«الدفاع» البريطانية تخطط لجيل جديد من «غواصات» تعمل دون قائد في الخليج لمراقبة إيران

تساهم في العمليات المضادة لزرع الألغام وشن هجمات صاروخية محتملة ضد السفن المعادية

TT

بعد نجاح حلف شمال الأطلسي في استخدام طائرات من دون طيار «درون» في الشريط القبلي بين باكستان وأفغانستان، وجبال اليمن، أدى إلى تصفية العشرات من قيادات «القاعدة»، يتم التركيز حاليا على المركبات البحرية التي تعمل ذاتيا من دون قائد لأغراض المراقبة والقتال.

وتسعى وزارة الدفاع البريطانية لابتكار جيل جديد من «المركبات» البحرية التي تعمل من دون قائد لتستخدم في القتال المضاد للغواصات وشن هجمات صاروخية محتملة ضد السفن المعادية.

ويستخدم أسطول من المركبات التي تعمل من دون قائد تحت المياه في الخليج ليساعد في منع إيران من زرع ألغام في الممرات البحرية الهامة، ويفكر الوزراء حاليا في إمكانية استخدام وسائل مشابهة في التعامل مع القراصنة على سواحل الصومال, بحسب «الغارديان» البريطانية.

وتوضح الوثائق أن وزارة الدفاع تأمل في تحسين قدرات المركبات التي تعمل من دون طيار بعد أن شاهدت نجاحها في الهجمات التي شنتها قوات حلف شمال الأطلسي ضد حركة طالبان, وتؤكد مصادر في الحكومة البريطانية رغبة القوات البريطانية في إدخال هذا النوع من المركبات في أجهزة الجيش الثلاثة؛ لكونها طريقة رخيصة في شن الحروب وجمع المعلومات وتوفر رقابة مستمرة طوال ساعات اليوم.

وصرح مسؤول رفيع في وزارة الدفاع البريطانية لصحيفة «الغارديان»: «لا حدود لإمكانيات هذه التكنولوجيا الخاصة بالطائرات من دون طيار (درون)». وتم وضع خطط مماثلة لمركبات بحرية عسكرية تعمل من دون قائد في وثائق نشرها معمل التكنولوجيا والعلوم التابع لوزارة الدفاع. وقد طلب من المصنعين التابعين لوزارة الدفاع المساعدة في «تطوير المركبات من أجل تدعيم العمليات البحرية، مثل العمليات المضادة لزرع الألغام وحروب الغواصات والدفاع الصاروخي بشكل أكبر».

وذكر التقرير: «سيتيح الابتكار في التكنولوجيا البحرية بما فيها الأنظمة التي تعمل من دون تدخل مباشر من عنصر بشري، للقوات المسلحة البريطانية الاستمرار في استخدام البحر بأمان وثبات. وتعد الأنظمة التي تخلو من العنصر البشري بشكل مباشر خيارا يمكن أن يساعد في تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام البحرية، بالنظر إلى حجم المخاطر المحتملة وتزايد الطلب على العدد المحدود من الوسائل التي يدخل العنصر البشري في عملها على نحو مباشر، وهو ما تعتمد عليه القدرات البريطانية حاليا إلى حد كبير».

وكانت «الشرق الأوسط» نشرت عدة تحقيقات عن النجاحات الأميركية العسكرية الكبرى التي حققتها باستخدام طائرة «الدرون» في أفغانستان وباكستان واليمن والعراق والصومال، التي قضت فيها على معظم القادة الأساسيين لتنظيم القاعدة، من أبرزهم أبو يحيى الليبي، وأبو خباب المصري الخبير الكيماوي لـ«القاعدة» الذي قضى في غارة في شمال باكستان، وكذا أنور العولقي قتل هو الآخر بضربة صاروخية من طائرة من دون طيار في منطقة جبلية في شرق العاصمة اليمنية صنعاء العام الماضي.. بالإضافة إلى آخرين بينهم بدر منصور، وعطية عبد الرحمن، وإلياس كشميري، وزعيم طالبان بيت الله محسود في أفغانستان وباكستان، ويبدو بحسب خبراء مكافحة الإرهاب أن فرص استخدام «الدرون» في الحروب المقبلة في ازدياد. يضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة تنوي تكثيف قواتها العسكرية في الخليج العربي من خلال نشر غواصات مصغرة من دون غواصين تعمل تحت الماء لاستهداف الألغام الإيرانية، ومن المتوقع أن تشكل هذه الغواصات من دون غواص من طراز «سي فوكس»، التي يبلغ طولها 4 أقدام ويتم توجيهها عن بعد، عنصرا أساسيا في الاستراتيجية العسكرية الأميركية في المنطقة، وسط تصاعد حدة التوترات بشأن برنامج إيران النووي. وغواصات «سي فوكس» تشكل إضافة قوية لقدرة الجيش الأميركي المضادة للألغام، التي لقيت دعما إضافيا هذا الشهر بالإعلان عن قرب توجه 4 كاسحات ألغام إلى الخليج، مما يضاعف عددها هناك إلى 8 قطع.

