سوق سوداء لـ«تجار شنطة» شرائح الاتصالات مسبقة الدفع

عمليات إغراق يشهدها القطاع

انخفاضات تطال الأرقام المميزة لشرائح الجوال بعد ربطها بالهوية الوطنية («الشرق الأوسط»)
TT

يسابق تجار الأرقام المميزة مسبقة الدفع والمستثمرون فيها في السعودية، الزمن ليظفروا بأكبر نسبة أرباح يمكن تحقيقها هذه الفترة، للاستفادة من تمديد هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات المحلية، وقت ربط شحن شرائح الاتصالات مسبقة الدفع للهاتف المتنقل، أو إعادة شحنها أو تحويل رصيدها برقم الهوية، القرار الذي خفض في وقت سابق الأسعار، وأحجم من مبيعاتها ليصل إلى مستوى غير مسبوق، وهو ما انعكس عليهم سلبا كمستثمرين يعتمدون في تحقيق الأرباح على هذه النوعية من الأرقام.

وأتى القرار كطوق نجاة، أجبر التجار والمهتمون الذين يمتلكون أعدادا كبيرة من الشرائح المميزة، والتي تقدر قيمتها السوقية بمئات الملايين من الريالات، على ابتكار طرق حديثة لتصريف بضائعهم في وقت قياسي لا يتجاوز الشهرين، وهي المدة التي وضعتها الهيئة كموعد أقصى لعمل شرائح الهاتف المجهولة، وظهرت وسائل جديدة لم تكن منتشرة في السابق، مثل نشوء سوق سوداء لم تكن منتشرة سابقا، إضافة إلى انتشار العمالة في الأسواق والمجمعات، وطرق كثيرة، ازدهرت وأعادت بعض قيمة القطاع الذي فقدها.

بندر العييد المستثمر في سوق الأرقام المميزة، أكد أن القرار انتشلهم من خسائر كبيرة لامست مبيعاتهم، وخفضت أرباحهم إلى مستويات كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية التي سبقت تمديد القرار، لافتا إلى أن الأسعار شهدت ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالأيام الماضية التي سبقت قرار التمديد، وهي الفترة التي سجلت السوق فيها أكبر انخفاض له، منذ نشأتها بحسب قوله، مشيرا إلى أن السوق تعيش انتعاشا حذرا، لكنه انعكس إيجابا على المبيعات.

وزاد «استغل هذا الانتعاش بعض الموردين والمستثمرين، الذين أغرقوا السوق بكميات أكبر من الأرقام، يقومون بتصريفها عن طريق الموزعين وتجار الشنطة وبعض العمالة، التي لوحظ انتشارها في الأسواق والمولات التجارية، ليقوموا ببيعها من أجل الحصول على النسبة المتفق عليها، بينهم وبين الموزعين الذين لا يهمهم سوى الكسب المادي، عن أي مبدأ آخر».

وكانت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، قد أكدت في وقت سابق عن التزامها بعدم استخدام أي شرائح اتصالات مسبقة الدفع مجهولة الهوية، وضرورة أن تكون بيانات المشترك لدى مقدم الخدمة صحيحة ومحدثة، مبينة أنه لن يتم قبول شحن أي شريحة مسبقة الدفع أو إعادة شحنها أو تحويل الرصيد، ما لم يقم المشترك بإدخال رقم الهوية مطابقا لرقم الهوية الذي تم بموجبه الاشتراك في الخدمة، مشيرة إلى أن الإجراء يأتي ضمن جهود الهيئة للحد من انتشار شرائح الاتصالات مسبقة الدفع غير النظامية.

وفي شأن متصل، لفت محمد الطلحة الذي يمتلك محلا متخصصا لبيع الشرائح المميزة، إلى أن القرار كشف الأوراق لهم كبائعين لهذه النوعية من الأرقام، إذ بدأ الموزعون في عرض كميات هائلة من الأرقام عليهم وبأسعار منافسة، لإغرائهم بشرائها وأعاد بيعها من جديد، وتساءل الطلحة أين كانت تلك الكميات من الأرقام في السنوات الماضية، مبينا أن الموزعين كانوا يجففون السوق من فترة لأخرى ليتحكموا بالأسعار، أما الآن فالأرقام المعروضة وتصل إلى أضعاف طاقة السوق في استيعابها.

ويأخذ شراء الأرقام المميزة اهتمامات كثير من الشباب في السعودية، نتيجة للمباهاة أو لتسهيل حفظ الرقم من قبل الأصدقاء أو العائلة أو غيرها.

ويؤكد الطلحة أن السوق تشهد تحركا نشطا غير مسبوق، إلا أن ما يفسد السوق هو تدخل العمالة الأجنبية المخالفة بشكل سافر عن طريق عملهم كتجار شنطة، تخصصوا مؤخرا في بيع وشراء الأرقام، وهو الأمر الذي يحجم تحقيقهم كأصحاب سوق الأرباح المأمولة، مناشدا أن يتم توطين السوق لتقييده من الانفلاتات التي يعيشها، باعتبار القطاع دخلا اقتصاديا أساسيا للكثير من السكان المحليين الذين يعملون فيه.

وأثارت هيئة الاتصالات السعودية بتمديدها عمل الشرائح المجهولة لشهرين إضافيين، ابتداء من 31 يوليو (تموز) الماضي، وهو التاريخ الذي حددته سابقا لتطبيق القرار، ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي التي انقسمت حول جدوى العمل به، وعن إمكانية تطبيقه على أرض الواقع، كما أن هناك من راهن بأن تمديد دخوله حيز التنفيذ ما هي إلا بداية لإلغائه بشكل تدريجي، الأمر الذي يتمناه تجار الأرقام المميزة التي انخفضت مبيعاتهم لأكثر من النصف.

وفي صلب الموضوع أبان عبد الله البواردي المستثمر في قطاع الاتصالات، أن سوق الأرقام سوق ذات ربح بين وزبائنها معروفون بعشقهم تبديل الأرقام بشكل مستمر. وزاد «إنه في الوقت الذي تعتبر فيه السوق مربحة، فإنها ذات وضع حساس يرتبط بالأمن بالدرجة الأولى»، محذرا من سوق سوداء بدأت في الظهور مؤخرا، استحوذت على حصة كبيرة من الأرقام، يعرفون بانتشارهم في الشوارع والمولات وبعض أحياء العاصمة المزدحمة.

وكانت مواقع الشركات المحلية قد شهدت ازدحاما ملحوظا، من قبل الراغبين والمستفسرين عن طريقة ربط أرقامهم بهوياتهم، إلا أن مهتمين أكدوا أن السوق تحتاج إلى وقت أكبر لتقييد الشرائح بأسماء أصحابها، نظرا للانتشار الكبير لسوق الشرائح المجهولة.

وبالعودة إلى البواردي الذي أوضح أن المسؤول عن ظهور هذه السوق، هم الموزعون الذين يعرضون على المستثمرين أضعاف ما يمكن بيعه، بغية الاستفادة من الوقت المتبقي من مهلة هيئة الاتصالات لتصريف ما يمتلكون، متوقعا عدم استمرار السوق بالانخفاض، وأن تقلص المبيعات سيكون مؤقتا، لحين اعتياد المشترين على شراء الشريحة التي تحمل رقم هويتهم.