إعلام النظام يتوقع مجازر في حلب.. والمجلس الوطني يحذر من كارثة إنسانية

ياسر النجار: النظام لم يحرز أي تقدم.. والعكيدي يدعو لمنطقة «حظر جوي» ويعد بتحويل المدينة لـ«مقبرة» للدبابات

عناصر من الثوار ينتقلون في شاحنة عبر أحد أحياء حلب (أ.ب)
TT

في وقت حذر فيه المجلس الوطني السوري من كارثة إنسانية في حلب بعدما عمد النظام إلى منع وصول الإمدادات الغذائية والصحية إلى المدينة، دعا قائد المجلس العسكري لمدينة حلب في الجيش السوري الحر، العقيد عبد الجبار العكيدي، الغرب إلى إنشاء «منطقة حظر جوي» في سوريا، مشددا على أن مدينة حلب ستكون «مقبرة لدبابات» الجيش النظامي.. نشرت «صحيفة الوطن السورية» ما قالت إنها توقعات مصادر إعلامية متابعة للشأن السوري ولسياسات تركيا، أن «يتم الإعلان عن عدة مجازر في حلب واتهام الجيش العربي السوري بارتكابها».

ولفتت الصحيفة إلى أن «المعلومات التي حصلت عليها تشير إلى أن تركيا طلبت من المقاتلين الموجودين داخل حلب ارتكاب عدد من المجازر بحق مدنيين أو عسكريين وتصويرها وإرسالها إلى القنوات الفضائية لاتهام الجيش فيها». وتقول المصادر، بحسب «الوطن»، إن «تركيا وقطر تخططان لاستخدام تلك المجازر في مجلس الأمن الدولي لإعادة إحياء العقوبات الدولية تحت الفصل السابع، ولحث المجتمع الدولي على ممارسة ضغوط على روسيا لتطلب من دمشق وقف العملية العسكرية على حلب، ما يضمن بقاء المقاتلين الذين أرسلوا من تركيا أحياء وتبقي سيطرتهم على عدد من الأحياء».

وتعليقا على هذه المعلومات، اعتبر ياسر النجار، عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة في حلب، أن ما يقوم به النظام السوري وإعلامه، ليس إلا حربا نفسيا بهدف إفقاد الجيش الحر الحاضنة الشعبية التي يتمتع بها، وبث الرعب في نفوس الأهالي وإيهامهم بأن الجيش الحر سينفذ بحقهم مجازر، بعدما عجز الجيش السوري عن تحقيق تقدم في حلب التي يسيطر عليها الجيش الحر والثوار منذ 10 أيام.

وقال النجار لـ«الشرق الأوسط»: «المناطق التي يوجد فيها الثوار والجيش الحر باتت خالية من السكان بعدما عمدنا إلى تأمين الممرات الإنسانية لهم وإخراجهم إلى مناطق آمنة بعيدة عن المعارك والاشتباكات، وتقوم المنظمات الإنسانية بمساعدتهم وتأمين حاجياتهم اليومية، وبالتالي هذه المعلومات التي يتكلم عنها الإعلام السوري تبدو كأنها تهديدات مباشرة ومخطط يعد لتنفيذه لاتهام الجيش الحر به»، معتبرا أن هذا هو أسلوب النظام الذي يعتمده في كل المجازر التي سبق له أن ارتكبها.

في المقابل، أصدر المجلس الوطني السوري بيانا أعلن فيه أن «ستة ملايين نسمة في حلب يعانون كارثة إنسانية وصحية، هي الأضخم منذ جريمة النظام في حمص، بعدما عمد إلى ترحيل نحو مليون نسمة وتدمير 85 في المائة من أحيائها». وقال: «في خطوة تعكس الطابع الإجرامي لنظام بشار الأسد قام الأخير بقطع كل إمدادات الوقود عن مدينة حلب وريفها، ووقف توريد مادة الطحين، ومنع وصول المواد الغذائية والطبية، وقطع الكهرباء، مما أدى إلى وقف عمل المشافي والمستوصفات الصحية وتعطل الحياة العامة».

وأضاف البيان: «منعت قوات النظام، في إجراء متعمد، جميع الشاحنات التي تنقل الوقود أو المواد الأساسية والطبية ومواد الإغاثة، من الوصول إلى المدينة عبر الطرق الرئيسية، وتقوم باستخدام المروحيات في قصف مخازن الحبوب التي تشكل الاحتياطي الرئيسي لمحافظة حلب البالغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة، مما أدى إلى توقف إمداد كل المخابز بمادة الطحين، وبالتالي عدم توفر الخبز لليوم الرابع على التوالي».

ولفت المجلس الوطني إلى أن إجراءات النظام تتزامن مع حملة وحشية تشنها قواته على الأحياء والمناطق المأهولة بالسكان، حيث تقوم الدبابات والمدفعية الثقيلة والطائرات بقصف متواصل لأحياء المدينة، مما أدى إلى قتل المئات ونزوح مئات الآلاف إلى مناطق مجاورة، إضافة إلى وصول أعداد كبيرة منهم إلى تركيا، داعيا المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة لبدء حملة دولية لإغاثة المنكوبين ومنع حصول كارثة إنسانية في حلب بالنظر إلى عدد السكان الكبير وانضمام 400 ألف نازح إليهم من المدن المنكوبة الأخرى.

