مع اقتراب الحملة الرئاسية الأميركية.. لا يزال الناخبون متأرجحين

أوباما وخصمه رومني سينفقان مئات الملايين للفوز بالذين لم يحسموا أمرهم

الرئيس أوباما يلتقي زوجين في منزلهما في رينو بولاية نيفادا (أ.ف.ب)
TT

لا تزال هناك مائة يوم متبقية في الحملة الرئاسية التي تبدو أحيانا لا نهاية لها. وتحاول أصوات الأميركيين الحيرى الذين لم يحسموا أمرهم بعد الوصول إلى قرار. وقالت بام نيكل أمام مركز تسوق في بيريسبيرغ بولاية أوهايو يوم الثلاثاء الماضي: «أعلم أن أوباما يقول إنه أعاد الناس إلى العمل ولا جدال في ذلك، البطالة مشكلة كبيرة هنا، ومع ذلك لا أعلم ما إذا كانت السنوات الأربع الأخيرة سوف تجعلني متأرجحا مثل الشهور القليلة المقبلة».

وتقول هوبي هودج، ممرضة متقاعدة تبلغ من العمر 71 عاما من مقاطعة آيرن بولاية ميسوري: «بالتأكيد سأعطي صوتي لأوباما، فبلدنا في أسوأ حالاته، ويجب أن يتحمل المسؤولية بعض الشيء. مع ذلك لست واثقة بعد بشأن رومني».

بعد أن قدمت طلبا بإشهار الإفلاس عام 2012، قالت سو غريغسبي التي تعمل مع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في مدرسة ماومي الثانوية بشمال غربي أوهايو، إن الأمور تعود إلى سيرتها الأولى. وتوضح قائلة: «بأمانة لقد وصلنا إلى القاع، لكننا نعاود الوقوف على أقدامنا». خلال المائة يوم المقبلة، سينفق الرئيس أوباما وخصمه الجمهوري ميت رومني وحلفاؤهما السياسيون مئات الملايين من الدولارات في محاولة للفوز بالناخبين الذين لم يحسموا أمرهم في بعض الولايات الأساسية، فهؤلاء يمثلون الفئة التي يستهدفونها. وتوضح مقابلات مع عدد كبير من الناخبين في فلوريدا وميسوري وأوهايو وفيرجينيا مدى التعقيد الذي يواجهه الناخبون في اختيار المرشح الذي سيمنحونه صوتهم ومدى بعده عن استراتيجيات الانتخاب التي توضع في الغرف التي تعقد بها اجتماعات الحملات الانتخابية في شيكاغو أو بوسطن أو واشنطن.

وأوضحت الأحاديث التي أجريت مع الناخبين كيف لا يؤثر السيرك الإعلامي اليومي من الهفوات والزلات وإعلانات الحملات الانتخابية والهجمات بالوكالة كثيرا على الأهداف، فبعد أشهر من الدعاية الإعلانية المكثفة التي قام بها رومني، عرف الكثير من الناخبين أنه مرموني وثري لا أوباما. دشنت حملة أوباما خلال الأسبوع الحالي فترة المائة يوم الأخيرة من الحملة بـ4.600 فاعلية صغيرة في أنحاء البلاد من بينها حفلات لمشاهدة مسابقات دورة الألعاب الأولمبية وحفلات منزلية وحفلات «شواء باراك».

تتخذ حملة رومني منحى مختلفا، فالمرشح موجود في إسرائيل خلال نهاية الأسبوع الحالي في إطار جولة تستهدف تعزيز صورته كرجل دولة عالمي. وقال إيد غيليسبي، أحد كبار مستشاري رومني: «لست متأكدا مما إذا كان سيحدث فرق إذا كان المتبقي مائة يوم أو مائة وخمسة أيام أو خمسة وتسعين يوما». وأوضح أن الحملة تعتقد في ضرورة النظر إلى أقل من 10 في المائة من الكتلة الانتخابية ككتلة «لم تحسم أمرها بعد» حقا. مع ذلك يقول إنه مقارنة بفريق أوباما «ما زلنا نلعب دورا أكثر نشاطا وقوة منهم».

وكما يتضح، تدور المعركة على شريحة صغيرة جدا من الكتلة الانتخابية الأميركية.

وأظهر استطلاع رأي حديث أن أكثر من ثلثي الناخبين قالوا إن لديهم بالفعل كافة المعلومات التي يحتاجون إليها ليتخذوا القرار. لذا يمكن أن يؤدي قليل من الذين لم يحسموا أمرهم في بعض الأماكن القليلة إلى أرجحة الدولة بأكملها.

