رومني يقسم الساسة الإسرائيليين.. والأراضي الفلسطينية خارج برنامج زيارته

نتنياهو يغازل المرشح الجمهوري الأميركي.. وبيريس وموفاز يمتدحان سياسة أوباما في حضوره

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يصافح المرشح الجمهوري ميت رومني خلال استقباله له في مكتب أمس (أ.ب)
TT

تباينت المواقف السياسية للقيادات الإسرائيلية إلى حد التناقض، خلال استقبالها المرشح الجمهوري الأميركي، ميت رومني، بينما غابت رام الله، العاصمة السياسية للفلسطينيين، عن جدول زيارة رومني للمنطقة، ولم يلتق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واكتفى بلقاء رئيس وزرائه سلام فياض في القدس.

وبينما حظي ميت رومني، باستقبال حار جدا من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استمع من الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، ورئيس المعارضة شاؤول موفاز، إلى خطابين امتدحا منافسه الرئيس الأميركي باراك أوباما وسياسته الدافئة تجاه إسرائيل. بينما أبرزت الصحف الإسرائيلية إخفاقات زيارة رومني في بريطانيا، وقالت إن زيارته لإسرائيل ذات أهداف انتخابية، وتعهداته بتأييد إسرائيل في حال قررت الخروج إلى حرب فردية على إيران، هي وعود بلا رصيد.

بدأ رومني زيارته مساء السبت، واستهل نهار أمس، بلقاء نتنياهو، ثم بيريس ورئيس حزب «كديما» المعارض، موفاز. ومن ثم توجه إلى حائط المبكى (البراق) في القدس المحتلة، ووضع ورقة أمنياته بين حجارته الضخمة. وفي المساء، حل ضيفا على نتنياهو في بيته، حيث أقام له مأدبة عشاء خاصة، بحكم الصداقة الشخصية التي تجمع بينهما منذ أن كانا زميلين في الدراسة والعمل.

وقد استقبل نتنياهو ضيفه قائلا: «أيها الحاكم رومني، إنك صديق شخصي لي وصديق حميم لدولة إسرائيل. لذلك، يسرني أن أستضيفك هنا. يجب علي أن أشير إلى أنني سمعت بعض الأقوال التي أدليتَ بها قبل عدة أيام. قلتَ إن أكبر خطر على العالم هو نظام الملالي الذي يسعى إلى الحصول على أسلحة نووية. أتفق معك تماما يا ميت، وأعتقد أنه يجب أن نعمل كل ما بوسعنا لمنع الملالي من الحصول على هذه القدرة».

ثم وجه نتنياهو نقدا مبطنا لسياسة الرئيس أوباما تجاه إيران، محققا ما يرغب رومني في سماعه، إذ تابع يقول: «يجب أن نكون صريحين، ونقول إن جميع العقوبات، ومنها الدبلوماسية، التي مورست، حتى الآن، لم تفلح في إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء ولو بملليمتر واحد. ولذلك أؤمن بأننا بحاجة إلى تهديد عسكري قوي وذي مصداقية، ترافقه عقوبات لكي تكون هناك احتمالية لتغيير الوضع».

وحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو، فقد تناولت المحادثات بينهما «القضايا والاهتزازات التي تضرب الشرق الأوسط». وقال نتنياهو لرومني: «أود أن تعلم أنه على الرغم عن كل التغيرات في المنطقة، تبقى للولايات المتحدة حليفة واحدة مستقرة وديمقراطية هي إسرائيل. ولهذا السبب أعتقد أن توطيد العلاقات بين أميركا وإسرائيل يخدم السلام ويخدم بلدينا، وأؤمن بأن زيارتك تعبر عن هذا الطموح من قبل شعبينا. أرحب بك هنا باسم دولة إسرائيل - درع الديمقراطية في الشرق الأوسط، بصفتك ممثلا عن الولايات المتحدة – أكبر درع للحرية في العالم».

وقال رومني لنتياهو: «شكرا جزيلا لكم رئيس الوزراء، وأتشرف بكوني معكم اليوم. إن الصداقة بيننا تمتد على مدى سنوات طويلة. وفي هذه الساعة الحاسمة، وصلت لأستمع لآرائكم وأفكاركم حول التحديات التي تواجه المنطقة والعالم. أتشرف بأن أكون معكم اليوم في التاسع من شهر أغسطس (آب) حسب التقويم العبري، من أجل الإقرار بقدسية هذه الذكرى وبمعاناة الشعب اليهودي خلال مئات بل آلاف السنين، وبالتضحيات التي قدمها هذا العدد الكبير من الناس. وللأسف الشديد، مآسي القتل العشوائي لا تعود فقط إلى الماضي، بل هي غيمة تخيم على رؤوسنا حتى في هذه الأيام. إنني آخذ ببالغ الأهمية، آراءكم حول إيران وجهودها للتحول إلى دولة نووية، وأتطلع إلى التحدث معكم عن خطوات إضافية نستطيع أن نقوم بها من أجل إيقاف المؤامرة النووية الإيرانية. وستساعدنا كثيرا تبصراتكم حول التطورات في المنطقة - في سوريا ومصر ودول أخرى. إن العلاقات بين بلدينا تمتد على مدى سنوات طويلة، وإنها لا تعتمد على مصالح مشتركة فحسب، بل على قيم مشتركة. مثل إسرائيل، إننا ملتزمون بالديمقراطية وحرية التعبير وحرية التجمع، ومراعاة حقوق الإنسان والمصالح والمبادئ المشتركة - تلك قربت بين دولتينا على مر السنين. وعندما نواجه التحدي الذي يكمن في السعي الإيراني إلى القدرة النووية، يجب أن نستقي من مصالحنا وقيمنا لنوجه إيران إلى مسار آخر، ولنضمن أن أناسا في كل أنحاء العالم سيقرون بالتكافل بين إسرائيل والولايات المتحدة. شكرا لكم وأقدر الفرصة التي أتيحت لي بالتحدث معكم وبالاستمتاع بمأدبة عشاء مشتركة تنهي صوم عائلتكم (بمناسبة ذكرى خراب الهيكل اليهودي)».

