الاعتداء على الشيخ مورو يثير تساؤلات حول علاقة «النهضة» بالتيارات المتشددة

آراء يوسف الصديق المثيرة للجدل حول النصوص الدينية وراء منعه من المشاركة في محاضرات تجمع بين الدين والسياسة

TT

ما زالت حادثة الاعتداء على الشيخ عبد الفتاح مورو تلقي بظلالها على المشهد السياسي التونسي، وخلفت العملية تساؤلات حول العلاقة بين السياسي والديني وعلاقة حركة النهضة بالتيارات السلفية المتشددة. ولئن أدانت الأحزاب السياسية من مختلف الأطياف عملية الاعتداء، فإن التيارات اليسارية حاولت الضغط على التيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية للدفع بها نحو مراجعة مواقفها من قانون المس بالمقدسات، معتبرة أن التضييق على حرية التفكير والتعبير قد يمس بكل الأطراف بما فيها التيارات الإسلامية المعتدلة التي يمثل الشيخ عبد الفتاح مورو إحدى واجهاتها.

وكان مورو قد دافع عن حق المفكر التونسي يوسف الصديق في التعبير عن وجهة نظره، وذلك في مسامرة رمضانية أقيمت ليلة الأحد الماضي في مدينة القيروان حول «سماحة الدين الإسلامي» مما أدى إلى إصابته بكأس بلورية على رأسه مباشرة من قبل أحد الحاضرين ممن قيل إنه قريب من التيارات السلفية. وقد اعترض المعتدي على مورو منذ البداية على وجود الصديق بين المحاضرين، ودعا إلى منعه من المشاركة في المسامرة التي نظمتها «شبكة تونس للحقوق والحريات والكرامة». ودعا مورو من المستشفى الذي يقيم به لتلقي العلاج، إلى التعامل مع الحادثة على أساس أنها «ظاهرة باتت تتكرر وهي تتطلب التشخيص والتفكيك والمعالجة، وعدم اعتبارها حادثة معزولة».

وكان الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قد أدان الاعتداء الذي تعرض له الشيخ مورو الذي أصبح بعد عقد المؤتمر التاسع لحركة النهضة من 12 إلى 16 يوليو (تموز) الماضي عضو مجلس الشورى، وهو كذلك أحد قياديي الحركة ومؤسسيها. ودعا الغنوشي في بيان أصدره أمس إلى «محاصرة كل مظاهر أو نزعات العنف بالتوعية وتطبيق القانون»، وقال إن الحركة «تستنكر بشدة ما تعرض له من عنف همجي».

يذكر أن المفكر التونسي يوسف الصديق الفيلسوف وأستاذ علم الأنثروبولوجيا في جامعة السربون بباريس، السبب غير المباشر الذي يقف وراء الاعتداء الذي استهدف الشيخ عبد الفتاح مورو، الذي كان قد منع في أكثر من مناسبة من إلقاء محاضرات دينية بسبب مقارباته المثيرة للجدل حول الدين، وهو معروف بانتقاداته اللاذعة للتيار السلفي وبقراءاته المثيرة للجدل للنص القرآني الكريم. وقد انتقد في أكثر من مناسبة ما يسميه «الفهم التقليدي للإسلام» مما أثار حفيظة التيارات الدينية المتشددة التي رفضت وجوده في العديد من المناسبات.

وكان الصديق قد ساند المفكر التونسي محمد الطالبي في قراءته للتاريخ الإسلامي في مواجهة إذاعية مع عبد الفتاح مورو، وقد اتهمت تيارات متشددة الطالبي والصديق باعتدائهما على المقدسات من خلال تدخلهما.

يذكر أن عبد الفتاح مورو قد حظي باستقبال مهم خلال المؤتمر التاسع لحركة النهضة، وقد أعلن بعد الثورة أنه مستاء من قياداتها التي تناسته، على حد تعبيره، إلا أن الشيخ راشد الغنوشي زعيم الحركة ورئيسها الحالي قد تساءل في أكثر من مناسبة عن مواصلة انتماء مورو إلى «النهضة»، قائلا: «متى غادرها حتى يعود إليها». وكان مورو من مؤسسي الحركة الإسلامية في تونس منذ نهاية عقد الستينات من القرن الماضي. ويقود مورو الشق المعتدل مقارنة بقيادات إسلامية أخرى، وقد طالب أكثر من مرة بضرورة قراءة تاريخ حركة النهضة من جديد والاعتذار للتونسيين عن بعض الأخطاء التي قد تكون ارتكبتها في حقهم طوال 40 سنة من النشاط السياسي.