وزار مراسلو «واشنطن بوست» أربع مقاطعات قد تكون حاسمة، حيث انتخبت جميعها جورج بوش الابن في 2000 و2004، ثم صوتت لأوباما في عام 2008. وكل منها في ولاية ستكون حاسمة في النتيجة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني). وبحسب استطلاع رأي حديث أجرته جامعة كوينيبياك بأوهايو منذ شهر، يتقدم أوباما على رومني، حيث حصل الأول على 48 في المائة، والأخير على 37 في المائة. أما في ولاية ميسوري، كان رومني متقدم على أوباما، حيث حصل على 51 في المائة، في مقابل 42 في المائة حصل عليها أوباما بحسب استطلاع أجرته مؤسسة «سانت لويز بوست ديسباتش ماسون ديكسون» نشر يوم الجمعة.

وفي ولايتي فيرجينيا وفلوريدا، كان السباق أشد سخونة، فقد أظهر آخر استطلاع رأي أجرته جامعة كوينيبياك في فيرجينيا تعادل رومني وأوباما، حيث حصل كل منهما على 44 في المائة. وعلى الجانب الآخر أظهر آخر استطلاع رأي أجرته مؤسسة «ماسون ديكسون» في فلوريدا تقارب المرشحين، حيث حصل أوباما على 46 في المائة، في حين حصل رومني على 45 في المائة.

ويبدو أن أحلام الناخبين ممن لم يحسموا أمرهم بعد في مقاطعة ود، وهي من ضواحي توليدو، بسيطة متمثلة في مشروع صغير أو وظيفة جديدة أو منصة لبيع منتجات المزارعين. لقد كانوا يحاولون اكتشاف المرشح الذي سيساعدهم في تحقيق هذه الأحلام. هذا الحلم بالنسبة لليندا لامبرت هو البسكويت والخبز، ورومني هو من سيحقق لها هذا الحلم على الأرجح. ولا تعرف لامبرت الكثير عن رومني، لكنها قالت إن أوباما يحب وضع القيود التنظيمية وقد يؤدي هذا إلى تعقيد مشروع بيع البسكويت في أسواق المزارعين في شمال غربي أوهايو. وأضافت وهي تقدم كعك المافين بالتوت البري إلى فتاة تحمل لعبة على شكل دب: «أعتقد أن أفضل ما في كونك أميركيا هو قدرتك على القيام بما أقوم به. لو التزمت بالقيود التنظيمية، على الأرجح لن أتمكن من بيع البسكويت».

وتحلم جودي فيل، التي تبلغ من العمر 65 عاما، بإقامة مشروع حلي صغير. لذا ربما يكون مرشحها هو أوباما. وتقول فيل: «لقد خضنا تجربة بوش بالكامل، وقد ترك البلاد في حالة من الفوضى. إن أوباما يبالغ قليلا، لكن من يرغب في الاضطلاع بالمهمة بالأساس؟ يبدو أنه يفعل بما يراه صحيحا». وتعمل فيل مدربة أيروبيكس مائي ويوغا بدوام جزئي وهي من كليفلاند. وقد أعطت صوتها لبوش خلال الانتخابات السابقة وما قبلها قبل أن تفضل أوباما عام 2008. وتلقى مشروعها الذي تقيمه في منزلها ضربة كبيرة خلال فترة التراجع الاقتصادي.

وتستهدف حملة رومني تحديدا مواطنين مثل فيل ممن يشكون في سياسات أوباما الاقتصادية. مع ذلك تساور فيل الشكوك حيال رومني وطريقة جمعه لثروته، لكنها ليست متأكدة من نتائج خطة أوباما للرعاية الصحية. لقد قالت إنها اشترت بوليصة مكملة لتعويض ما في نظام الرعاية الصحية من نقص، لكنها الآن ليست متأكدة مما سيحدث في أمر التأمين. وتقول فيل: «الأمور كلها غير مؤكدة، افترض أنك قادر على الاحتفاظ بهذا النظام، لكنهم يقولون لك بعد ذلك أنهم سيصعبون هذا الأمر عليك». وسوف تقرر فيل كما تقول بمجرد فهمها لنظام الرعاية الصحية.

وبات من الواضح بعد المقابلات التي أجريت أن هناك عملا كثيرا بانتظار رومني في هذه الولاية المتأرجحة بشدة. حتى بعد مرور أشهر من الدعاية الإعلانية هنا، يقول الكثير من الناخبين إنهم لا يعرفونه، أو إن ما يعرفونه عنه لا يعجبهم. على سبيل المثال انتخبت بام نيكل، بوش في 2000 و2004، ثم قاطعت انتخابات عام 2008. وبام، التي تبلغ 55 عاما، غير راضية حاليا عن قانون الرعاية الصحية الذي دفع به أوباما اعتقادا منها بأن توكيلها لشراء تغطية تأمينية أمر مرهق للغاية وأن النظام الجديد قد يؤدي إلى قوائم انتظار وأطباء غير أكفاء. وتقول: «أشعر بالقلق مما إذا كان أوباما يعرف الاتجاه الذي يسير فيه أم أنه يتخذ ردود فعل سريعة غير مدروسة».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»