لبنان: حرب بسبب منع التدخين.. والمقاهي تهدد بإضراب مفتوح

تدخل من رئاسة الوزراء لتهدئة الخواطر

أصحاب المقاهي والملاهي أثناء اعتصامهم يوم أول من أمس
TT

حرب أو ما يشبهها، اندلعت في لبنان بين أصحاب المقاهي والملاهي في مواجهة أولئك المدافعين عن قانون حظر التدخين في الأماكن المغلقة الذي دخل حيز التنفيذ يوم أول من أمس.

واعتصم أصحاب المقاهي والملاهي في منطقة أنطلياس (شمال بيروت)، صباح الاثنين، بعد أن أقفلوا أبواب محالهم وأعلنوا أنها لن تفتح قبل حل مشكلتهم، كما أنهم سيقومون بتحركات متنقلة، تطال كل المناطق اللبنانية، وأن تحركهم سيبقى مفتوحا حتى يتم الاستماع لمطالبهم.

في المقابل، قامت جمعيات المجتمع المدني التي كافحت منذ عام 2003 من أجل صدور هذا القانون بحملة إعلامية كبيرة مع دخول القانون حيز التنفيذ، بالتحدث عبر الإذاعات والتلفزيونات لحث الناس وتشجيعهم على احترام القانون الجديد الذي يحمل الرقم 174، والطلب منهم الاتصال بأرقام معينة في وزارة الاقتصاد، إضافة إلى رقم ساخن مجاني للتبليغ عن أي مخالفة. كما طلب أصحاب الجمعيات من الناس تصوير المخالفين ووضع الصور على موقعهم على الـ«فيس بوك» لتعقبهم.

وعبرت نائبة جمعية «حياة حرة بلا تدخين»، رانيا بارود، عن استغرابها من الحملة الاحتجاجية المتأخرة التي يقوم بها أصحاب المقاهي والملاهي، معتبرة أنه تم إشراكهم في وضع القانون وخاضوا نقاشات مع النواب، وأعطوا سنة كاملة لترتيب مقاهيهم بما يتناسب والقانون الجديد، إلا أنهم لم يفعلوا، لاعتقادهم أن الأمر لن يكون جديا.

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي بول عريس، قال ردا على رانيا بارود: «هذا كلام تعوزه الدقة، نحن تم إشراكنا في نقاشات مجلس النواب واعترضنا وقدمنا اقتراحات محددة، ووعدونا بأخذها بعين الاعتبار، إلا أن القانون صدر دون مراعاة لما كنا قد طلبناه، ونعتبر أننا غدرنا».

ويؤكد النقيب عريس أن «المطاعم ستطبق القانون ولا اعتراض لأصحابها، لكن المحتجين والمتضررين الفعليين هم أصحاب الملاهي والمقاهي فقط، وهم الذين اعتصم ما يقارب ألفي شخص منهم للاحتجاج، وهؤلاء لن يتمكنوا من مزاولة عملهم، دون إيجاد حلول لهم»، موضحا أن «هناك ما يقارب ألف مقهى وملهى في لبنان تحتاج اليوم لترخيص بتدخين زبائنها، كي تتمكن من العمل».

وكان وزير الداخلية مروان شربل، قد طمأن المحتجين، أول من أمس، إلى أنه لن يمسك العصا من اليوم الأول، «وإن كان ثمة من يقترح تعديلات على القانون فبإمكانه التقدم بها لدراستها».

إلا أن بعض ممثلي الجمعيات الأهلية لم يروا مبررا لذلك، معتبرين أنه «لا بد من تطبيق القانون كما هو أولا، لنرى بعد ذلك إن كان من ضرورة للتعديل».

نقيب أصحاب المطاعم بول عريس شرح لـ«الشرق الأوسط» أن «المقاهي والملاهي انخفض عملها خلال العام الحالي بنسبة 30 في المائة مقارنة مع عام 2010 بسبب الأوضاع الأمنية المتردية، وعدم وجود سياح. ويأتي قانون منع التدخين، في وقت تعاني فيه هذه المؤسسات أزمة كبيرة». وأضاف: «تطبيق القانون سيخفف العمل إلى النصف، وفي مثل هذه الحالة، يفضل أن يقفل أصحاب المقاهي محلاتهم ويذهبوا إلى البيت».

وشرح عريس لـ«الشرق الأوسط»: «نحضر حاليا مقترحات لتعديل القانون، وسنقدمها لمجلس النواب، كما أن لقاء جمعنا اليوم (أمس) برئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وطلب إلينا أن نقدم مقترحاتنا لمجلس النواب لدراستها». وعما إذا كانت النقابة راضية عما توصلت إليه خلال الاجتماع، قال: «بالطبع، فقد وعدنا بالنظر في مطالبنا ولم يقل لنا روحوا بلطوا البحر، وهذا سيهدئ الخواطر ويخفف من الاحتقان».

وعما إذا كانت الاعتصامات ستبقى على وتيرتها، أجاب: «من جهتنا كنقابة، سنكون تحت سقف القانون، والمقاهي ستلتزم القانون بانتظار أن يبت في التعديلات التي سنقدمها، ولسنا في وارد ارتكاب أية مخالفات». وتحتدم الحرب بين نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي وبعض الجمعيات الأهلية على أكثر من مستوى، لعل أهمها تلك التي تستخدم فيها الدراسات والأرقام ليثبت كل فريق صحة وجهة نظره، فإلى جانب الجمعيات الأهلية يقف فريق بحثي من الجامعة الأميركية، ويزودهم بالدراسات، بينما كلفت النقابة شركة أجرت لها بحثا حول التأثيرات الاقتصادية السلبية لهذا القانون، وانعكاساته المالية.

عاطف مجدلاني، رئيس لجنة الصحة النيابية، وأحد أهم المنافحين عن القانون الجديد، قال أول من أمس:«هذا القانون ليس إنجيلا أو قرآنا، ومن الممكن أن يخضع لأي تعديل في حال ثبت وجود ثغرات فيه، وفي حال ثبت أن هذا القانون يسبب ضررا كبيرا لقطاعات كبيرة. ولكن، علينا تنفيذ القانون لفترة، وبعدها نرى إذا حصل تراجع كبير في قطاع كبير». وأضاف مجدلاني بالقول: «أنا مع حرية التعبير بالأسلوب المناسب ضمن القوانين والدستور، وتحرك النقابة سلمي ضمن القانون والدستور ولست ضده. ونقول إن التجارب في بلدان الخارج أثبتت أن حجم عمل المطاعم والمقاهي لا يتأثر، وثمة تجارب في لبنان، هناك أكثر من عشرة مطاعم بدأت بتطبيق هذا القانون تلقائيا فور صدوره، ونحن منفتحون على كل الأمور».

نقيب المطاعم لا يرى ما يقنعه في كلام النائب مجدلاني، مؤكدا أن «دولا أخرى طبقت قوانين منع التدخين، أخذت بعين الاعتبار الكثير من الأمور. ففي دبي، ثمة رخص تعطى لمقاهٍ فيها أراجيل، وهذا ما لم يلحظه القانون اللبناني، وفرنسا احتاجت 12 عاما من التدرج لتصل إلى المنع الكلي الذي يريد بعض اللبنانيين تطبيقه بمهلة شهور». ويعتبر أصحاب الملاهي والمقاهي أن قانون حظر التدخين الذي أقر في لبنان هو أحد أقسى قوانين منع التدخين وأكثرها صرامة في العالم.