أكثر من 90 قتيلا في سوريا.. والجيش الحر: ادعاءات النظام بسيطرته على أحياء دمشق «كاذبة»

المروحيات ترمي المنشورات للتحذير من إيواء «الإرهابيين».. ومعارك حمص تتجدد

TT

بينما ينشغل العالم بالتطورات الميدانية في مدينة حلب، تعرضت مدينة حمص أمس، لحملة عسكرية عنيفة على أكثر من محور، إذ تكثف القصف المدفعي على أحياء القصير، فيما حاولت القوات النظامية اقتحام حي الخالدية من جهة حي كرم شمشم، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع عناصر الجيش الحر الذي حاول صد الهجوم. وأتت تلك التطورات بعدما شهدت دمشق، ودرعا، ودير الزور، اشتباكات بين الجيشين «الحر» و«النظامي»، وتعرضت أحياء من حمص، ودمشق وريفها، ودرعا، واللاذقية لقصف عنيف، أسفر عن سقوط أكثر من 90 قتيلا - كما أعلنت لجان التنسيق المحلية في سوريا - بينهم خمسة أطفال وسيدتان، ومعظمهم في دمشق وريفها، وإدلب، ودرعا.

ميدانيا، وخلافا لما أعلنه الجيش النظامي السوري عن سيطرته على أحياء العاصمة دمشق، أفاد ناشطون بوقوع اشتباكات متقطعة شهدتها المدينة من صباح أمس بين الجيشين «النظامي» و«الحر». وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات النظامية نفذت حملة مداهمات في حي القابون، أسفرت عن اعتقال عدد من المواطنين بينهم سيدة وطفلها البالغ من العمر 12 عاما. وأضاف أن منطقة ركن الدين شهدت نشر القوات النظامية حواجز إسمنتية، وذلك بعد الاشتباكات التي دارت السبت في أحياء ركن والصالحية والمهاجرين. كما لفت إلى العثور على جثث 3 مواطنين في حي التضامن، بالإضافة إلى وجود جثث لمواطنين في الحي يصعب انتشالها بسبب انتشار القناصة.

من جهتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية سقوط 34 قتيلا في دمشق وريفها، بينهم عشرون في مجزرة عربين، فيما ذكرت شبكة «شام» أن قوات الجيش النظامي أعدمت 12 شخصا في حي التضامن. وأفاد ناشطون عن قصف عنيف تعرضت له أحياء جوبر وركن الدين والصالحية من على جبل قاسيون.

وردا على ما أعلنته القوات النظامية أنها «طهرت دمشق من المسلحين»، قال مسؤول بارز في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي الجيش السوري الحر ما زالوا في دمشق، لكنهم يتخذون إجراءات احتياطية كون القصف على الأحياء لم يتوقف »، نافيا أن يكون المسلحون المعارضون انسحبوا من أحياء دمشق. وأكد أن السيطرة التي يتحدث عنها النظام غير قائمة، لكنه يمارس حربا نفسيا ضد المعارضين بالإيحاء بأنه مسيطر، لكن الواقع الميداني يؤكد عكس ذلك.

وشدد المسؤول على أن المعركة في دمشق لم تنته، كاشفا أن «اشتباكات وقعت فجر اليوم (أمس) مما اضطر الجيش النظامي إلى الاستعانة بسلاح المدفعية وقصف الأحياء، لأنه لم يتمكن من دخول بعض الزوايا فيها». وأشار إلى أن القوات النظامية تتفوق بسلاح المدفعية الثقيلة وبطائراتها وحواماتها، لكنها عاجزة عن مقارعة الجيش الحر في مواجهات مباشرة.

في المقابل، كان الجيش السوري قد أعلن أنه استعاد السيطرة على آخر مواقع المتمردين القوية. وأكد مصدر عسكري أن القوات السورية النظامية باتت تسيطر، وبشكل كامل على أحياء دمشق بعد «تطهير» حي التضامن، واصفا الوضع في العاصمة السورية بأنه «ممتاز ومستقر». وقال المصدر، متحدثا إلى الصحافيين: «لقد طهرنا جميع أحياء دمشق من الميدان إلى بساتين الرازي في المزة والحجر الأسود والقدم والسبينة ودف الشوك ويلدا وببيلا والتضامن».

وليس بعيدا عن العاصمة السورية، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أحياء في محافظة ريف دمشق شهدت اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر، وتركزت في حرستا التي سقط فيها 8 قتلى. وشهدت بلدة كفر بطنا اشتباكات ترافقت مع قصف أسفر عن تهدم في 7 منازل، كما تعرضت للقصف منطقتا زملكا، وحي ركن الدين اللذين سقط فيه 6 قتلى. فيما أظهرت صور بثها ناشطون قصفا يستهدف المباني السكنية في مدينة الزبداني بريف دمشق.

وفي مدينة حمص، اشتد القتال من جديد. وقالت لجان التنسيق المحلية المحلية إن اشتباكات شهدتها المدينة بعدما حاولت القوات النظامية اقتحام حي الخالدية من جهة حي كرم شمشم، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع عناصر الجيش الحر الذي حاول صد الهجوم.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مدنيا قتل في الخالدية إثر تعرض منزله للقصف، مشيرا إلى أن القصف طال أحياء جورة الشياح، وأحياء حمص القديمة. ووثقت اللجان سقوط 5 قتلى في محافظة حمص. وأفاد ناشطون عن تجدد القصف المدفعي على مدن الحولة، والقصير، وتلبيسة، والرستن.

