معالجة «الانهيار النفسي» بالعودة إلى العصر الحجري

التجربة أفضل برهان

TT

ربما كان إنسان الكهوف، في العصر الحجري، يعاني كثيرا من تسوس أسنانه، ومن كثرة القمل في شعره، بل ربما مات بسبب التهاب بسيط في اللوزتين، لكنه كان أكثر راحة نفسيا من إنسان اليوم.

نجاح الألمان اليوم في معالجة المرضى المنهارين نفسيا، أو «المحترقين»، عن طريق إعادتهم إلى العيش في ظروف العصر الحجري، قد يثبت ما قلناه أعلاه. إذ أدت طريقة العيش «الحجرية» على الطبيعة، من دون أدوية ولا مكيفات هواء، إلى تحسين حالة ألمان، من الجنسين، أصابتهم الحياة العصرية، ومعها شدة العمل، والضجيج.. إلخ بحالة انهيار عصبي وجسدي تامة.

6 من المنهارين، أو لنقل من «المحترقين»، من العاصمة البافارية ميونيخ، شاركوا طوعا في تجربة «ميتابولك لايفستايل» التي أجرتها لجنة من العلماء من جامعة ميونيخ خلال الشهرين الأخيرين. وقام الـ6، وهم 4 رجال وامرأتان، تتراوح أعمارهم بين 30 و52 سنة، بالعيش في منطقة كهوف معزولة، وانقطعوا تماما عن الحضارة.

ولقد اختيرت منطقة باردة ومعزولة في عمق مناطق جبال الألب الألمانية، قرب مدينة ألغوي لتنفيذ التجربة. وتم إطلاقهم في منطقة غابات عالية ووعرة من دون كشاف ودون أجهزة ملاحة أو بوصلة. وانتهت التجربة بنجاح دون أن يتعرض أي من المشاركين إلى حوادث كبيرة، أو أي مخاطر تذكر.

وذكر يورغن بوخرز (30 سنة)، الذي أسهم في التجربة، أن الـ6 عاشوا لفترة طويلة على النباتات البرية وأشجار الجوز والكرز، وكانوا يتناولون اللحم مرة واحدة في اليوم، وكان اللحم في معظمه من الطرائد التي كانوا يصطادونها بأدوات بدائية. وقطع أفراد المجموعة مسافة 120 كيلومترا كل أسبوع، في مختلف الاتجاهات، من دون أن يقتربوا من الحياة الحضرية.

النتيجة هي أن كل المصابين شعروا بتحسن في حالتهم الصحية والبدينة، وبعودة الثقة بأنفسهم إليهم. وأثبتت التحليلات المختبرية أن الـ6 صاروا أرشق، وأليق بدنيا، وانخفض معدل ضغط الدم، وتراجع مستوى الكولسترول في الدم، وتحسن نبض القلب، وكذلك تحسنت صورة أمراض الاستقلاب التي كان البعض منهم يعاني منها. وعبر بوخرز عن استعداده لإعادة التجربة مرة كل سنة، عوضا عن ملء معدته بالطعام والشراب على السواحل السياحية.