المسلمون الهنود يقاطعون التمور الإسرائيلية خلال شهر رمضان

تجاوبا مع فتوى مقاطعة تمورها لموقفها المعادي

التمور العادية تعتبر السلعة الأكثر رواجا في الهند خلال شهر رمضان لأنها تباع بأسعار معقولة («الشرق الأوسط»)
TT

خلال جولة روخسانا علي في متجر البقالة الراقية لشراء التمور استعداد لشهر رمضان، نبهتها ابنتها للتحقق من الملصق، وعندما علمت أن التمر مستورد من إسرائيل تخلت عنه وبحثت عن آخر منتج محليا أو في العالم العربي.

لم تكن روخسانا استثناء، فقد قاطع الكثير من الهنود هذا العام التمور المقبلة من إسرائيل. وعلى الرغم من القرار الذي أصدرته المنظمات الإسلامية والذي طالبت فيه المسلمين في الهند بالابتعاد عن التمور الإسرائيلية اعتراضا على المذابح الإسرائيلية العام الماضي، فإن القرار انتشر بصورة أوسع نطاقا العام الحالي.

وتعتبر زراعة التمور أحد الأنشطة الرئيسية التي تقوم بها إسرائيل، وتبلغ قيمة الصادرات الإسرائيلية سنويا من التمور ملايين الدولارات، لكن التمور المقبلة من إسرائيل هذا العام ستجد أعدادا قليلة من المشترين. وقد حثت الكثير من المنظمات الإسلامية والعاملين في المجتمع المسلمين على مقاطعة التمور الإسرائيلية مع بداية رمضان.

وقال أختار، ناشط اجتماعي: «طالبنا المسلمين هذا العام في المدينة بعدم بيع أو شراء التمور الإسرائيلية. والسبب في ذلك عدم تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي، ناهيك بأن التمور الإسرائيلية معدلة وراثيا وتسبب أعراضا جانبية على الصحة وتفسد المناعة».

وأضاف: «يعتقد المنظمون أن نسبة كبيرة من الدخل يتم الحصول عليها خلال شهر رمضان الكريم من التمور، ومن خلال شراء هذه التمور سنعزز بشكل مباشر الاقتصاد الإسرائيلي الذي سيستخدم بعد ذلك لشراء الأسلحة للاعتداء على المسلمين». وقال النشطاء في المدينة إن التمور تزرع بصورة غير قانونية في إسرائيل، وعلى الرغم من عمل الفلسطينيين في إسرائيل، فإنهم يواجهون ظروفا صعبة وغالبيتهم من الأطفال.

وتستخدم الكثير من المنظمات غير الحكومية في المدينة مواقع الشبكات الاجتماعية لنشر الرسالة، وإرسال الرسائل النصية. ولا توجه الحملة بشكل مباشر نحو المشترين والمستهلكين فقط، بل تستهدف تجار الجملة وتجار التجزئة الصغار.

وقال عبد الرزاق، تاجر جملة للفواكه الجافة: «طلب منا أن لا نبيع التمور الإسرائيلية في المدينة لموقفها المعادي من المسلمين؛ ولذا قررنا التخلص منها، على الرغم من ارتفاع الطلب على التمور الإسرائيلية في السابق». ويتم استيراد 100.000 كيلوغرام من التمور في العاصمة الهندية دلهي وحدها من الدول العربية، بيد أن التجار أكدوا أن التمور الإسرائيلية المقبلة من إسرائيل هذا العام تراجعت بشكل كبير. وأضاف عبد الرزاق: «بعد الفتوى التي صدرت العام الماضي لدعم مقاطعة التمور الإسرائيلية، تراجعت أعداد المشترين بشكل كبير؛ ولذا قررنا التخلص منها جميعا».

وصدرت الفتوى بعدما سعى مجيد جيلاني لسؤال الشيخ خالد راشد فيرانجي عما إذا كان التعامل مع دولة تقتل المسلمين وتحتل المسجد الأقصى وبيت المقدس حلال أم حرام.

