اتفاق اقتصادي يحرر قسما من أموال الجمارك الفلسطينية من قبضة إسرائيل

وقعه فياض وشتاينتس في القدس المحتلة

TT

أكد مصدر رفيع في وزارة المالية الإسرائيلية أن الاتفاق الذي تم توقيعه الليلة قبل الماضية في القدس بين الحكومتين، الإسرائيلية والفلسطينية، يؤدي إلى تقليص الأموال التي تجبيها إسرائيل عن الجمارك لصالح السلطة الفلسطينية، وأنه مع بدء تطبيق هذا الاتفاق في مطلع السنة القادمة، ستجبي سلطات الجمارك الفلسطينية غالبية هذه الأموال.

واعترف هذا المصدر بأن جباية الجمارك بالطريقة الجديدة ستقلص إمكانيات الضغط الاقتصادي الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية، لكنه طمأن قوى اليمين التي تعارض ذلك بأن هناك وسائل أخرى يمكن لإسرائيل استخدامها في حال احتاجت لممارسة الضغط.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، قد حضر إلى فندق الملك داود في القدس الغربية، الليلة قبل الماضية، برفقة وزير ماليته نبيل قسيس، للقاء وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينتس، ومستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية إسحاق مولخو، وطواقم مهنية من كبار المسؤولين في المالية وفي البنك المركزي من الجانبين. وتم التوقيع خلال اللقاء على اتفاقية اقتصادية جديدة بينهما.

وجاءت هذه الاتفاقية بعد سنة كاملة من المحادثات السرية، التي جرت بناء على طلب ملح من حكومة فياض، توجه به إلى الأوروبيين والأميركيين وإلى إسرائيل أيضا، بغية تحسين اتفاقية باريس التي وقعت في سنة 1994 وتم بموجبها تحديد العلاقات الاقتصادية بينهما منذ اتفاقيات أوسلو.

وأشاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بهذا الاتفاق، وقال في بيان رسمي «إن الإجراءات التي تمت بلورتها تشكل جزءا من سياستنا الهادفة إلى دعم المجتمع الفلسطيني وتعزيز اقتصاده. آمل أن تسهم هذه الإجراءات في دفع علاقاتنا مع الفلسطينيين على أصعدة أخرى أيضا».

وأما في الطرف الفلسطيني، فقال غسان الخطيب، الناطق باسم الحكومة، إن الاجتماع تناول خلاصة الاتصالات التي كانت قد جرت بين مختصين فنيين من الطرفين على مدار ما يقارب العام، بهدف معالجة النواقص في نظام المقاصة، الخاص بعوائد الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة بموجب اتفاق باريس الاقتصادي، وبما يؤدي إلى الحد من الانسياب الضريبي الذي يؤدي إلى خسارة استحقاقات مالية كبيرة للسلطة الوطنية الفلسطينية. وقال الخطيب إنه تم خلال الاجتماع التفاهم على إنشاء منطقة تخليص جمركي تزيد من إمكانية السلطة في التحكم في تخليص البضائع المستوردة، وأيضا في إجراءات التخمين. وكذلك اتفق على آلية لتبادل المعلومات عن البضائع المستوردة من إسرائيل، بما يمكن من الحد من الانسياب الضريبي، ويحسن الإيرادات. وأشار الخطيب إلى أنه اتفق خلال الاجتماع أيضا على تحسين الترتيبات والبنى التحتية الخاصة بنقل بضائع مثل مشتقات البترول إلى مناطق السلطة، وأضاف أن الطواقم المختصة من الجانبين ستباشر في الترتيب لكي يتم تنفيذ هذه التفاهمات بداية العام المقبل.

وكتب المحرر السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شيمعون شيفر، أمس، أن هذا الاتفاق خطوة مهمة في التقدم نحو الاستقلال الاقتصادي الفلسطيني. وكشف أنه كان من المفترض أن يتم التوقيع عليه قبل أسبوعين، لكن في نفس يوم ذلك الموعد وقعت عملية التفجير في حافلة ركاب للسياح الإسرائيليين في بورغاس البلغارية، فتم تأجيل الموعد.

جدير بالذكر أن إسرائيل هي التي تجبي اليوم الجمارك عن البضائع الفلسطينية المستوردة من الخارج عبر موانئها، وتجبي الضرائب أيضا من التجارة المتبادلة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية (ما يعرف بـ«المقاصة»). وتحصل إسرائيل لقاء هذه الجباية على ما يعادل 3 في المائة من إجمالي المبلغ. وقد استغلت إسرائيل هذه الأموال في علاقاتها مع السلطة الفلسطينية، فحجبتها عنها متى شاءت واقتطعت منها تكاليف علاج لفلسطينيين في المستشفيات الإسرائيلية من دون حسيب أو رقيب، واقتطعت أيضا غرامات جائرة تفرضها المحاكم الإسرائيلية من طرف واحد. وقد احتجزت هذه الأموال ذات مرة طيلة عشرة شهور متواصلة، مما أدى إلى أزمة كبيرة في السلطة فلم تستطع دفع رواتب الموظفين.