فياض: الانتخابات التشريعية بمشاركة غزة ترشيحا لا تصويتا بداية المصالحة

قال لـ «الشرق الأوسط» إن هذا الحل «أهون الشرين» بعد فشل كل محاولات إنهاء الانقسام

فياض يستقبل وزير الخارجية الأسترالي في مكتبه أول من أمس (وفا)
TT

فسر رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض تصريحاته في الحوار الذي تم، الليلة قبل الماضية، في مكتبه في رام الله مع عدد من الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، بشأن دعوته إلى إجراء انتخابات تشريعية لا رئاسية، إذا ما استمر تعثر المصالحة وواصلت حركة حماس رفضها لإجراء الانتخابات في قطاع غزة. وحسب رؤية فياض فإن هذه الانتخابات لا بد أن تجري بمشاركة أهالي قطاع غزة بالترشيح لا بالتصويت، على أن تكون «انتخابات نسبية 100 في المائة يكون فيها الوطن بمجمله دائرة انتخابية واحدة».

ويعتبر فياض في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن مثل هذا الحل هو «أهون الشرين»، إذا صح التعبير. ويرى أن الانتخابات ستكون بداية تحرك نحو المصالحة، وأي تحرك يخلق ديناميكية جديدة، مسترشدا بتجربة ألمانيا الاتحادية، التي أصرت على الانتخابات باعتبارها ألمانيا الاتحادية ودولة واحدة طوال فترة الانقسام.

يذكر أن آخر انتخابات تشريعية فلسطينية جرت في يناير (كانون الثاني) 2006، وفازت فيها حركة حماس بالأغلبية المطلقة، وشكلت الحكومة برئاسة إسماعيل هنية، لكن المجلس التشريعي تعطل بعد المواجهات الدموية في يونيو (حزيران) 2007، بين حركتي حماس وفتح في قطاع غزة التي أسفرت عن بسط حماس لسيطرتها على القطاع.

وقال فياض: «إذا ما استمرت حماس في التمنع عن إجراء الانتخابات يتوجب علينا التوقف بمسؤولية تجاه حق المواطن باختيار قياداته، وإجراء الانتخابات التشريعية حتى لا نظل رهن اجتهادات وتصريحات تعجيزية بأن إجراء الانتخابات في جزء من الوطن تكريس لحالة الانقسام، وأنه آن الأوان لإعادة النظر بالموقف، وإلا سنظل أسرى لهذا الموقف».

وأضاف فياض: «يجب ألا نسمح لأنفسنا بأن نصل إلى نقطة نفكر فيها بتجاوز مبدأ المصالحة أو نيأس من تحقيقها.. المصالحة مطلب وطني.. نحن نسعى لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وقيام هذه الدولة من دون قطاع غزة لن يكون قائما إطلاقا.. وإذا بقي الوضع على ما هو عليه وبقيت غزة كيانا قائما بذاته.. وأقول ليس كيانا مستقلا.. هذا يعني أن مليونا و700 ألف فلسطيني هم خارج المعادلة.. الأمر الذي يبطل أهمية حل الدولتين بالنسبة للطرف الآخر».

وتابع القول: «وبدلا من أن نيأس ونظل نسير في طريقة جولات الحوار غير المجدية، يجب أن تكون الانتخابات البوابة التي يتم من خلالها العبور التي تحقيق الوحدة الوطنية.. بعبارة أخرى ألا تكون الانتخابات نتيجة للمصالحة، بل تكون الحافز لها».

وأضاف: «علينا تغيير النهج والأسلوب والطريقة لإعادة الوحدة الوطنية والمصالحة، وهذه العملية تبدأ بالاحتكام للشعب، وهذا الفهم كان موجودا في اتفاق الدوحة وبصورة أقل في اتفاق القاهرة الذي عدل، وصار لا ينص صراحة على الانتخابات بذات القدر الذي نص عليه اتفاق الدوحة، وعدل بحيث لا تكون الانتخابات ملزمة، وإذا لم نتمكن من إجراء الانتخابات يصار إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية».