وعلى الصعيد الميداني، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اشتباكات عنيفة كانت تدور أمس، في عدد من أحياء حلب بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية التي بدأت السبت هجوما لاستعادة السيطرة الكاملة على المدينة؛ من دون أن تحقق أي تقدم، مشيرا إلى أن أحياء باب الحديد والزهراء والعرقوب ومخيم الحندرات في المدينة شهدت اشتباكات عنيفة، فيما سمعت أصوات انفجارات في أحياء عدة أخرى وشوهدت المروحيات في سماء حيي صلاح الدين وسيف الدولة.

إلى ذلك، دعا قائد المجلس العسكري لمدينة حلب في الجيش السوري الحر، العقيد عبد الجبار العكيدي، الغرب إلى إنشاء «منطقة حظر جوي» في سوريا، مشددا على أن مدينة حلب ستكون «مقبرة لدبابات» الجيش النظامي.

وقال العكيدي في مقابلة مع مراسل وكالة الصحافة الفرنسية: «نقول للغرب أصبحت لدينا منطقة عازلة، ولسنا بحاجة إلى منطقة عازلة، بل نحتاج إلى منطقة حظر جوي فقط، ونحن قادرون على إسقاط هذا النظام».

وحول هجوم القوات النظامية، شدد العكيدي على أن «أي حارة أو أي حي ستدخل الدبابات (التابعة لجيش النظام) إليه سيكون مقبرة لهذه الدبابات»، مشيرا إلى أن الجيش النظامي «لا يستطيع (الوصول إلى حلب) إلا عبر الطيران والمدفعية البعيدة وقصف المدينة وتدمير البيوت، لكن كدخول إلى المدينة فإنه لا يستطيع».

وقال: «نحن متحصنون في كل أحياء المدينة ولدينا أسلحة والحمد لله مضادة للدروع والطيران المروحي»، موضحا أن خسائر الجيش النظامي بلغت حتى الآن «8 دبابات وعددا من العربات والمصفحات وأكثر من 100 قتيل»، متوقعا أن «يرتكب (النظام) مجازر كبيرة جدا». كما أعرب عن خشيته من «استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل هذا النظام المجرم»، مضيفا: «لدينا بعض المعطيات عن سحب بعض الأسلحة الكيميائية من المستودعات».

ولفت إلى أن استراتيجية قواته في حلب تقوم على «إيماننا بالنصر وبعدالة قضيتنا، ومعنوياتنا العالية، واعتمادنا على أن جيش النظام هو جيش منهزم ومنهار ليست لديه قضية ليدافع عنها»، واعتبر أن النظام «لا يجرؤ على إخراج الجنود من الثكنات العسكرية؛ لأنه بمجرد خروج هذه العناصر فهم يلجأون إلى الانشقاق والهروب عن هذا النظام».

بدوره، أكد النجار لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع في حلب ليس كما كان في حمص أو بابا عمرو، والسيطرة لا تزال في هذه المدينة للجيش الحر، مضيفا أن «حرب النظام في حلب هي حرب نفسية أكثر منها عسكرية، وهو لغاية اليوم لا يقوم إلا بقصف المدينة والمنازل وتكبيد المدنيين خسائر في منازلهم وأملاكهم». ويشير النجار إلى أن القوات العسكرية وأرتال الدبابات كانت قد دخلت في اليومين الأخيرين إلى حلب لكنها عادت وتمركزت في الحمدانية، وعندما حاولت التحرك تمكن الثوار من تدمير ثلاث منها، موضحا: «حتى إن قوات النظام لا تدخل في اشتباكات أو مواجهات مع الجيش الحر، إلا نادرا، وبالتالي دفاعها ومحاولاتها لإعادة السيطرة تقتصر على القصف المدفعي واستخدام الطائرات الحربية، التي أصبحت الآن ترتكز على مطار (النيرب) لإطلاق طائرات الـ(ميغ)، بعدما تمكن الثوار من محاصرة مطاري (منيغ) و(كوريس) ودكّهما بقذائف الهاون».

كذلك، لفت عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري، بشار الحراكي، إلى أن «أحياء كبيرة داخل ووسط مدينة حلب يسيطر عليها «الجيش السوري الحر» بعد أن كان النظام يتبجح بأن حلب موالية»، معتبرا أن «مصير الثورة لا يقترن بمدينة أو حي أو غيره، إنما هي ممتدة على أرض سوريا بالكامل، وسبق أن رأينا أنه بعد أن دمر النظام مدينة حمص كيف انتفضت مدن وبلدات أخرى في سوريا»، مضيفا: «الانتفاضة هي انتفاضة شعب، ولا يمكن أن تتراجع أو أن تعود إلى الوراء، ولا بد لهذا الشعب أن ينتصر، وأن يسترد كرامته وحريته».