اللواء جمال حارس.. أقدم فارس في مصر

كان صديقا لعبد الناصر والسادات وأحمد مظهر.. وشارك في 3 دورات أولمبية

اللواء جمال حارس يقدم عرضا لقفز الحواجز أثناء تكريمه في الاحتفالية بمئوية اللجنة الأولمبية المصرية عام 2010
TT

بينما يتسابق الفرسان العرب مع منافسيهم في قفز الحواجز ضمن مسابقات الفروسية بأولمبياد لندن 2012، يركن أقدم فارس في مصر لصفحات ذكرياته مع رياضته التي برع فيها فارسا أولمبيا شارك في 3 دورات متتالية أعوام 1952 و1956 و1960.

اللواء جمال الدين مرسي حارس، (87 عاما)، ولد عام 1925 بالقاهرة، وقاد منتخب الفروسية المصري في البطولات الكبرى ليسطر اسمه واحدا من أبطال الفروسية المصريين.

«الشرق الأوسط» حاورت الفارس الأولمبي بمنزله بضاحية مصر الجديدة، عن ذكرياته الأولمبية وسط مئات من الكؤوس والميداليات.. يقول: «كان والدي طبيبا بيطريا، وهو ما جعلني أكن حبا خاصا للخيول، وأهلني للالتحاق بسلاح الفرسان بعد تخرجي من الكلية الحربية عام 1945، بينما بدأت تمثيل مصر في منتخب الفروسية عام 1949، وقتها كانت مصر قد بدأت تخطو خطوات جيدة في مجال الفروسية بفضل جهود محمد طاهر باشا مؤسس ورئيس الاتحاد المصري للفروسية، الذي كان يستقدم فرق أوروبا على نفقته الخاصة إلى مصر حتى يتم الاحتكاك بين الفرسان المصريين والأوروبيين، كما كان ينظم رحلات إلى أوروبا لتدريب الفرسان المصريين، وهو ما أهل مصر لدخول الاتحاد الدولي للفروسية».

يحمل الفارس المصري تاريخا طويلا من المشاركات الأولمبية، التي بدأت منذ دورة «هلسنكي ‏1952‏»، والتي يقول عنها: «عندما التحقت بمنتخب الفروسية، جاء لتدريبنا مدرب فرنسي، ولكنه للأسف وجدنا متأخرين 50 عاما في هذا المجال، لذا كانت المشاركة في دورة هلسنكي فخرا لمصر، وقتها لمست أن الجماهير والمسؤولين عن الدورة كانوا مستغربين من جود فريق مصري، وكان ذلك أول احتكاك أولمبي لنا بعد الاحتكاك مع فرق أوروبا، وكانت المشاركة مهمة لأن الاحتكاك مع فرق قوية يكسبنا الخبرة، وهو ما تحقق لي على المستوى الشخصي على الرغم من عدم تحقيق أي ميداليات».

في عام 1956 كانت دورة ملبورن، ولكن بسبب مشكلات في الحجر الصحي ومنع أستراليا دخول الخيول أراضيها حفاظا على ثروتها الحيوانية، قرر الاتحاد الدولي أن تقام بطولة الفروسية بمفردها في مدينة أستوكهولم بالسويد.. يتذكر اللواء جمال حارس قائلا: «في هذه الدورة لم تشترك مصر بأي ألعاب سوى الفروسية بسبب العدوان الثلاثي على مصر الذي وقع في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بينما أقيمت مسابقة الفروسية في وقت سابق (شهر يونيو/ حزيران)». ويتابع: «أتذكر أنه أقيم للمسابقة حفل افتتاح رسمي خاص بها كالدورة الأولمبية تماما، وفي مباراة لنا تسمى (كاملة أنواع) حضرت في مضمار السباق الملكة إليزابيث ملكة إنجلترا وشقيقتها مارغريت رغم هطول الأمطار، وقد حصلنا على المركز التاسع في الترتيب الفردي».

قبل دورة «روما 1960» كان الفارس جمال حارس مرشحا بقوة لتحقيق ميدالية لمصر، يقول: «قبل الدورة تعرضت للإصابة، ورغم ذلك، فإننا كنا على وشك إحراز ميدالية، وقد حصلنا على المركز الرابع من بين 6 فرق لم تستبعد من أصل 18 منتخبا من بينها فرنسا وإنجلترا وهما أبطال العالم».