وتساءل فياض عن كيفية إجراء انتخابات في ظل مقاطعة حماس وغياب قطاع غزة على الأقل من الناحية التصويتية، واستطرد مجيبا: «الوضع هذا سيئ وغير مقبول.. ولكن الأسوأ منه هو أن تبقى عملية إعادة البناء السياسي الفلسطيني على أساس ديمقراطي معطلة.. وألا نتعاطى مع التحديات المتصلة بانغلاق الأفق السياسي المترافقة مع حالة التهميش غير المسبوقة للقضية الفلسطينية.. وبدل من أن يكون ذلك مرهونا بقرار الموافقة على إجراء الانتخابات، نحن نقول يجب أن نجري الانتخابات. وأن تتم الدعوة للانتخابات في جميع محافظات الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة.. وإذا ما استمرت حماس في التمنع في إجرائها، عندئذ نؤجل الانتخابات الرئاسية ونجري الانتخابات التشريعية وفق النظام النسبي الكامل.. في مثل هذه الحالة سيكون بإمكان أهالي قطاع غزة المشاركة من خلال الترشح على الرغم من حرمانهم من حق الاقتراع، وبذلك يكون المجلس التشريعي منتخبا ويمثل الوطن بما في ذلك غزة.. طبعا الوضع المثالي هو أن يشارك أهالي القطاع ترشيحا وتصويتا».

وردا على سؤال أن هذه المعادلة لن تكون منصفة لأهالي غزة الذين لن يستطيعوا المشاركة في انتخاب ممثليهم في المجلس التشريعي، وسيكون الأمر متروكا لأهالي الضفة فحسب، قال فياض: «طبعا.. وأنا أقول إن هذه الحل ليس مثاليا، والوضع المثالي أن يشارك كل أبناء الشعب الفلسطيني في اختيار ممثليه. لكن ما أقترحه هو أهون الشرين.. لأن المجلس المنتخب سيضم نوابا يمثلون غزة، وهذه نقطة مهمة، وسيكون الوضع الجديد أفضل من الوضع القائم، وهو أيضا يكرس حق الشعب في اختيار ممثليه المصادر من قبل حركة حماس».

وعن سبب إرجاء الانتخابات الرئاسية حسب تصوره أوضح فياض: «إن إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل الانقسام القائم يعني حرمان أهالي غزة من اختيار الرئيس.. وانتخاب الرئيس يختلف عن انتخاب النواب، لأن انتخابات النواب يكون على أساس القوائم».

ويرى فياض أن الغرض من إجراء الانتخابات التشريعية وعدم إجراء الانتخابات الرئاسية هو الرغبة في عدم قطع كل الأواصر، والإبقاء على «شعرة معاوية». ويرى فياض أيضا أن «الحكم من غير مجلس تشريعي مفسدة ولا يجوز أن نسمح به».

وقال مجيبا عن سؤال حول أوجه الشبه بين الوضع الفلسطيني ووضع الألمانيتين (ألمانيا الشرقية وألمانيا الاتحادية الغربية في ظل الانقسام): «صحيح أننا تطرقنا إلى مثال ألمانيا، على الرغم من أنني لم أحبذ ذلك، لأن الانقسام فيها طال، ولكن كمبدأ.. على الرغم من الانقسامات لم تتجمد الحياة السياسية في ألمانيا الاتحادية، وأجريت الانتخابات رغم أن البوندستاغ (البرلمان) هو للأمة الألمانية ككل، أنا قلت إنني أستخدم هذا المثال رغم أنني لا أحب استخدامه، بسبب استمرار الانقسام بين الألمانيتين لـ45 عاما.. وأسأل الله ألا يطول الانقسام إلى 45 عاما».

وردا على نقاد هذه الفكرة يقول فياض: «إن كل ما قاله هو مجرد اجتهاد شخصي، وأنا أحترم الرأي الآخر.. لكن أريد من يقول لي ما مصداقية ما يقال عن إمكانية تحقيق المصالحة بعد كذا جولة من المحاولات والفشل الذريع في الوصول إلى نقطة مصالحة؟! هذا أولا. وثانيا كيف يمكن أن نتعامل مع القضايا المصرية المطروحة بما يشمل انسداد الأفق السياسي والأسئلة الكثيرة التي تطرح نفسها، دون أن يكون لدينا عملية بناء لنظام على أساس ديمقراطي؟!».

وكرر فياض القول إن المطروح ليس حلا مثاليا.. واستطرد متسائلا: «لكن ما الذي يجبرك على المر إلا الأمر منه؟! والأمر منه هو أن تبقى عملية اتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة التحديات الكبيرة، مثل قضية التهميش وغيرها غائبة. لا نستطيع أن نترك الأمور عند حد طرح الأسئلة فحسب، دون أن نعطي أجوبة.. ويجب أن نعطي هذه الأجوبة ضمن إطار تمثيلي، وليس قرارات إدارية. هذا هو رأيي».