وجاءت تلك التطورات بعدما أفادت قناة «العالم» عن أن الجيش السوري أحكم سيطرته عل حمص وفرض طوقا أمنيا على من تبقى من المسلحين.

ونفى مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» هذا الخبر، معتبرا أنه «مضلل». وقال إن الاشتباكات تجددت أمس على أكثر من محور، أهمه محور الخالدية الذي شهد معارك مباشرة مع الجيش الحر، بالإضافة إلى اشتباكات في منطقة قلعة الحصن.

في المقابل، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أنه «في مدينة حمص انفجر فجر أمس مستودع للأسلحة تستخدمه المجموعات الإرهابية المسلحة قرب جامع الفتح بحي جورة الشياح». ونقلت الوكالة عن مصدر رسمي قوله «إن المستودع كان يحتوي ذخيرة وعبوات ناسفة وأدى انفجاره إلى مقتل وإصابة عشرات الإرهابيين وتضرر في بعض الأبنية المجاورة».

وعن منطقة ريف حمص، أكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن مناطق القصير، وتلكلخ والحصن معرضة للقصف على مدى 24 ساعة، مشيرا إلى أن القصف يتم من مطار الضبعة العسكري في ريف القصير، ومن مربض الدبابات في هيت، الذي يقصف منطقة الناعم في القصير.

وأشار المصدر إلى أن الطائرات المروحية النظامية أدخلت إلى مهماتها مهمة جديدة، هي رمي المناشير (المنشورات). وقال إن اليومين الماضيين شهدا تحليقا كثيفا للطيران المروحي النظامي الذي رمى مناشير على القرى، يدعو فيها السكان إلى الإبلاغ عن الإرهابيين، والمجموعات المسلحة لأقرب مركز عسكري، وقال إنها تضمنت تحذيرا للمواطنين من خطر المجموعات المسلحة والتحذير من إيوائهم، داعية إياهم إلى تبليغ أقرب مركز عسكري بوجودهم.

وفي محافظة اللاذقية، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن خمسة من قادة الكتائب الثائرة المقاتلة أصيبوا بجراح إثر قصف تعرض له مبنى في جبل الأكراد فجر اليوم (أمس).

أما في محافظة إدلب، أعلنت لجان التنسيق المحلية عن سقوط 11 قتيلا بقصف استهدف القرى المناطق المعارضة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن بلدات وقرى حنتوتين، وكفر سجنة، والركايا، ومدايا، ومعر دبسة، تعرضت لقصف عنيف من قبل القوات النظامية السورية فجر أمس، مما أسفر عن مقتل 4 مدنيين وإصابة العشرات بجراح في حصيلة أولية. وأفاد المرصد أن مدينة معرة النعمان تعرضت لقصف عشوائي.

وأعلن ناشطون أن عشرات المباني السكنية انهارت في مدينة أريحا بإدلب بسبب القصف العنيف للقوات النظامية.

من جهة ثانية، أشارت مواقع الثورة السورية على الإنترنت إلى وقوع اشتباكات في حي الحاضر في حماه، بعد وصول تعزيزات عسكرية لجيش النظام إلى حي القصور واقتحامه من جهة البساتين وشارع الثلاثين. وأعلنت لجان التنسيق المحلية مقتل 3 أشخاص في حماه.

وفي شرق سوريا، شهد حي الميادين في دير الزور اشتباكات عنيفة بالقرب من مقر الأمن العسكري، وأعلنت لجان التنسيق المحلية أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل شخصين على الأقل، بينما أفاد ناشطون عن استمرار المعارك في أكثر من حي أحياء المدينة.

وفي درعا، شنت قوات النظام حملات دهم واعتقالات في بلدة نمر، ونفذت قصفا عنيفا على مناطق الحراك وناحتة والكرك الشرقي بدرعا مع قطع جميع الاتصالات الهاتفية وخدمة الإنترنت. وقالت لجان التنسيق في درعا إن منازل في منطقة بصرى الشام من المحافظة تعرضت لقصف بالدبابات.

في المقابل، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية: «اشتبكت الجهات المختصة خلال ملاحقتها فلول الإرهابيين في بلدة اليادودة ومزارعها في ريف درعا اليوم مع مجموعة إرهابية مسلحة كانت تقوم بترويع الأهالي وارتكاب أعمال تخريب وقتل». ونقلت الوكالة عن مصدر قوله: «إن الاشتباك أسفر عن مقتل وجرح عدد من الإرهابيين وإلقاء القبض على آخرين».

ورغم الحملات العسكرية والقصف والاعتقالات والاشتباكات، سجل يوم أمس خروج مظاهرات ليلية في أكثر من مكان، منها حلب. وأفاد ناشطون على «فيس بوك» أن المظاهرات خرجت بعد صلاة التراويح تطالب بإسقاط النظام ووضع حد للمجازر، معلنة تضامنها مع مدينة حلب.

وفي ريف إدلب خرجت مظاهرات ليلية تطالب بوقف «المجازر» التي يرتكبها النظام ضد المدنيين العزل. وقد تركزت المظاهرات في مناطق بنش وكنصفرة بجبل الزاوية وفي مدينة حماه وريفها، وخرجت مظاهرات في أحياء طريق حلب والكرامة والبياض وكفر زيتا، منددة بما يرتكبه النظام من مجازر بحق المدنيين.

وفي حفايا تحول تشييع قتلى مجزرة «زور الحيصة» إلى مظاهرة ليلية منددة بعمليات القتل التي تنفذها قوات النظام.