والمهام المستهدفة حاليا للمركبات البحرية من دون قائد, هي الحروب ضد الغواصات والتصدي للألغام والدفاع الصاروخي المضاد للسفن وعمليات مكافحة القرصنة ودعم عمليات الغواصات المستقبلية. وتوضح الوثيقة إمكانية استخدام المركبات التي تعمل من دون تدخل مباشر من عنصر بشري في الهجوم على الأعداء المحتملين. وجاء في التقرير أيضا: «يمكن استخدام مجموعة من الأنظمة التي تعمل من دون تدخل مباشر من العنصر البشري، من بينها المركبات التي تعمل تحت سطح البحر، والمركبات التي تعمل فوق سطح البحر، والمركبات الجوية، في دعم هذه المهام البحرية».

ومن المتوقع أن تؤدي هذه المركبات عددا من المهام، من بينها على سبيل المثال لا الحصر «الاستشعار عن بعد وتوصيل المعلومات والتوصيل بفاعلية، مثل نشر الأسلحة أو الإجراءات المضادة». وأشار التقرير أيضا إلى زيادة طلب القوات العسكرية على الأنظمة التي تعمل من دون تدخل مباشر من عنصر بشري. يجب أن تزداد قوة هذه المركبات التي تعمل فوق وتحت سطح البحر بحيث تصبح قادرة على دعم العمليات السرية.

وتتضمن الوثائق تفسيرات من القائد الملازم، كيفين غايلز، توضح سبب رغبة البحرية في الحصول على هذه المركبات من أجل القيام بمهام «قذرة خطيرة ومتكررة» مع الحفاظ على انخفاض التكاليف.

ويوضح غايلز أن الحروب المضادة للغواصات هدفها «العثور على الغواصات وإغراقها» باستخدام أنظمة تعمل بتدخل مباشر من العنصر البشري أو من دونه. وقال مسؤول في وزارة الدفاع: «من الممكن أن نرى هذه المركبات قبالة سواحل الصومال، حيث يمكن استخدامها في تعقب السفن وتقديم معلومات استخباراتية إلى قوات بحرية أخرى. ويعد هذا استخداما واحدا من الاستخدامات الممكنة لتكنولوجيا المركبات التي تعمل من دون قائد تحت سطح البحر». وفي ظل قلة عدد الفرقاطات بسبب خفض الميزانية العسكرية، لا تستطيع المملكة المتحدة حاليا تخصيص سفينة من هذه السفن فقط لمكافحة أعمال القرصنة. وتعد المركبات التي تعمل من دون قائد تحت سطح البحر وسيلة من وسائل دعم وتزويد القدرات المتضائلة.

وقال إيان شيبرد، الذي عمل في البحرية الملكية لمدة 20 عاما ومتخصص في القطع الحربية التي تعمل تحت الماء: «تدرك وزارة الدفاع إمكانيات المركبات التي تعمل من دون قائد تحت سطح البحر، فهي تنشرها في الخليج في إطار عمليات اصطياد الألغام. وهناك مهام أخرى كثيرة في مناطق أخرى. على سبيل المثال سيكون من الصعب خلال حرب الغواصات تصنيع قطع بحرية بتكلفة منخفضة يمكن أن تترك في البحر من أجل تشكيل حواجز، ولا تستهلك أي طاقة إلى حين استخدامها».

وأوضح شيبرد أن قدرات المركبات التي تعمل من دون قائد تحت سطح البحر والتي تستخدم في أغراض تجارية مثل التنقيب عن النفط «مذهلة إلى حد ما»، مشيرا إلى تفكير وزارة الدفاع في طريقة لتعديلها، بحيث يتم استخدامها لأغراض عسكرية.