«ستاندارد تشارترد» يخسر 16 مليار دولار بسبب تعاملات إيران

السهم فقد 23% من قيمته ونيويورك هددت بسحب رخصته

هوى سهم بنك «ستاندارد تشارترد» الذي يركز على آسيا 5.‏23 % (أ.ب)
TT

خسر بنك «ستاندارد تشارترد» 16 مليار دولار من قيمته السوقية صباح أمس بعدما هددت هيئة الخدمات المالية في نيويورك بإلغاء رخصة البنك للعمل في الولاية، وذلك لإخفائه تعاملات مرتبطة بإيران قيمتها 250 مليار دولار.

وقالت الهيئة أول من أمس، الاثنين، إن «ستاندارد تشارترد» «مؤسسة مارقة»، وأنه «تواطأ» مع حكومة إيران التي تخضع لعقوبات أميركية بسبب برنامجها النووي وأخفى 60 ألف معاملة ليجني رسوما بمئات الملايين من الدولارات على مدى قرابة 10 سنوات.

وهوى سهم البنك الذي يركز على آسيا 5.‏23 في المائة إلى 25.‏11 جنيه إسترليني مسجلا أدنى مستوى في 3 سنوات. وبذلك ترتفع خسائر أسهم البنك إلى 30 في المائة منذ ظهرت تلك الأنباء قبيل إغلاق تعاملات أول من أمس، الاثنين. وقال مستثمر في إحدى المؤسسات «اللغة المستخدمة مقلقة للغاية. قد يكون الأميركيون يبالغون بالطبع لكن الوضع هنا لا يبدو كذلك».

وقالت هيئة الخدمات المالية إن البنك الذي يجري محادثات مع السلطات الأميركية منذ سنوات بشأن المسألة ترك النظام المصرفي الأميركي عرضة لإرهابيين ومهربي مخدرات ودول فاسدة. ووصفت الهيئة التنظيمية في نيويورك كيف جادل البنك بشأن مواصلة التعامل مع إيران. و«ستاندارد تشارترد» أحد أقل البنوك تأثرا بالأزمة المالية بفضل تركيزه على الأسواق الصاعدة ونهجه المتحفظ بشأن رأس المال والسيولة.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2006 حذر أكبر مسؤول عن أنشطة البنك في الأميركتين - الذي لم تذكر الهيئة اسمه - في «رسالة تنم عن الذعر» من أن التعاملات الإيرانية يمكن أن « تلحق أضرارا كارثية بسمعة البنك» وتنطوي على «مسؤولية جنائية خطيرة». ورد مدير تنفيذي في لندن قائلا: «من أنتم أيها الأميركيون لتطلبوا منا ومن باقي العالم أن لا نتعامل مع الإيرانيين».

وقالت الهيئة إن الرد أظهر «ازدراء واضحا للقواعد التنظيمية المصرفية الأميركية». وقال «ستاندارد تشارترد» في بيان أن البنك «لا يعتقد أن الأمر الذي أصدرته إدارة الخدمات المالية يعبر عن صورة كاملة ودقيقة للحقائق».

وإذا تقرر إلغاء رخصة عمل «ستاندارد تشارترد» في الولاية فسوف يكون ذلك ضربة مدمرة لبنك أجنبي إذ سيحول دون وصوله المباشر إلى السوق المصرفية الأميركية. وقالت إدارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك إن «ستاندارد تشارترد» يقوم بمباشرة تعاملات بقيمة 190 مليار دولار يوميا لحساب عملاء في العالم.

و«ستاندارد تشارترد» ثالث بنك بريطاني يتورط في تحقيقات تجريها سلطات تنفيذ القانون الأميركية. ووافق بنك «باركليز» على دفع 453 مليون دولار لتسوية تحقيقات أميركية وبريطانية بشأن التلاعب في سعر فائدة قياسي عالمي في يونيو (حزيران).

وبعد ذلك بشهر أصدرت لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي تقريرا وجه انتقادات لاذعة لجهود «إتش إس بي سي» بشأن الرقابة على المعاملات المشبوهة. وقال البنك إنه أطلع الهيئات الأميركية المختصة على تحليل أظهر أنه «حرص على الإذعان وأذعن إلى حد كبير» للقوانين الأميركية.

وذهب «ستاندارد تشارترد» إلى تقدير أن المعاملات التي لم تلتزم بتلك القوانين تقل قيمتها عن 14 مليون دولار. وقال إن 9.‏99 في المائة من المعاملات المرتبطة بإيران امتثلت للقواعد.

وقال «ستاندارد تشارترد»: «فوجئت المجموعة بتلقي الأمر من هيئة الخدمات المالية نظرا لاستمرار المناقشات مع الوكالات. نعتزم مناقشة تلك الأمور مع الهيئة ومواجهة موقفهم».

ويتعين على البنك المثول أمام الهيئة في 15 أغسطس (آب).

وقال غاريث هنت، محلل المؤسسات المالية لدى «كاناكورد جينويتي» الذي صنف سهم البنك بتوصية بالشراء: «البعض يتبعون الوهم القائل إن (ستاندارد تشارترد) أول البنوك المحمية من المخاطر في العالم وهو ليس كذلك. اكتشفنا أن (ستاندارد تشارترد) معرض للمخاطر مثل كل البنوك».

وخفض مايك تريبيت، المحلل لدى «أوريل» تصنيفه للسهم إلى توصية بخفض الوزن في المحفظة الاستثمارية من توصية بالشراء. وقال: «يمكنك رسم عدد من السيناريوهات من عاصفة في فنجان إلى كارثة.. لكن من الصعب تبين ذلك حاليا». و«ستاندارد تشارترد» هو سادس بنك أجنبي منذ عام 2008 يكون محل اتهام بالتورط في معاملات مع بلدان تخضع لعقوبات مثل إيران في تحقيقات قادها مسؤولون اتحاديون في ولاية نيويورك. ووافقت 4 بنوك - هي «باركليز» ومجموعة «كريدي سويس» وبنك «آي إن جي» و«لويدز» - على غرامات وتسويات تبلغ قيمتها إجمالا 8.‏1 مليار دولار. ويخضع «إتش إس بي سي» حاليا للتحقيق من جانب أجهزة تنفيذ القانون الأميركية.

وأمرت إدارة الخدمات المالية في نيويورك «ستاندارد تشارترد» بتوضيح لماذا ينبغي أن لا يخسر البنك رخصة العمل بالولاية والقدرة على القيام بمعاملات بالدولار. كما أمر رئيس الهيئة بنجامين لوسكي البنك باستقدام مستشار خارجي لمراقبة تعاملاته.

وقال لوسكي: «عمل بنك (ستاندارد تشارترد) كمؤسسة مارقة».

وتحقيق لوسكي غير معتاد لأن التحقيقات في المعاملات المصرفية المرتبطة بإيران كان يقودها بالأساس مكتب المحامي العام في مانهاتن ووزارة العدل.