مصر تودع شهداء مجزرة رفح في جنازة مهيبة بحضور طنطاوي.. وبغياب مرسي

رئيس الوزراء يتعرض للاعتداء بالأحذية من قبل المشيعين

رئيس الوزراء المصري هشام قنديل يخرج في حراسة الأمن بعد الاعتداء عليه أثناء صلاة الجنازة («الشرق الأوسط»)
TT

شيعت مصر أمس في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة 16 ضابطا وجنديا من القوات المسلحة والشرطة قتلوا في حادث رفح الإرهابي يوم الأحد الماضي. تقدم المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الجنازة التي شيعت من مسجد آل رشدان بمدينة نصر (شرق القاهرة)، فيما غاب عنها الرئيس محمد مرسي ورئيس وزرائه الدكتور هشام قنديل.

وكان قنديل قد أدى صلاة الجنازة على الشهداء في المسجد إلا أن بعض المشيعين هاجموه ورددوا هتافات ضده ورفعوا الأحذية في وجهه، الأمر الذي دفع حراسه إلى دفعه لمغادرة المسجد، وخلال مغادرة سيارته ساحة المسجد اعتدى عليها بعض المصلين مما أحدث بها خسائر.

وشارك في الجنازة الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والأنبا باخوميوس قائمقام البطريرك، والدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء السابق، والدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، واللواء أحمد زكي عابدين وزير التنمية المحلية، وعدد من الوزراء السابقين والحاليين، وعمرو موسى وحمدين صباحي المرشحان الرئاسيان السابقان، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المواطنين المصريين وأسر الشهداء. كما شارك عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق في بداية مراسم التشييع قبل أن يغادر المكان عقب تعرضه لاعتداء من عشرات المشيعين. وتعرض نادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي لاعتداء بالضرب من قبل أسر الشهداء أثناء مشاركته في الجنازة.

وقال بكار على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «بعد فضل الله ما أنقذني من بطش هؤلاء - الشرذمة - إلا ضباط القوات المسلحة، أدخلوني أتوبيسا تابعا لهم وحموني بأجسادهم حتى غادرت».

بدأت مراسم التشييع بأداء صلاة الجنازة داخل المسجد، ثم حمل جنود الشرطة العسكرية النعوش ووضعوها في سيارات إسعاف تابعة للقوات المسلحة نقلتها إلى منطقة النصب التذكاري للجندي المجهول حيث كان يصطف كبار المشيعين، ثم حمل الجنود نعوش زملائهم مرة أخرى، وساروا بها في خطوات عسكرية حزينة لمسافة نحو 200 متر قبل أن توضع النعوش في السيارات التي أقلتها إلى مثواها الأخير بمختلف المحافظات المصرية.

وانتظر المشيعون لنحو نصف ساعة في انتظار وصول الرئيس مرسي كما كان مقررا، إلا أنه لم يحضر، فتم تشييع الجنازة في غيابه. وطوال سير الجنازة ردد المشيعون هتافات منددة بجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس مرسي، وطالت هتافات المشيعين كلا من مرسي، والدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.

وقال الدكتور ياسر على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في تصريح له أمس إن الرئيس مرسي آثر عدم المشاركة في جنازة شهداء حادث رفح الإرهابي حتى لا يتأثر الحضور الجماهيري بسبب التكثيف الأمني إذا حضر الرئيس. وأضاف أن الرئيس مرسي أناب المشير طنطاوي لحضور الجنازة.

وقال علي: «المشهد كان شعبيا والرئيس آثر أن يظل المشهد شعبيا»، وقال: «إن مشهد الجنازة كان مشهدا جللا وشعبيا وكان المشهد أيضا محتقنا وكلنا ندرك مدى الحزن فآثر الرئيس عدم الحضور واستكمل برنامجه اليومي».

وأوضح أن الرئيس مرسي رأى أن حضوره سيعوق بين الجماهير والمشاركة الشعبية، مؤكدا أن حالة الحزن وحجم الحزن في قلب كل مصري وقلب الرئيس نشعر به جميعا. وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية قد بثت خبرا الليلة قبل الماضية قالت فيه إن الرئيس مرسي والمشير طنطاوي سيتقدمان مشيعي جنازة ضحايا حادث رفح. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس مرسي كان في طريقه لحضور الجنازة، لكنه تلقى تحذيرات أمنية من الحضور، خاصة بعد الاعتداء الذي تعرض له رئيس وزرائه، فقرر عدم المشاركة.

