الجيش العراقي والبيشمركة يتوصلان إلى اتفاق للتهدئة ويوجهان قواتهما نحو الحدود السورية

قيادي كردي يشكك بإمكانية نجاح الاتفاق ما دامت المنظومة الأمنية بيد المالكي

جانب من اجتماعات ممثلي الجيش العراقي والبيشمركه في بغداد برعاية أميركية («الشرق الأوسط»)
TT

بعد أكثر من أسبوع على التوتر الحاصل بين قوات البيشمركة الكردية وقيادة الجيش العراقي، على خلفية إرسال تعزيزات عسكرية عراقية إلى الحدود السورية المشتركة شمال غربي مدينة الموصل، توصل الجانبان إلى اتفاق برعاية أميركية يقضي بتطبيع الأوضاع، وتوجيه قوات الطرفين إلى الحدود السورية للقيام بمهمة حماية الحدود، على أن تعود جميع تلك القوات إلى مناطق تمركزها السابقة بعد تحسن الوضع داخل سوريا.

وأعلن الفريق جبار ياور أمين عام وزارة البيشمركة والمتحدث الرسمي باسمها في مؤتمر صحافي عقده أمس بديوان الوزارة تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه، والذي يتألف من سبع نقاط سيتم عرضها على كل من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للموافقة عليها قبل أن تتجه اللجنة العليا إلى مناطق تمركز قوات الجانبين لتطبيق هذا الاتفاق. وقال ياور «بسبب الأوضاع المتدهورة داخل سوريا والتي وصلت تأثيراتها إلى المناطق الحدودية المشتركة مع العديد من دول المنطقة بما فيها العراق، ولتفاقم الخلافات بين الكتل السياسية العراقية في الآونة الأخيرة والتي لعبت دورها في تغذية التوترات والصراعات بين الفرقاء العراقيين، في خضم هذه الأحداث مجتمعة أرسل الجيش العراقي يوم 27 من الشهر الفائت وحدات من قواته إلى بعض مناطق محافظة الموصل، وتوجهت وحدة عسكرية منها إلى منطقة زمار، وكانوا يزمعون الوصول إلى معبر فيشخابور الحدودي مع سوريا، ولم يكن تقدم هذه القوات وفقا لاتفاق مسبق أو بعلم قيادة قوات البيشمركة، ولذلك حدث توتر بين قوات البيشمركة المنتشرة هناك والوحدة القادمة، كادت أن تؤدي إلى مواجهة مسلحة بين الطرفين بعد أن تخندقت قواتهما استعدادا للمواجهة، ولذلك سعت حكومة الإقليم منذ البداية نحو احتواء الموقف وعدم السماح بتفجره، وقامت هي ومصادر في رئاسة الإقليم وقيادات عليا من الحزبين الرئيسيين بكردستان بإجراء الاتصالات على أعلى المستويات لتهدئة الموقف وعدم السماح بتفجره، وتحققت نتيجة تلك الجهود اتصالات مباشرة بين قيادة قوات الجيش والبيشمركة، وبذلت الجهود من أجل عقد اجتماع للجنة العمل العليا برعاية أميركية». وتابع ياور: «تم عقد ذلك الاجتماع المرتقب تحت رعاية أميركية وشارك فيه كل من الفريق الأول الركن علي غيدان قائد القوات البرية العراقية، وحسين العوادي قائد قوات الشرطة العراقية، ومن جانب البيشمركة شاركت أنا والفريق شيروان، ومن الجانب الأميركي حضر جنرالان عسكريان وممثل عن السفارة الأميركية ببغداد. وبعد نقاشات دامت أكثر من ثلاث ساعات توصلنا إلى اتفاق شامل للتهدئة والتطبيع سيعرض على كل من رئيس الإقليم مسعود بارزاني باعتباره قائدا عاما لقوات البيشمركة، ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي باعتباره قائدا عاما للقوات المسلحة العراقية، وتلقينا موافقة رئيس الإقليم على الاتفاق وننتظر موافقة المالكي لتقوم اللجنة العليا بزيارة مناطق الموصل لتنظيم الأمور ووضع الترتيبات لتطبيق الاتفاق».

وعن تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه قال أمين عام وزارة البيشمركة: «الاتفاق يتألف من سبع نقاط، أولها تطبيع الأوضاع بين القوات التي تواجه بعضها البعض في المنطقة من البيشمركة والجيش وتوجيهها نحو الحدود السورية كل في منطقة انتشاره، وستقوم قوات الطرفين بحماية الحدود المشتركة مع سوريا إلى حين انتهاء الأوضاع المتوترة داخل سوريا. والنقطة الثانية نصت على الإسراع بإعادة جميع القوات الإضافية في المنطقة إلى مراكزها السابقة، وإخلاء الشوارع والطرق الرئيسية من أية مظاهر عسكرية من الطرفين. وتنص نقطة أخرى على أنه فور تسلم موافقة رئيس الإقليم ورئيس الوزراء العراقي على هذا الاتفاق سيشرع أعضاء لجنة العمل العليا بتنفيذه ابتداء من مدينة الموصل». وقال ياور في ختام تصريحه: «نظرا لاستمرار الخلافات بين الإقليم والمركز، وبسبب نقل المعلومات بشكل خاطئ إلى الحكومتين المركزية والإقليمية في بعض الأحيان، تقرر أن لا تتخذ الحكومتان أية مواقف متسرعة قبل دعم لجنة العمل المشترك العليا لأية معلومات تتلقاها الحكومتان، حتى لا تقعان في فخ المعلومات الخاطئة، فالأزمة السياسية الحالية بالعراق وكذلك ما يجري من أحداث وتطورات داخل سوريا يؤثران بشكل مباشر على الأوضاع الداخلية في بلدنا مما يتطلب منا المزيد من الحذر والحكمة في التعامل معها».

إلى ذلك، شكك عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه في إمكانية صمود الاتفاق. وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود ما يتناقض مع الاتفاق، كاشفا عن أنه «في الوقت الذي كان الوفدان الكردي والاتحادي يبرمان اتفاقا في بغداد لضمان التنسيق توجه وفد عسكري اتحادي مكون من الفريق عبود كنبر والفريق عامر قائد طيران الجيش والفريق عبد الكريم العزي قائد عمليات دجلة إلى كركوك بأمر من مكتب القائد العام (المالكي)». واعتبر طه أن «زيارة هذا الوفد إلى كركوك في هذا الظرف إنما تهدف إلى إثارة مشاكل من نوع آخر لا سيما أن وضع كركوك بين المناطق المتنازع عليها وضع مختلف تماما». وأوضح طه أنه «ما دامت المنظومة الأمنية بيد مكتب القائد العام فإننا تعودنا على أن تكون الاتفاقات شيئا والتنفيذ شيئا آخر».