سأل جيلاني عن واجب المسلم الشرعي تجاه العائدات التي تجنيها دولة لتستخدمها ضد المسلمين. وعقب إصدار الفتوى قال فرانجي مهلي إن كل المسلمين إخوة بموجب الإسلام، يشكلون جسدا واحدا، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر.

وذكرت الفتوى أنه «إن لم يتألم أي مسلم لآلام إخوته، فسيكون إيمانه مشوبا بالشكوك. مقاطعة إسرائيل اقتصاديا أمر يفرضه الدين حتى من وجهة نظر إنسانية». وأشار رضوان علي، بائع يبيع الفواكه مثل الموز والبطيخ في الأيام المعتادة لكنه تحول إلى بيع التمور في رمضان: «يستفسر الكثير من المشترين هذا العام بشأن الدولة التي أنتج فيها التمر، وأنا لم أدرك السبب، لكني ما إن علمت سبب مقاطعة التمور الإسرائيلية، توقفت عن بيعها، على الرغم من الأرباح الوفيرة فيها». وتعكس صناعة التمور المتنامية زيادة عدد المتنافسين الجدد في السوق؛ فقد شهد العام الحالي ما لا يقل عن 20 نوعا جديدا من التمور من الشرق الأوسط حيث ارتفعت أسعار أنواع البلح في السوق إلى نحو 40 في المائة. هناك أنواع من إيران والسعودية وعمان واليمن والجزائر والتي وصلت إلى مستويات متدنية من تجار قبل نصف شهر قبل رمضان. وقال راج كومار، مالك متجر «كشمير هاوس»: «تجارة التمور في مدينة حيدر آباد لها طابع خاص يختلف عن مثيلاتها في أي مكان آخر في البلاد، حيث يباع أكثر من 500.000 كيلوغرام تقدر بمليارات الروبيات. يقبل المشترون هذا العام على الأنواع الواردة من إيران والسعودية مثل «ماريام» و«حوذافاتي»، و«شاياني» و«عجوة».

وتصل التمور المستوردة من الشرق الأوسط إلى الموانئ مثل جامانجار ومومباي وولايات الهند الغربية غوجارات ومهاراشترا. وبدورهم يقوم تجار الجملة بشراء التمور، وبدورهم يقوم تجار التجزئة بشراء التمور منهم. المثير للمفارقة أن التمور الأصلية نادرا ما تصل إلى السوق. وأشار تاجر طلب عدم ذكر اسمه إلى أن التمر الجاف على الرغم من قلته من حيث الكمية يأتي من باكستان.

بيد أن تجار التمر سعداء كثيرا؛ حيث تحتشد متاجرهم بتجار التجزئة الذين يشترون من سوق الجملة هذه وبيع التمور في المدينة وفي الولاية. ويشاهد عشرات من العمال وهم يفرغون الأجولة وعلب التمور المقبلة من عمان وإيران والسعودية. وهذه التمور تباع هنا بالقنطار (القنطار مائة رطل) لتجار التجزئة.

تعتبر التمور العادية السلعة الأكثر رواجا، لأنها تباع بأسعار معقولة وتناسب ميزانية الرجل العادي. هذا العام، كانت هناك زيادة في أسعار التمر بلغت 40 في المائة تتنوع بين 70 إلى 500 روبية للكيلوغرام الواحد، اعتمادا على مجموعة متنوعة من التمور، على عكس الأسعار الأكثر انخفاضا والتي كانت تباع بـ40 روبية للكيلوغرام الواحد.

وقال عمران منصور: «بعض التمور الجيدة المقبلة من السعودية باهظة الثمن، حيث يتراوح سعر العبوة ما بين 400 إلى 700 روبية». وأضاف أن أسعار التمور تختلف أيام الشهر، ونظرا لتوافر أنواع مختلفة أخرى من المخزون الطازج، فستظل الأسعار في متناول الجميع.