فرح وإينيس وروثرفورد يشعلون حماس البريطانيين في الملعب الأولمبي

بـ3 ذهبيات تاريخية في 10 آلاف متر ومسابقة السباعية والوثب الطويل

TT

أشعل كل من جيسيكا إينيس وغريغ روثرفورد ومحمد فرح حماس الجمهور الذي ملأ الملعب الأولمبي الذي يتسع لـ80 ألف متفرج بانتزاع 3 ميداليات ذهبية لبريطانيا في منافسات ألعاب القوى ضمن دورة الألعاب الأولمبية المقامة حاليا في لندن.

وافتتحت جيسيكا إينيس النجمة المدللة للجمهور البريطاني التي غزت صورها الشوارع البريطانية كأحد الرموز الدعائية لألعاب لندن الأولمبية الصيفية 2012، الرصيد البريطاني عندما أحرزت ذهبية مسابقة السباعية «هبتاتلون». وتفوقت إينيس (6955 نقطة)، التي حطمت رقمها الشخصي (6906 نقاط)، على الألمانية ليلي شفارزكوف (6649 نقطة) ثم الروسية تاتيانا تشرنوفا (6628 نقطة) ورفعت بفخر على كتفيها علم المملكة مكتوبا عليه اسمها وهي تطوف المضمار الأولمبي.

وعوضت إينيس خيبة أملها عندما غابت عن أولمبياد بكين قبل أربع سنوات بداعي الإصابة.

وقالت إينيس: «أكاد لا أصدق ما حصل. بعد العمل الشاق وخيبة أمل بكين، قام الجميع بمساندتي وقالوا لي: استعدي من الآن للألعاب المقبلة. وها أنا أحتفل بالذهبية».

وأضافت: «لقيت دعما هائلا لكنني تعرضت لضغوط كبيرة أيضا».

وكانت إينيس بحاجة لتحقيق 2.05.69 دقيقة أو أقل في سباق 800 متر الأخير؛ لتتخطى الحاجز السحري في السباعية البالغ 7 آلاف نقطة وتصبح رابع رياضية في التاريخ تحقق هذا الإنجاز، لكنها اكتفت بتوقيت 2.08.65 دقيقة محرزة المركز الأول في مجموعتها.

ودخلت إينيس المسابقة الأخيرة وهي تتقدم بفارق 188 نقطة عن أقرب منافساتها، بعد أن اعتبرت أنها تتعرض «لضغوط كبيرة لكن جميلة. الشعب يريدني أن أحقق نتيجة طيبة».

وكانت إينيس (26 عاما) المولودة في شيفيلد والتي لقيت دعما هائلا من 80 ألف متفرج، حققت أفضل رقم شخصي لها في سباقي 100 متر حواجز و200 متر ثم وثبت 6.48 متر في الوثب الطويل.

يذكر أن إينيس، طالبة علم النفس التي تعشق التنزه مع كلبتها مايلا، غابت عن ألعاب بكين 2008 بسبب كسر في كاحلها الأيمن، وأصبحت أول بريطانية تحقق ذهبية السباعية في بطولة العالم 2009 في برلين، ونالت بعدها فضية دييغو 2011.

وتقول إينيس صاحبة الجذور الجامايكية (من والدها) إن مدربها طوني مينيكييلو الذي يرافقها منذ كانت بعمر الثانية عشرة في شيفيلد، لعب دورا هائلا في مسيرتها؛ إذ علمها التركيز والبقاء إيجابية خلال المسابقات، على الرغم من نقاشاتهما الحادة أحيانا، وقالت: «نتجادل كثيرا ويصرخ بعضنا على بعض. بالطبع أنا على حق وهو على خطأ. لكن نعرف كيف نتصالح بعد ذلك».

وخلت الساحة لإينيس بعد انسحاب الأوكرانية ناتاليا دوبرينسكا حاملة اللقب وذهبية بطولة العالم 2012 داخل قاعة، قبل مسابقة رمي الرمح، بسبب تردي نتائجها الأخيرة، لينتقل الذهب الأولمبي إلى عنق الرياضية البريطانية.

ثم جاء دور غريغ روثرفورد الذي أحرز ذهبية مسابقة الوثب الطويل مسجلا 8.31 متر. وكانت الفضية من نصيب الأسترالي ميتشل وات (8.16 م)، والبرونزية للأميركي ويل كلاي (8.12 م).

وبات روثرفورد أول بريطاني يتوج بهذا الاختصاص منذ لين ديفيس في أولمبياد طوكيو 1964. وينحدر روثرفورد من عائلة رياضية؛ حيث سبق لجده جوك روثرفورد أن دافع عن ألوان منتخب إنجلترا لكرة القدم من 1904 إلى 1908.

يذكر أن حامل اللقب في بكين 2008 البنمي ايرفينغ سالادينو فشل في بلوغ الدور النهائي.