لكن أجواء أخرى أقل حميمية ظهرت عند لقاء رومني كلا من بيريس وموفاز. فقد حرص بيريس على القول أمامه، إن «سياسة الولايات المتحدة (التي يديرها أوباما) إزاء الموضوع الإيراني صحيحة. فهي واضحة في رفضها للتسلح النووي الإيراني وإصرارها على وقفه بداية بالطرق السلمية والعقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية، بأسلوب واضح فيه أن فشل هذه الإجراءات يبقي كل الخيارات على الطاولة». وأضاف بيريس: «نحن نقبل الموقف الدولي والحلف العالمي الذي بنيتم، ونثق بأن الولايات المتحدة تأخذ بالاعتبار مصالح أمن إسرائيل، والسياسة التي اتبعتها الإدارة الأميركية حتى الآن، سياسة صحيحة. فهي من جهة تواصل الحراك الدبلوماسي، ومن جهة ثانية تضع كل الخيارات على الطاولة».

أما موفاز، فقد أشاد بالتنسيق بين إسرائيل والإدارة الأميركية الحالية. وقال إن العلاقات بين البلدين تشهد أعلى مرحلة من التعاون والصداقة. وأشاد موفاز بقيام الرئيس أوباما بالتوقيع يوم الجمعة الماضي على قانون تعزيز التعاون العسكري مع إسرائيل، فاعتبره علامة فارقة في التعاون بين البلدين». وينص القانون المذكور على منح إسرائيل وللمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين، إمكانية الحصول على طائرات أميركية من طراز «1Kc - 135» القادرة على تزويد المقاتلات الجوية بالوقود جوا.

وكانت الصحافة الإسرائيلية من جهتها قد أجمعت على أن زيارة رومني انتخابية محضة. وقال المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، شيمعون شيفر، إن «على إسرائيل ألا تركن إلى وعود رومني الانتخابية، فإنه إذا وصل إلى البيت الأبيض رئيسا، سيتخذ قراراته ليس من خلال الوعود، بل من خلال الحسابات الاستراتيجية التي تبنيها المؤسسات الأميركية، التي لا تتغير من انتخابات لانتخابات بصورة جذرية».

من جهة أخرى، غابت الأراضي الفلسطينية من برنامج المرشح الأميركي، واكتفى بلقاء سلام فياض الذي سعى في تصريحات أدلى بها في مكتبه برام الله، نقلتها «رويترز»، إلى التقليل من أهمية عدم ترتيب لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمرشح الجمهوري. وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هناك بعد سياسي لذلك، قال فياض: «لا أعتقد ذلك، وآمل ألا يقرأ في ذلك مما يحصل في بعض الأحيان لجهة ترتيب المواعيد». وأضاف فياضك «سبق أن التقيت السيد رومني مرتين، وعندما ألتقيه كما سابقا، لا ألتقيه بصفتي الشخصية، ولكن بصفتي رئيسا لوزراء السلطة الفلسطينية التي يرأسها الرئيس محمود عباس (..)، وبالتالي عندما أتحدث بالوضع العام في الواقع في تطلعاتنا وطموحاتنا ومعاناة شعبنا جراء الاحتلال، أتحدث باسم السلطة الفلسطينية التي يرأسها الرئيس محمود عباس. لست بصدد اللقاء مع السيد رومني أو أي مسؤول آخر بصفتي الشخصية».

* اليهود في الانتخابات الأميركية

* تبلغ نسبة اليهود في الولايات المتحدة 2 في المائة من السكان، ولكن تأثيرهم السياسي يزيد بضعفين عن حجمهم. فهم يعتبرون جمهورا مسيسا جدا. نسبة المشاركة في التصويت تبلغ 96 في المائة من أصحاب حق الاقتراع، أي ضعفي نسبة التصويت العامة. وهم مركزون في ولايات محددة: 1.8 مليون نسمة في نيويورك و1.2 مليون في كاليفورنيا و640 ألفا في فلوريدا ونصف مليون في نيوجيرسي. وهذا يعني أنهم قادرون على حسم النتيجة بين المتنافسين على الرئاسة في هذه الولايات، التي تعتبر مؤثرة للغاية في الانتخابات.

وحسب آخر الاستطلاعات، فإن نسبة التأييد للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة تصل بين اليهود، إلى 61 في المائة مقابل 14 في المائة للحزب الجمهوري، علما بأن أوباما حظي بنسبة 78 في المائة من أصوات اليهود في سنة 2008.