام السجن والتوقيف السعودي الذي يتوافق مع قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء الصادرة عن الأمم المتحدة، ووفق القانون الاسترشادي الموحد للمؤسسات العقابية والإصلاحية بدول مجلس التعاون الخليجي، ويتماشى مع ما صدر من أنظمة عدلية بالسعودية.

ويستقبل السجناء في السجون مباشرة من جهات التحقيق وفق ضوابط محددة نصت عليها الأنظمة التي تحكم العمل في السجون، وفق إجراءات منها توفر أمر توقيف محدد المدة، وأن تكون قضيته من القضايا التي تستوجب التوقيف، مع ضرورة إرفاق المستندات والوثائق المطلوبة مع أمر التوقيف، فيما بعد تتم تهيئة السجين لبيئة السجن.

ويودع السجين في أيامه الأولى «عنبر» قاعة مخصصة داخل السجون لاستقبال السجناء الجدد، ويقيم لفترة لا تتجاوز 72 ساعة، يقدم السجين كل ما لديه للأمانات، ويجرى له كشف طبي يشمل حالته النفسية والاجتماعية، ومن ثم إطلاعه على أنظمة السجن للتعرف على ما له وما عليه داخل السجن.

ووفقا للمادة السابعة عشرة من نظام السجن والتوقيف تقوم وزارة الداخلية بالاتفاق مع الجهات المختصة عن التعليم والتوعية لوضع مناهج التعليم والتثقيف داخل السجون، مع مكتبة تحوي كتبا دينية وعلمية وأخلاقية، وتم التنسيق بين وزارتي الداخلية والتعليم حول مساهمة المثقفين والمفكرين في إصلاح وتوعية وإرشاد نزلاء السجون، على أن تقوم إدارة التعليم في كل منطقة بترشيح متخصص في «تربية إصلاحية، علم نفس، خدمة اجتماعية، علوم اجتماعية» بهدف عمل ندوات ومحاضرات لنزلاء السجون في كل منطقة.

وعاد اللواء علي الحارثي ليؤكد أن المديرية العامة للسجون تعمل على تحقيق التوعية الشاملة وعمل البحوث والندوات والمحاضرات وإقامة المعارض الخاصة بنشاطات المديرية العامة للسجون، وأعمال النزلاء وتسويق منتجاتهم، بهدف دعمهم وتطوير ما يمتلكونه من مخزون في كل الاتجاهات.

وكانت المديرية العامة للسجون وقعت في وقت سابق عقدا بمبلغ يتجاوز المليار ريال مع شركتي تغذية لتقديم وجبات الطعام الثلاث في جميع سجون مناطق المملكة، على أن تكون الأطعمة وفقا للاتفاقية من أجود أنواع الطعام، والتأكد من إجراءات النظافة وطرق الطهي، مع وصول الوجبة للسجين طازجة وساخنة، فيما تقدم في أيام الأعياد الولائم تماشيا مع العادات والتقاليد التي تنتهجها الأسر السعودية في المناسبات.