البحرين تنضم إلى دول الخليج في دعم الفنون السينمائية

تدشن صندوقا حكوميا جديدا لدعم صناع السينما الناشئين

مشهد من فيلم «66.6 إف إم» لصالح ناس
TT

بعد ثماني سنوات من التنمية السريعة التي شهدتها صناعة السينما في الخليج خاصة في دبي وأبوظبي والدوحة، بدأت البحرين الآن تحذو حذوهم في دعم الفنون السينمائية. وأعلنت وزيرة الثقافة البحرينية، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، في بداية أغسطس (آب) الماضي عن تدشين صندوق حكومي جديد لدعم صنّاع السينما الناشئين في مملكة البحرين.

ويشرف على هذا الصندوق لجنة من الخبراء المحليين والدوليين في هذا المجال ويدير شؤونه صاحب المبادرة محمد بوعلي، المخرج الذي علّم نفسه بنفسه. ويقدم الصندوق للفائزين دعما ماليا بحد أقصى 10 آلاف دولار لكل مشروع فيلم.

وتقول الشيخة مي بنت محمد: «إنها خطة جديدة مهمة تهدف إلى تشجيع الإبداع في مجال صناعة السينما. أشعر بحماسة كبيرة تجاه فرصة رؤية الفائزين والأفلام التي يصنعونها العام المقبل». وتعد الخطة بالنسبة لها جزءا من حملة أكبر لرفع الوعي وخلق التكامل بين الفنون السينمائية في البلاد. وتهدف هذه الخطة إلى تمكين صناع الأفلام من الحصول على الإمكانات ومنح البحرين فرصة الوصول إلى مصاف باقي دول المنطقة.

أخيرا بدأت كل من كلمة «الخليج» و«السينما» تظهر في جملة واحدة ذات تأثير. أثمرت محاولات البلاد استيراد وتصدير وإنعاش وتحدي وتشجيع صناعة السينما في المنطقة منذ عام 2004 مجموعة من الأعمال الرائعة المتنوعة. وكشفت خطى هذا التطور الحثيثة عن وجود موهبة في المنطقة وهي إنتاج أفلام تستعرض تقاليد الماضي وتتناول الثقافات المعاصرة وتمتع المشاهد بمعالجات سينمائية مبتكرة. وفي ظل المهرجانات الساحرة وورش العمل التعليمية ولقاءات قمة تتعلق بالصناعة وحكومة جديدة وفرص تمويل غير حكومية يتم الإعلان عنها تباعا، نرى تواصلا وتكاملا يحدث تدريجيا في مجال صناعة السينما في المنطقة.

يقام كل من مهرجان دبي السينمائي الدولي وبعده مهرجان أبوظبي السينمائي ومهرجان الدوحة تريبيكا السينمائي خلال أشهر موسم الخريف مما أوجد موسما سينمائيا صاخبا به زخم كبير في المنطقة. وتحتفظ هذه المهرجانات، التي تقدم كل منها أفلاما وشخصيات من مختلف أنحاء العالم، بمكان خاص للأفلام المحلية والإقليمية، التي عادة ما تكون هي أول أفلام تنفد تذاكرها.

على الجانب الآخر، أثمر مهرجان دبي السينمائي الدولي عن مهرجان شقيق أصغر هو مهرجان الخليج السينمائي، لكنه لم يعد صغيرا بعد الآن، حيث شهدت دورته الخامسة تطورا كبيرا في فعالياته وأنشطته. وقدّم العام الحالي برنامجا مشجعا متنوعا للأفلام القصيرة والروائية الطويلة وكذلك الأفلام والمشاريع التي قام بها طلبة في إطار ورشة كتابة مدتها عشرة أيام برعاية مهرجان الخليج السينمائي مع الكاتب والمخرج الإيراني الشهير عباس خيروستامي.

ويتضمن برنامج «كرز كياروستامي» خططا للسفر خارج الخليج، حيث سيتم عرض الأفلام في مهرجان مالمو للفيلم العربي في السويد خلال الخريف الحالي.