بعد 4 سنوات أخرى وفي دورة «طوكيو 1964» كان الفارس جمال يقود منتخب بلاده، ولكن قبل الوصول إلى اليابان حدث ما منعه من المشاركة، يقول: «بعد سفرنا إلى فرنسا في طريقنا إلى طوكيو، أخبرني سفير مصر لدى فرنسا برسالة من وزير الرياضة وقتها طلعت خيري يريدني أن أضمن له الحصول على ميدالية في الدورة بصفتي أكبر فرسان الفريق، ولكني رفضت ذلك الشرط لصعوبة ذلك، وقررت العودة مع الفريق دون مشاركة».

بخلاف الدورات الأولمبية، شارك جمال حارس في بطولة العالم عام 1956 في ألمانيا، وكان ترتيبه الـ15، ويتابع: «اشتركت في بطولة عام 1960 وكان ترتيبي الثامن، وهو العام نفسه التي أقيمت فيه الدورة الأولمبية في روما، وقد تفوقت على أبطالها الأولمبيين الذين جاءوا في الترتيب بعدي». كما شارك البطل المصري أيضا في بطولات البحر المتوسط؛ كان أبرزها دورة عام 1959 بلبنان التي حقق فيها 6 ميداليات. فيما اعتزل حارس عام 1965 واتجه لتدريب المنتخب بناء على توصية المدرب الأجنبي وقت ذلك.

وبحسب الفارس الأولمبي، «فالفرسان حاليا أفضل حظا، فقديما في الدورات الأولمبية كان الفريق يتكون 3 أفراد، وإذا استبعد أحدهم يستبعد الفريق بأكمله، وكان السد المائي يبلغ 5 أمتار، والآن أصبح 4 أمتار، وكان ممنوعا أن يقترب الفارس بحصانه من الموانع قبل القفز لتشميمه إياه».

حصل حارس على 375 ميدالية وكأسا في بطولات محلية وعالمية، ونال تكريمات عدة، حيث نال من الرئيس جمال عبد الناصر نوط الرياضة من الدرجة الأولى سنة 1959، وسلمه الرئيس السادات وسام الرياضة سنة 1980. وفي نهاية عام 2010 تم تكريمه في الاحتفالية بمئوية اللجنة الأولمبية المصرية‏، وتم تكريمه من جانب جاك روغ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، بعد أن امتطى جواده في رشاقة في هذا العمر وقدم عرضا لقفز السدود.

بعيدا عن الرياضة، ومع انتمائه لسلاح الفرسان، ارتبط جمال حارس بصداقات مع الضباط الأحرار ومجلس قيادة ثورة 1952، خاصة حسين الشافعي قائد سلاح الفرسان، كما كان على علاقة بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وعنه يقول: «كان رجلا وطنيا منذ عرفته في الكلية الحربية عندما كان يدرس لي، كما كان دائم الحضور إلى مدرسة الخيالة، كما ذهبت لمنزله ذات مرة للقاء الوزير عبد اللطيف بغدادي حيث كان الوزراء مجتمعين في منزله». ويتابع: «كنت على صداقة أيضا بالرئيس السادات الذي كان يحب ركوب الخيل، وكنا نركبها معا، لذا كانت علاقتي به جيدة للغاية».

ارتبط اللواء حارس أيضا بعلاقة صداقة قوية مع الفنان الراحل أحمد مظهر، زميله في سلاح الفرسان، الذي يقول عنه: «مظهر كان كثير المواهب؛ يلعب الملاكمة، والشيش، ويعزف الموسيقى، ويهوى ضرب النار، إلى جانب مهارته في الفروسية.. فقد سافر معنا في بطولات رياضية، ولكن جذبه التمثيل، وكنا نذهب إلى عروض الفروسية التي كان يحضرها الملك قبل الثورة، وكانت لنا علاقات شخصية على مستوى الأسرة، وأتذكر أني لجأت إليه عندما حانت لحظة ولادة زوجتي، حيث كان هناك حظر تجول بسبب حرائق القاهرة عام 1951».