أسعار السلع الغذائية تزيد من الضغوط على الإيرانيين في رمضان

بعض المنتجات شهدت ارتفاعا بنسبة 3 أضعاف منذ العام الماضي

TT

في وقت سابق من الشهر الحالي، انتشرت صور تظهر فيها طوابير ممتدة من الإيرانيين الذين يقفون في انتظار شراء الدواجن، لتؤشر إلى أزمة الغذاء التي تعاني منها إيران. فالدواجن مثلها مثل اللبن والأرز من السلع الغذائية التي شهدت طفرة في الأسعار خلال الأشهر الماضية وتشكل عبئا خاصا على الإيرانيين خلال شهر رمضان.

وتستمر العقوبات الدولية المفروضة على إيران في زيادة معدل التضخم في البلاد؛ إذ تراوحت نسبة التضخم بين 50 و60 في المائة خلال الأسابيع الستة الماضية، كما أجبرت الحكومة على استهداف خطة الدعم ورفع الدعم عن عدد من السلع الغذائية. لكن لم تسفر مثل هذه السياسات عن أي نتائج ملموسة في ما يخص تراجع إيران عن برنامجها النووي المثير للجدل أو سياساتها الاستفزازية في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها أسهمت في زيادة الضغوط على 74 مليون إيراني في البلاد. وعلى الرغم من النفي الإيراني الرسمي لكون العقوبات الدولية تؤثر على الشعب الإيراني بشكل متصاعد، فإن الشارع الإيراني بدأ يعاني من جراء العقوبات الدولية لأسباب عدة، منها تراجع قيمة الريال الإيراني، بالإضافة إلى القيود التي تعرقل قدرة طهران على دفع مستحقات المصدرين لها في الأسواق العالمية. وأفادت صحف إيرانية محلية بأن سعر الخبز ارتفع بنسبة 33 في المائة خلال الشهر الماضي، بينما زاد سعر الدواجن بنسبة 28.5 في المائة.

ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية حول العالم، خاصة الأرز والحنطة، تشهد أسعار الأرز ارتفاعا ملحوظا في إيران، إذ أصبح سعر كيلوغرام الأرز في إيران 65 ألف ريال إيراني (5 دولارات)، بعد أن كان يكلف نحو 30 ألف ريال فقط (أي دولارين) في طهران العام الماضي. وبعد أن فشل مستوردون إيرانيون في شراء 200 ألف طن من الأرز الهندي الربيع الماضي بسبب العقوبات المالية على إيران، أصبح الضغط على الموارد الإيرانية ملحوظا. وبحسب وزارة الزراعة الأميركية فإن 45 في المائة من الأرز المستهلك في إيران هو مستورد، مما يعني أن عدم قدرة إيران على دفع مستحقات المستوردين سيزيد من هذه الأزمة.وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن طهران سجلت انخفاضا في مبيعات الحليب والخبز بنسبة 90 في المائة.وآخر السلع التي شهدت ارتفاعا حادا في الأسعار كانت الدواجن، التي تضاعفت أسعارها 3 مرات مقارنة بالعام الماضي. وتصدر خبر ارتفاع أسعار الدواجن، التي تعد غذاء أساسيا في المطبخ الإيراني، العناوين الرئيسية لنشرات الأخبار وأصبح موضوع الساعة في الحوارات العامة في جميع أنحاء البلاد؛ إذ ثبت عدم قدرة كثير من الإيرانيين على شراء الغذاء البسيط.

وتحاول الحكومة الإيرانية بذل قصارى جهدها من أجل السيطرة على الأسعار أثناء شهر رمضان، نظرا لأهميته الروحية. لكن فشلت هذه المبادرات في الأعوام الماضية نظرا لتزايد الضغط الاقتصادي.

وبعد فرض العقوبات الشديدة ضد إيران، ونتيجة لتراجع قيمة الريال الإيراني، ارتفعت أسعار علف الدواجن المستورد؛ لذا شهدت أسعار الدواجن ارتفاعا حادا مؤخرا.

وتباع الدواجن بأسعار مختلفة في جميع أنحاء إيران، تتراوح بين 65.000 ريال و80.000 ريال للكيلوغرام الواحد (أي ما يعادل 5 إلى 6.5 دولار أميركي وفقا لسعر تبادل العملة الرسمي). ويثير هذا السعر مزيدا من القلق عندما يجد المستهلكون أنهم يدفعون ما يعادل ثلاثة أضعاف سعر الدواجن مقارنة بالعام الماضي. ويصبح من الصعب تحمل هذه التكاليف على وجه خاص في دولة يعادل إجمالي الدخل القومي للفرد فيها نحو 4520 دولارا في عام 2009، أو 377 دولارا في الشهر، وفقا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن البنك الدولي.

ومن الواضح شعور الإيرانيين بعمق الأزمة، لا سيما في ظل التصريحات التي أدلى بها رئيس الشرطة إسماعيل أحمدي مقدم، حيث طالب قائد الشرطة بعدم عرض «مشاهد تناول الطعام» في المسلسلات التلفزيونية. نقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء عن أحمدي مقدم قوله «يشاهد الناس مثل هذه الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وربما يفكر البعض في أنهم سيحصلون على نصيبهم من الأغنياء بأخذ السكين باليد». ووفقا لما هو معلوم، لم يصل أحد إلى هذه الدرجة، ولكن لم يلتزم الناس الصمت. فقد خرج المواطنون في مدينة نيشابور الشمالية الشرقية، الواقعة في مقاطعة خراسان، إلى الشوارع ورددوا هتافات ضد الرئيس الأميركي محمود أحمدي نجاد، وتظاهر البعض ضد ارتفاع أسعار الغذاء أثناء وقوفهم في صفوف طويلة في انتظار الحصول على الدواجن. وحظيت اللقطات المسجلة التي صورت المظاهرات مشاهدة عالية على موقع «يوتيوب» وشبكات أخبار عدة. وعلى الرغم من متابعة رجال الدين في إيران لارتفاع الأسعار والضغوط التي يواجهها الناس، فإنهم فضلوا وعظ العامة بالتعاون مع الحكومة وتجنب تناول الدواجن. ونقلت وسائل الإعلام الحكومية تصريحات آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي إذ قال «نرى أن الكثيرين يصرخون من ارتفاع أسعار الدواجن. ولكن ما أسوأ ما يمكن أن يحدث إذا لم يتناولها المرء». ومن اللافت أنه برر وجهة نظره بقوله «تقول الغالبية العظمى من الأطباء إن منتجات اللحوم ليست جيدة للصحة».

من جانبها، أقامت الحكومة أسواقا خاصة لتوفير السلع، ومن بينها الغذاء، مباشرة للمواطنين بنسبة خصم بلغت 15 في المائة. وبعد البدء في خطة إصلاح الدعم في البلاد، قد يمثل خصم 15 في المائة من السعر انتكاسة للسياسة التي بدأتها إدارة أحمدي نجاد في المقام الأول. وعلى الرغم من محاولة المسؤولين تثبيت أسعار اللحوم الحمراء حتى نهاية شهر رمضان، فإنه من الصعب الشعور بالتفاؤل بشأن سوق الغذاء على المدى البعيد. ويبدو أن الخطط الاقتصادية في الغالب قصيرة الأمد، للتعامل مع أزمات متتالية.