إطعام حمام الحرم المكي لجلب البشارة بـ«الولد»

ضمن اعتقادات بعض المعتمرين

زوجان من المعتمرين أثناء إطعامهما للحمام المكي (تصوير: أحمد حشاد)
TT

كثيرون من يفهمون «قدسية» مكة المكرمة على نحو مغاير ومخالف من قبل المعتمرين والحجاج، ويدل على ذلك انشغال بعضهم بالبحث عن «الولد» من أفواه الحمام المكي الذي يعتبر جسر الوصول نحو الحصول على اللقب.

ويعمد بعض المعتمرين نحو قضاء وقت كبير جدا مع حمام الحرم، خاصة أولئك الأزواج الذين حرموا من نعمة الولد، حيث تفيد بعض أساطيرهم أن إطعام حمام الحرم كفيل بإنجاب «الذكر»، الذي من الممكن أن يكون سندا لهم في شيخوختهم.

وقال آصف محمد، باكستاني الجنسية، إنه هو وزوجته يمنون أنفسهم بحصول ابنهم على «الولد» من خلال قدسية حرام الحرم، معتبرين أن حمام الحرم بالنسبة لهم شيء مبارك يجلب الحظ والخير والسعادة، وأنهم عجزوا عن تحقيق أمنيتهم بعد أن رزق الله ابنهم خمس بنات.

وقال آصف إنه استقى تلك البركة من بعض الكتب التي قرأها والتي تؤكد أن أصل حمام الحرم من الحمامتين اللتين عششتا على الغار أثناء هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فكان جزاؤهما أن يعيشا هما وذريتهما آمنتين في الحرم.

وأفاد آصف أنه علم أن حمام الحرم سيجلب له الحظ، خاصة أنه لا يجوز قتل حمام الحرم سواء للمحرم أو غيره ومن قتله فعليه فدية، مقدار الفدية شاة، وهو أمر عظيم اختص به فقط حمام الحرم الذي يعتبر شيئا معظما يحرم فيه التنفير.

من جانبه يقول الدكتور عبد الله الغامدي، أستاذ متخصص في الشريعة الإسلامية، إنه لا يجوز تنفير حمام الحرم عن مكانه لقوله صلى الله عليه وسلم: «ولا ينفر صيده» وهو حديث صحيح؛ وإن حصل ونفرها عن مكانها لا فدية فيه ويأتي تفصيله، إذا نفرها فماتت عليه الفداء؛ لأن الموت بسبب التنفير، إذا نفرها فطارت ووقعت في مكان آمن ثم طارت وصدمت وماتت فلا شيء عليه، كما لا يجوز إفساد بيض حمام الحرم، وعليه الفداء إذا أفسده، لو صدم الحمامة بدابته (سيارته) ونحوها ولم يقصد، وماتت الحمامة فلا شيء عليه.

إلى ذلك قال فالح الجهني، أحد المتخصصين في تربية الحمام في السعودية، إن حمام الحرم يعاني بالفعل من متزايد في الأعداد فهو المشمول برعاية إلهية متكاملة، ناهيك أنه يحظى باهتمام الزوار والمعتمرين، حيث يقومون بتقديم الأكل والطعام له، حتى بات المشهد مألوفا، واكتسب حمام الحرم على أثره حماية سيكولوجية بأنه آمن، ولا يستطيع أحد تنفيره ولا صيده ولا ترويعه.

وقال خالد الحارثي، باحث في الشؤون الإسلامية، إن حمام الحرم إذا تسبب بأذى فالواجب إزالة الأذى وعدم الركون لمقولة أنه لا ينفر، لأن المحظورات تبيح الأحكام، خاصة إذا تأكد وقوع الضرر البيئي على سبيل المثال أو العيني كسد مصارف المياه وما إلى ذلك.

من جانبه قال الدكتور فواز الدهاس، أستاذ التاريخ في جامعة أم القرى، حمام الحرم له لون مميز جعل له خصوصية عن غيره من حمام العالم أجمع كما أن العدد الهائل الموحد له كان من أكبر ميزاته ولهذا تكاثر في مكة المكرمة وبالتالي حرمة صيده في البلد الحرام سببت هذا التكاثر، ومن المسميات التي تميز بها كذلك هي حمام الحرم وحمام رب البيت.

ولاحظ الدهاس أن السلف في زهد وتورع للأخذ بأحاديث منع تنفير طير الحرم حتى إن البعض منهم كما روى كان يفدي إذا تسبب في قتل أحد هذه الطيور، واستدرك الدهاس، الأضرار التي تتسبب فيها مخلفاتها ومن يموت منها في العشش التي يبنيها على أسطح المنازل وفي مواقع قد تتسبب في تعفن وإيذاء للمسلمين ما يجعل الحاجة ملحة لهذه المكافحة.