«العيدية» تنغص فرحة العيد وتؤرق جيوب أهل غزة

الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت لسان بعضهم يقول: «من وين» و«ياريت»

الألعاب النارية في العيد في قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«العيدية» عادة مورثة يتناقلها المسلمون والعرب جيلا بعد جيل عادة تضفي ببريقها وبهجتها أسمى معاني الحب والفرح بما تحمله من معان قيمة، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها أهالي قطاع غزة حالت دون أدائها عند البعض.

فمع إطلالة عيد الفطر أضحت «العيدية» الغول الأكبر الذي يهدد فرحة العيد، والكابوس الأطول الذي يؤرق جيوب الغزيين ليكون حال لسان بعض الغزيين: «من وين» و«ياريت».

المواطن أحمد حسونة (42 عاما) تحدث عن امتعاضه من العيدية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها حيث قال: «العيدية شيء جميل تتبادله العائلات الغزية بالقطاع ولكن للأسف أصبحت مصدر قلق عند الكثير من العائلات وذلك نظرا للحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع».

حسونة الذي يعمل سائق تاكسي أوضح أنه بدأ بتكثيف عمله ليل نهار حتى يستطيع بالكاد تأمين مصاريف العيدية، حيث إن لديه عائلة مكونة من 7 أفراد، بالإضافة إلى أقربائه، الذين تعود في كل عيد معايدتهم، فقال: «بدأت أواصل الليل بالنهار لتأمين العيدية». وأضاف حسونة أنه مع كل هذا العمل ومواصلة الليل والنهار على سيارة الأجرة إلا أنها لا تكفي ولا تفي بمصاريف العيدية، وأكمل حديثه فقال: «لذلك كله سوف أنتقص من العيدية هذا العام الشيء اليسير حتى أتمم العيدية للجميع».

حال أحمد لا يختلف كثيرا عن حال المواطن سعيد دلول (35 عاما) الذي قال: «تعودت على إعطاء أبنائي وأهلي وأقربائي في كل عام، لكن للأسف هذا العام لدي تكاليف كثيرة، حيث إنني توقفت عن عملي ولا دخل لي، فلذلك كله لن أقوم بتوزيع العيديات هذا العيد».

وأضاف دلول بحرقة: «والله أشعر بالحرج وبالحزن، ما ذنب أطفالي أن لا أعطيهم العيدية وهم أطفال لا يقدرون الأوضاع الاقتصادية ولا يعرفون أسبابها، وما يعنيهم هو الفرحة والعيدية واحتسابها والتباهي بها».

وعن التكلفة العالية التي ينفقها دلول قال: «تكلفني مبالغ باهظة حيث إنها على أقل تقدير تكلفني في كل عيد نحو 1500 شيقل، نظرا لاتساع عائلتي وتعددها حيث إنهم يفوقون 40 فردا».

ويقول: «إننا إن لم نقم بإعطاء العيدية أو انتقصنا منها يقوم بعض الأهالي لأنهم اعتادوا عليها بالعتب علينا حتى أولادي تسنيم وأحمد عندما لا أعطيهم العيدية يشكونني لأمهم».

أحمد وتسنيم أطفال سعيد بدأوا بتحضير الحصالات ليملآها بنقود العيدية ولكن يبدو أن العام مختلف عن سابقه، وقد قالها سعيد بملء فيه «لا عيدية في هذا العيد».

أما المواطن أحمد الكموني (50 عاما) يعمل في مهنة البناء أوضح أنه نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة سيقوم بشراء هدايا رمزية كعيدية، وذلك للتوفير قدر الإمكان من الناحية المادية، فقال: «سأقوم بشراء هدايا رمزية بقدر 20 شيقلا لكل عائلة أزورها، وأكون بذلك أدخلت عليهم الفرحة والسرور بما أستطيع من الناحية المادية».

وأضاف الكموني «الذهاب إلى الأقارب وصلة الأرحام هذا فرض علينا ويجب أن ندخل الفرحة على قلوب عوائلنا وأقربائنا بأي طريقة، وألا نجعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة تؤثر علينا وعلى علاقتنا الاجتماعية وصلة أرحامنا».

وأكد الكموني في حديثه أن الكثير من العائلات أصبحت لا تذهب لأقاربها بالعيد حرجا من عدم إعطاء العيدية، نظرا للأوضاع الاقتصادية المتردية في القطاع.

المواطن خالد الحطاب (35 عاما) الذي يعمل موظفا حكوميا أوضح أنها باتت بالفعل مشكلة طغت على فرحة العيد وأجوائه، فقال أتقاضى راتبا نوعا ما بسيطا ولكن النفقات المنزلية تستهلك هذا الراتب أولا بأول، حتى أنني أستدين من زملائي حتى أتمم النفقات، ولكن يطل علينا العيد وهو تكلفة باهظة لدي حيث إنني يجب أن أقوم بالمعايدة على الأهل والأحبة».

وأضاف الحطاب «أقوم بالاستعداد للعيدية من قبل الهنا بسنة حيث إنني أقوم بحسابها بالشيقل من أول شهر رمضان وأقتطع من هنا وهناك حتى أجمع نقود العيدية، لأنها أصبحت ضرورة اجتماعية لا غنى عنها، وأضحت متجذرة من الناحية الاجتماعية في الأوساط الغزية».

وبنهاية حديثه وجه الحطاب نصيحته لجميع الذين يمرون بضائقة مالية أو ترهقهم العيدية، فقال: «يجب أن لا نجعل العيدية والنقود والعادات الاجتماعية المورثة تطغى على فرحة العيد وأجوائه، والعيدية ليست مقدار الحب من عدمه وقال الله تعالى في محكم التنزيل (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)».