فايزة أبو النجا.. وزيرة كل الحكومات

شاركت في 6 وزارات.. وتخشاها المنظمات الممولة أميركيا

TT

بدا مدهشا أن يكون إعلان الوزيرة المصرية فايزة أبو النجا عن خروجها من التشكيل الوزاري المرتقب لحكومة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء المكلف، مدعاة لارتياح القوى الثورية على اختلاف توجهاتها، وبنفس القدر ارتياح الإدارة الأميركية. فأبو النجا وهي وزيرة التعاون الدولي نجحت خلال العام ونصف العام المنقضي في كسب كثير من الأعداء، بحسب مراقبين، بعد 11 عاما في منصبها الوزاري، بحيث باتت أشبه بـ«القدر».

وبالنسبة لإدارة أوباما، تعد أبو النجا هي مهندسة الحملة التي قادتها الحكومة المصرية العام الماضي ضد منظمات المجتمع المدني الممولة أميركيا. وبالنسبة للقوى الثورية كان استمرارها في وزارات ما بعد الثورة دليلا على أن النظام السابق لا يزال ضاربا بجذوره في الدولة المصرية، باعتبار أن أبو النجا جزء من أعضاء «الحرس القديم» في السلطة.

وقادت أبو النجا حملة ضد جمعيات المجتمع المدني على مدى العام الماضي وبلغت ذروتها مع توجيه التهم لـ43 موظفا بتلك المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك المديرون القطريون في معهد واشنطن الوطني الديمقراطي، والمعهد الجمهوري الدولي. وأثارت الحملة أزمة دبلوماسية بين القاهرة وواشنطن، وكادت أن تنهي المعونة السنوية التي تمنحها أميركا لمصر منذ التوقيع على اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب والبالغة 1.3 مليار دولار.

وصلت أبو النجا لموقعها كوزيرة للتعاون الدولي نهاية عام 2001، في وزارة الدكتور عاطف عبيد، واستمرت في عهد حكومتي الدكتور أحمد نظيف (2004 - 2011) وحتى قيام ثورة 25 يناير من العام الماضي. وتفادت أبو النجا أنواء الثورة واستمرت في حكومة الفريق أحمد شفيق، لكن التحدي الأبرز كان استمرارها في حكومة الدكتور عصام شرف التي تشكلت في مارس (آذار) 2011، وبدت أشبه بالقدر مع بقائها في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، التي تشكلت قبل نهاية العام الماضي.

وتولت الوزيرة التي اعتبرت، واحدة من القيادات النسائية الإحدى عشرة الأكثر قوة في أفريقيا، الدفاع عن حكومة الجنزوري حتى داخل البرلمان الذي هيمن عليه تيار الإسلام السياسي، وفي وقت كان حزب الأكثرية الإخواني، يقاتل من أجل الإطاحة بها (حكومة الجنزوري). وقد كافأ الجنزوري المرأة الحديدية في حكومته بقبلة على جبينها في اجتماع وداعي، خروجا عن المألوف.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في تقرير لها أول من أمس الأجواء التي رافقت رحيل أبو النجا عن وزارة التعاون الدولي. وقالت الصحيفة إن الجميع في الولايات المتحدة تنفس الصعداء بعد قرار الرحيل.

وأضافت أن أبو النجا أصبحت في الآونة الأخيرة مصدر إزعاج كبير للولايات المتحدة، ونقلت عن شادي حامد مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة قوله: «ليس هناك شك في أن الجميع بواشنطن يتنفس الصعداء.. وإذا كانت قد بقيت في منصبها كان من الصعب جدا أن تحصل مصر على معونات فعالة».

ويعتقد نشطاء سياسيون أن أبو النجا حليف قوى للمجلس العسكري وأنها إحدى أدواته لإبطاء مسار التغيير في البلاد، لكن العارفين بالبيروقراطية العريقة في مصر يشيدون بأداء الوزيرة ذات الشخصية القوية.

بدأت أبو النجا مشوارها المهني بالانضمام إلى السلك الدبلوماسي عام 1975، عندما التحقت بالعمل في وزارة الخارجية المصرية. وكانت أولى مهامها في الخارج هي عضوية البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث مثلت مصر في اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي، وكذلك في اللجنة الثالثة المعنية بموضوعات الحقوق الاجتماعية وحقوق الإنسان.

وقبل توليها مهام منصبها الوزاري شغلت أبو النجا وهي من مواليد عام 1951 في مدينة بورسعيد (شرق القاهرة) منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف وكافة المنظمات الدولية في المدينة السويسرية، كما شغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية.

وانتخبت أبو النجا في آخر برلمان قبل الثورة كعضو بمجلس الشعب عن مدينة بورسعيد مسقط رأسها، حيث فازت بأحد المقعدين المخصصين للنساء عن المحافظة.