وأكد المتحدث الرئاسي أهمية انتظار اكتمال التحقيقات حتى تتكشف الحقائق ويتم إعلانها، مشيرا إلى أن المعلومات المتوافرة ليست كاملة أو دقيقة عن مرتكبي حادث تفجير رفح، وأن هناك كثيرا من التصورات منها ما يشير إلى أن مرتكبيه مجموعة مصرية وآخر يقول إن بينهم غير مصريين ولكن لا يقين حول أي منهما.

وأوضح أن هناك غرفة عمليات مشتركة بين كل الجهات الأمنية تعمل على مدار 24 ساعة للكشف عن مرتكبي الحادث، وأن مؤسسة الرئاسة تتابع بشكل دقيق التحقيقات وستعلن المعلومات الكاملة فور توافرها.

وردا على سؤال حول التحذيرات التي أطلقتها إسرائيل قبل الحادث بثلاثة أيام وطالبت رعاياها بمغادرة سيناء فورا، وهل الرئاسة وجهت الجهات الأمنية للعمل في هذا الاتجاه والربط بينه وبين الحادث، قال ياسر علي: «نحن دائما ما نجد تحذيرات من هذا الشكل ولكن لا يمكن أن أتحدث عن طبيعة المعلومات التي كانت تملكها إسرائيل عند إطلاق تحذيراتها ويمكن للجهات الأمنية المصرية أن تكون لديها الصورة الكاملة عن هذا الأمر».

وزار مرسي أمس يرافقه المشير طنطاوي المصابين في مستشفى كوبري القبة العسكري حيث اطمأن عليهم وتأكد من تقديم كافة أشكال الرعاية الصحية لهم وتمنى لهم الشفاء العاجل. من جانبه، جدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة العهد والقسم على القصاص لشهدائه الأبرار الذين راحوا ضحية الحادث الإرهابي على الحدود المصرية بسيناء مساء الأحد الماضي مهما كلفنا ذلك من تضحيات.

ودعا أدمن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيان له على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تحت عنوان «دعوة للزفاف إلى الجنة» كافة جموع الشعب المصري للمشاركة في الجنازة العسكرية للشهداء. وميدانيا، قالت مصادر أمنية مصرية إن معدات ضخمة وصلت إلى المنطقة الحدودية برفح المصرية أمس تمهيدا لاستخدامها في عمليات ردم الأنفاق الحدودية المنتشرة على طول الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة في خطوة اتخذتها أجهزة الأمن المصرية عقب الهجوم المسلح الذي استهدف النقطة الحدودية القريبة من معبر كرم أبو سالم على الحدود بين مصر وإسرائيل. وأكدت المصادر أن المعدات التابعة للأجهزة الأمنية تم تخزينها داخل أحد معسكرات الأمن المركزي بالمنطقة الحدودية وجاري استخدامها وتشغيلها لردم الأنفاق الحدودية التي تم حصرها على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة، مضيفة أن المعدات تتنوع ما بين كاسحات رمال وجرارات لاستخدامها في عملية الردم. وتقول الأجهزة الأمنية إن عدد الأنفاق الحدودية يتراوح ما بين 200 إلى 300 نفق تنتشر ما بين العلامة الدولية رقم 1 شمال معبر رفح الحدودي وحتى العلامة رقم 6. وأغلقت السلطات المصرية معبر رفح مساء الأحد الماضي لأجل غير مسمى بعد الحادث الذي أسفر عن مقتل 16 ضابطا ومجندا وإصابة 7 آخرين، كما استولى الجناة على مصفحتين محاولين اختراق الحدود على الجانب الإسرائيلي.

وتنتشر على طول الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة المئات من الأنفاق الحدودية التي يستخدمها أهالي القطاع في الحصول على البضائع واحتياجاتهم بعدما فرضت إسرائيل الحصار على القطاع في عام 2007. وتستخدم الأنفاق في نقل البضائع والمعدات والأجهزة الكهربائية والسيارات. وتقول إسرائيل إن الأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة لها دور في تهريب السلاح للقطاع.