وكان ختامها مسكا للبريطانيين عندما نجح العداء محمد فرح في وضع حد لسيطرة العدائين الأفارقة على سباق 10 آلاف متر دامت 28 عاما عندما توج بطلا لهذه المسافة مسجلا 27.30.42 دقيقة، وحل ثانيا الأميركي غالين روب (27.30.90 د)، وثالثا الإثيوبي تاريكو بيكيلي (27.31.43 د).

وكان فرح، الصومالي الأصل الذي انتقل للعيش في إنجلترا وهو في الثامنة، حل ثانيا في بطولة العالم العام الماضي في دييغو، ويبدو أن إقامة الألعاب في بلاده منحته دفعا معنويا هائلا، وتحديدا في اللفة الأخيرة التي أطلق فيها العنان لساقيه ليدخل خط النهاية متقدما بفارق مريح نسبيا على أقرب منافسيه.

وهي المرة الأولى التي لا يحرز فيها عداء من القارة الأفريقية لقب هذا السباق منذ أن توج الإيطالي ألبرتو كوفا بطلا عام 1984 في لوس أنجليس، علما بأن اللقب كان اختصاصا إثيوبيا في النسخات الأربع الأخيرة، حيث تقاسم الفوز به الأسطورة هايله جبريسيلاسي ومواطنه كينينيسا بيكيلي الذي أنهى السباق رابعا.

وكان بيكيلي يأمل في أن يصبح أول عداء في التاريخ يفوز باللقب ثلاث مرات متتالية، لكن قواه خارت في الأمتار الأخيرة.

وقال فرح بعد السباق: «إنها أجمل لحظة في حياتي، لن أعيش أحاسيس أقوى من تلك التي عشتها إطلاقا. أكاد لا أصدق ما حصل، كان الجمهور رائعا، وكلما اقتربت من خط النهاية كان صوته يعلو أكثر فأكثر».

وامتدح فرح (29 عاما) شريكه الأميركي في التدريبات ومدربه الكوبي لمساعدته في منح بريطانيا أول ميدالية ذهبية في سباق 10 آلاف متر.

وقال فرح: «لقد رأيت جيسيكا وعرفت أنها فازت. الأجواء كانت مختلفة تماما. كان هناك ضجيج هائل.. بدا الأمر وكأن شخص ما أعطاني عشرة فناجين من القهوة.. كنت منفعلا للغاية وكنت أدرك أن علي أن أفعل شيئا».

وأضاف: «إذا لم توجد هذه الجماهير وهذه المساندة ما كنت لأفوز. إنها أفضل لحظة في حياتي».

وتلقى فرح عناقا حارا من زوجته تانيا وابنته في المضمار بعد اللحظة الرياضية الأبرز في حياته، مدعوما بالجماهير المحتشدة، فيما بدا كأنه اللحظة الأكثر صخبا في تاريخ ألعاب القوى.

وعن تمثيله بريطانيا قال فرح: «إنه وطني الذي نضجت فيه. لا يوجد أفضل من أن تصبح بطلا أولمبيا.. هذه بلادي».

وولد فرح في مقديشو ثم رحل إلى بريطانيا في سن الثامنة، بعد فترة قصيرة عاشها في جيبوتي، وبينما لم ينس جذوره.. أكد فرح أنه بريطاني الهوية.

وتم اكتشاف موهبة فرح في العدو من خلال مدرس فيزياء في المدرسة. وتدرب في كينيا وإثيوبيا معقلي سباقات المسافات الطويلة.. وانتقل في العام الماضي إلى أميركا ليتدرب تحت قيادة مدربه المولود في كوبا ألبرتو سالازار، الفائز بلقب ماراثون نيويورك ثلاث مرات في ثمانينات القرن الماضي، بينما يتقمص روب شخصية شريكه التدريبي.

وفاز فرح بالميدالية الذهبية لسباق 5000 متر في بطولة العالم 2011 مما أهله للمشاركة الأولمبية.

وأجمع فرح وروب على أنهما يخططان للمنافسة أمام العدائين الأفارقة أصحاب القوة، الذين دائما ما يستخدمون النواحي الفنية للفرق.

وأكد فرح: «منذ انضمامي لهذه المجموعة حظيت بمساندة هائلة.. لقد تدربت في إثيوبيا، كينيا وأميركا.. تعلمت الكثير.. إذا أردت أن تكون الأفضل فعليك أن تتدرب بأقصى قوة لك».

وشدد فرح على أن زميله روب «أحد أفضل أصدقائي».

واحتفظت العداءة الجامايكية شيلي آن فرايزر برايس بلقبها بطلة لسباق 100 متر مسجلة 10.75 ثانية. ونالت الفضية الأميركية كارميليتا جيتر 10.78 ثانية، والبرونزية الجامايكية فيرونيكا كامبل براون 10.81 ثانية.

وباتت فرايزر برايس أول عداءة تحتفظ بلقب هذا السباق منذ أن نجحت في تحقيق هذا الإنجاز الأميركية غايل ديفرز (1992 و1996)، وهي الثالثة على الإطلاق بعد وايوميا تيوس (1964 و1968).