وتوسعت دورة عام 2012 للمرة الأولى حيث انتقلت إلى تقديم فعاليات وعروض في أبوظبي، وبذلك تمتد إلى خارج دبي حيث تقام.

كذلك يقدم المهرجان للمرة الأولى فعالية لتكريم السينما البحرينية، حيث ألقى الضوء على المخرج والمنتج بسام الذوادي.

أما فيما يتعلق بصندوق الوزارة الجديد لصناع السينما، أشار الذوادي إلى أن أي دعم حكومي للسينما خطوة إيجابية، لكنه شجّع القطاع الخاص على الانخراط في هذا الأمر أيضا. وأوضح قائلا: «منذ عامين ساعدت شركتنا (البحرين للإنتاج السينمائي) صناع الأفلام الشباب في صناعة أفلام قصيرة من خلال تقديم ميزانية قدرها 8 آلاف دولار لكل فيلم وكنا شركة خاصة. أتمنى أن يساعد القطاع الخاص الوزارة في قطاع السينما في البحرين».

ويتفق مخرج ومنتج الأفلام البحريني، صالح ناس، مع الذوادي فيما يتعلق بالصندوق الجديد. ويقول: «يتم تمويل صناعة الأفلام بأموال خاصة أو من خلال جهة راعية إن كنت محظوظا، لكن هذا نادر الحدوث. أعتقد أننا سنرى، على ما آمل، عددا أكبر من الأفلام وبجودة أفضل من البحرين إذا سارت الأمور بحسب الخطة الموضوعة فيما يتعلق بالصندوق».

ويأتي هذا التصريح بعد برنامج مهرجان الخليج السينمائي الذي استمر لأسبوع ونظّمه مدير الصندوق محمد بوعلي وقدم أفلاما خليجية قصيرة وروائية طويلة في البحرين لأول مرة. ويوضح قائلا: «الفكرة هي حثّ صناع السينما على بذل المزيد من الجهد فيما يقدمونه وتقديم سيناريوهات وأفلام أفضل من أجل الحصول على جائزة الصندوق».

وفي الوقت الذي يهتم فيه الصندوق بالاتجاه المعاصر للأفلام القصيرة، كانت البحرين تقدم مزيجا من الأفلام الروائية الطويلة خلال الأربعين عاما الماضية.

وتعد أفلام الرعب الميلودرامية التي قدمها الذوادي في الثمانينيات والتسعينيات هي الأولى التي يمكن أن يُنظر إليها باعتبارها تمثيلا للسينما القومية. استعرض الفيلم الذي شارك الممثل والمنتج البحريني خليفة شاهين في إنتاجه مع «ديزني» عام 1971 «حماد والقراصنة» ثقافة الخليج التقليدية والتنمية الصناعية على الساحة العالمية من خلال أفلام «ديزني» الرائعة للأطفال.

وتناول فيلم «حنين» للمخرج حسين الحلبي إنتاج عام 2010 بشكل مباشر الطائفية في البحرين وآثار السياسة الإقليمية المحيطة.

انتعشت صناديق مثل صندوق «إنجاز» من «سوق دبي السينمائي» وصندوق «سند» التابع لمهرجان أبوظبي و«قطاع التمويل» التابع لمعهد الدوحة للسينما الإنتاج السينمائي المحلي، لكن الأهم من ذلك أنهم اختاروا الاضطلاع بالدور المهم المتمثل في دعم المواهب. وأعلن معهد الدوحة للسينما عن وحدة تنمية الخليج التي تعتزم الاستعانة بأسماء محترمة في مجال السينما الإقليمية في إدارة ورش عمل وحلقات نقاشية والاستفادة من المواهب المحلية من خلال الخبرات. ويقول ناس: «لا يقتصر الدعم بالضرورة على المال، إنما قد يشمل الحصول على سيناريوهات وموافقات على التصوير سريعا من دون نزاعات ووضع قواعد تنظيمية مثل التي توجد في الدول الأكثر تقدما في هذا المجال».