استقالة وزير المالية التونسي احتجاجا على التصاعد المفاجئ في نفقات الدولة

أعلن احتجاجه على الطريقة الاعتباطية لإقالة محافظ البنك المركزي

انفراج الازمة في سيدي بوزيد (نيويورك تايمز)
TT

أعلن وزير المالية التونسي حسين الديماسي (64 عاما) استقالته من منصبه بسبب خلاف مع الحكومة حول «السياسات المالية»، وذلك في بيان حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه.

وبرر الوزير استقالته بـ«تصاعد التباين بيني وبين أغلب أعضاء الحكومة بخصوص السياسات المالية، فبينما كنت متشبثا كل التشبث بسلامة المالية العمومية، دفع أغلب أعضاء الحكومة في اتجاه منهج سياسي انتخابي نتج عنه تصاعد فادح ومفاجئ في نفقات الدولة مقارنة بمواردها».

وبذلك أصبح الديماسي الذي تسلم حقيبة المالية في ديسمبر (كانون الأول) 2011، ثاني وزير يستقيل من حكومة حمادي الجبالي، أمين عام حركة النهضة الإسلامية، بعد محمد عبو وزير الإصلاح الإداري الذي استقال نهاية يونيو (حزيران) 2012.

ويرأس الجبالي (62 سنة) منذ 23 ديسمبر الماضي حكومة يطغى عليها وزراء من حركة النهضة التي فازت في انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد سقوط بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) 2011 إثر انتفاضة شعبية شكلت شرارة انطلاق «الربيع العربي».

واعتبر الديماسي أن «مشروع القانون الذي قدم مؤخرا لمجلس الوزراء والمتعلق بالعودة للعمل والتعويض للأشخاص المنتفعين بالعفو (التشريعي) العام وأولي الحق منهم، شكل الانزلاق الأخطر الذي أفاض الكأس»، محذرا من أن مشروع القانون هذا «سيفرز نفقات إضافية خانقة للمالية العمومية بالعلاقة مع العدد الضخم من المنتفعين والحجم المهول للتعويضات المنتظرة».

ولفت الديماسي، الذي تولى وزارة التكوين المهني والتشغيل في أول حكومة تم تشكيلها بعد الإطاحة بنظام بن علي، إلى أن «سن هذا القانون يتجاهل تماما الظروف الاقتصادية والمالية العصيبة التي من المتوقع أن تشهدها البلاد خلال السنوات القليلة القادمة».

ويطالب آلاف من الإسلاميين المنتمين إلى حركة النهضة الذين تم الزج بهم بالسجون في عهد الرئيس المخلوع بتعويضات «مادية» عن سنوات السجن. وتؤيد حركة النهضة مطالب هؤلاء.

من ناحية أخرى، قال الديماسي إنه «مستاء شديد الاستياء من الطريقة الاعتباطية والظالمة التي اتبعت لإقالة محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي، والتي سيكون لها تداعيات سلبية للغاية على هيبة الدولة وصورة البلاد داخليا وخارجيا».

وفي 18 يوليو (تموز) 2012 أقيل النابلي (64 عاما) من مهامه بقرار من الرئيس منصف المرزوقي ليتم تعويضه في 24 من الشهر نفسه بالشاذلي العياري (79 عاما) وسط انتقادات أحزاب معارضة وخبراء اقتصاد.

وأضاف الديماسي أنه «في هذا الظرف الصعب والدقيق، لا تزال للأسف هذه الممارسات المخلة بأبسط سنن التشاور والتنسيق متواصلة، حيث تم اقتراح (تعيين) محافظ جديد للبنك المركزي من دون أخذ رأي أهم المعنيين بالأمر، وبالخصوص وزير المالية». وكان مصطفى كمال النابلي اتهم السلطات بالسعي إلى «السيطرة» على البنك المركزي وضرب «استقلاليته».

وفي 30 مايو (أيار) الماضي فاز النابلي بجائزة «أفضل محافظ بنك مركزي في أفريقيا لسنة 2012» التي تمنحها مجلة «أفريكان بانكر».

وانتقدت وكالة «موديز» الاثنين بشدة إقالة مصطفى كمال النابلي، وقالت إن الإقالة ستتسبب في «مواصلة هز (ثقة) المستثمرين القلقين إثر ثورة العام الماضي».

ومن المنتظر أن تقرر الوكالة ما إن كانت ستخفض الترقيم السيادي لديون تونس الائتمانية أم لا.

الى ذلك وجه نجيب الغربي، القيادي في حركة النهضة، اتهامات لتيارات سياسية معارضة بالمشاركة في الأحداث الاحتجاجية التي شهدتها مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية أول من أمس، بسبب عدم خلاص أجور عملة الحظائر بالجهة. وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن وجود وجهين سياسيين لم يعلن عن اسميهما وينتميان إلى الأقلية المعارضة على حد قوله كانا في الصفوف الأولى التي اقتحمت مقر حركة النهضة بمدينة سيدي بوزيد وأتلفت محتوياته.

وقال الغربي إن حركة النهضة تدين ما سماه بـ«عملية الاستغلال الرخيص للمطالب المشروعة للعمال»، وأرجع تردي الأوضاع في تلك المدينة إلى «تراخي الجهات في تحمل مسؤولياتها». وأضاف الغربي أن حركة النهضة تؤكد حقها في تتبع الأشخاص المتورطين في عمليات اقتحام مقر المكتب الجهوي لحركة النهضة بمدينة سيدي بوزيد، كما أنها ستتابع عبر القضاء كل من حرض على اقتحام المقر وإتلاف محتوياته وتعنيف أفراده.

وبشأن الوضع الأمني في سيدي بوزيد، قالت مصادر مطلعة من مركز الولاية - المحافظة - إن الوضع يسير نحو الانفراج بعد تعجيل السلطات الجهوية بصرف أجور العاملين في الحظائر بعد أن تعطلت لمدة شهرين. وانطلقت عمليات الخلاص في مرحلة أولى لتشمل مناطق في ولاية – محافظة - سيدي بوزيد من بينها معتمديتي الغربية وسيدي بوزيد الشرقية. ورصدت السلطات التونسية بصفة فورية مبلغ 400 ألف دينار تونسي (نحو 280 ألف دولار أميركي) لخلاص عمال الحظائر على أن يقع الاعتماد لاحقا على حوالات بريدية في خلاصهم وذلك لتفادي سوء التصرف وصرف مرتبات لأشخاص لا يباشرون العمل في تلك الحظائر.