أميركا: بطء التوظيف يزيد الضغوط على أوباما والاحتياطي الفيدرالي

قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية

أوباما يتوسط وزير الخزانة تيموثي غايثنر ( يمين) ورئيس الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي (رويترز)
TT

خفف أرباب العمل الأميركيين من معدلات توفير فرص العمل خلال شهر أغسطس (آب)، ليعكس بوضوح حجم التباطؤ الذي يعانيه الاقتصاد.

جاء حجم فرص العمل الذي كشفت عنه البيانات الحكومية التي نشرت أول من أمس الجمعة، أدنى بكثير من العرض القوي في بداية العام، ما يمثل تحديا جديدا للرئيس أوباما قبل شهرين من الانتخابات، وتعطي في الوقت أدلة داعمة للجمهوريين الذين يرون أن البلاد بحاجة إلى مسار اقتصادي جديد، بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز».

وعلى الرغم من التأثير الذي أحدثه التقرير الضعيف على الحملة الانتخابية ركز الاقتصاديون ومتداولو الأوراق المالية الأعمال على الاحتياطي الفيدرالي، مراهنين على أن صناع السياسة سيتخذون مسارا جديدا لتحفيز الاقتصاد عند لقائهم الأسبوع المقبل.

أضافت البلاد 96.000 وظيفة في أغسطس (آب)، مقارنة بـ141.000 وظيفة في يوليو (تموز) وأدنى من مستوى 125.000 وظيفة الذي توقعه الاقتصاديون. وخلال الشهور الستة الماضية بلغ متوسط نمو الوظائف نحو 97.000 وظيفة شهريا، وهو ما يعتبر عادة غير كاف للداخلين الجدد إلى سوق العمل، ناهيك عن خفض معدلات البطالة بشكل ملحوظ.

ويقول إيثان هاريس، كبير اقتصاديي الولايات المتحدة في بنك «أميركا ميريل لينش»، «هذا واحد من التقارير التي كلما قرأتها بشيء من التفصيل أظهر مدى ضعف الاقتصاد؛ لأن التحسن كان عائدا بالأساس إلى الأفراد الذين توقفوا عن البحث عن وظائف».

انخفضت نسبة العاطلين عن العمل من 8.3 في يوليو إلى 8.1 في المائة في أغسطس لكن ذلك كان عائدا إلى ترك المزيد من الأفراد سوق العمل كلية. وأظهر التقرير الحكومي أن القوة العاملة الإجمالية انخفضت بنسبة 368.000 عامل في أغسطس (آب). كما انخفضت نسبة السكان في قوة العمل إلى 63.0 في المائة، وما يمثل أدنى مستوى لها منذ سبتمبر (أيلول) عام 1981.

ويضيف هاريس: «سياسيا، يمكنك استغلال ذلك الانخفاض بشكل إيجابي، لكنه علامة على الضعف، فالاقتصاد بطئ، وليس من القوة بحيث يمثل نقطة ارتكاز لك».

وكان نمو الوظائف في الولايات المتحدة قد شهد تراجعا في الشهور الأخيرة، وضعفت الاقتصادات الأوروبية نتيجة تعمق أزمة الديون، بينما أظهر الاقتصاد الأوروبي مؤشرات على تباطؤ حاد مؤخرا.

وعلى الرغم من أن إحصاءات أغسطس لا تمثل انخفاضا حادا في توفير فرص العمل عن الشهور الأخيرة - ففي يونيو تم توفير 45.000 وظيفة - رفع الخبراء توقعاتهم قبيل بيان مكتب إحصاءات العمل. وكان التفاؤل مدعوما بانخفاض للمرة الأولى في طلبات إعانات البطالة يوم الخميس، إضافة إلى تقرير في نفس اليوم من «أوتوماتيك داتا بروسسنغ»، شركة معالجة الأجور، أظهر ارتفاعا قدره 201.000 وظيفة في القطاع الخاص. وتقوم الشركة بمعالجة 400.000 شركة عميلة لديها، ويرى هاريس أن الإحصاءات الحكومية تشكل نطاقا أوسع من الشركات.

قدم تقرير المصرف الفيدرالي يوم الجمعة مزيدا من الأدلة على ضعف الاقتصاد، فيرى الاقتصاديون أن التقرير أثار احتمالية التحرك لتحفيز الاقتصاد عندما تنعقد لجنة السوق المفتوحة يومي الأربعاء والخميس.

وخلال الأسبوع الماضي فقط، قدم بين بيرنانكي أدلة قوية على تحرك أوسع، واصفا مستوى البطالة بالأمر المثير للقلق إلى حد بعيد، بعد تجاوز معدل البطالة نسبة 8 في المائة منذ فبراير (شباط) 2009.

أحد المسارات المحتملة سيكون جولة أخرى من شراء الأصول بهدف خفض النسبة، وهو يسهل على المستهلكين والشركات الاقتراض والاستثمار. أما الخيار الأكثر محدودية فهو مد المصرف الفيدرالي التزامه بخفض معدلات الفائدة إلى قريب من الصفر في الفترة من آخر 2014 وحتى 2015.

وعلى الرغم من تقرير الوظائف الضعيف كشف مؤشر «ستاندر آند بورز 500» للبورصات عن مكاسب محدودة يوم الجمعة، مؤكدا قناعة كثير من المستثمرين أن البنك الفيدرالي سيتخذ خطوات إضافية، لكن كثيرا من الاقتصاديين غير واثقين إلى أي مدى سيذهب البنك الفيدرالي.

وتوقع نيغل غولت من «آي إتش إس غلوبال إنسايت»، جولة ثالثة مما يسمى بالتيسير الكمي، يقوم فيها البنك الفيدرالي بشراء ما قيمته 500 أو 600 مليار من الأصول، تكون غالبيتها السندات المدعومة بالرهن العقاري لخفض معدل الفائدة.

بينما توقع آخرون مثل ستيف بليتز، كبير الاقتصاديين في شركة «آي تي جي إنفستمنت ريسيرش» أن يقيد البنك نفسه بتمديد سعر الفائدة البالغ الانخفاض، ويتوقع بنسبة 60 في المائة أن يقوم البنك بتمديد الفائدة، لكن التوقعات بالقيام بجولة أخرى من شراء كانت 10 في المائة فقط. وقال، «لا أعتقد أن الاقتصاد ضعيف كما يظهر رقم 96.000 فالبنك الفيدرالي لا يتحرك إزاء تقرير واحد فقط».

وأشار إلى أن إحدى المشكلات التي يواجهها المصرف الفيدرالي هي أن المزيد من التسهيل يتطلب خفض قيمة الدولار في مقابل العملات الأجنبية، إلى جانب رفع أسعار السلع مثل النفط، والذي لن يقدم سوى القليل لمساعدة الصين أو أوروبا لمنع مزيد من التراجع.

كان معدل توفير فرص العمل غير مستقر في عام 2012، وبعد إضافة أكثر من 250 وظيفة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) تباطأ النمو الاقتصادي، ثم شهدت فرص العمل انتعاشة قصيرة في شهر يوليو، لكن عددا محدودا من الاقتصاديين توقعوا مزيدا من الارتفاع في الشهور التالية.

ويشير مارك فينتر، الاقتصادي البارز في شركة «ويلز فارغو»، إلى أن القطاعات التي تشهد نموا في معدلات الوظائف هي القطاعات ذات الرواتب المتدنية، فنحو 40 في المائة من الوظائف الجديدة كانت في أربعة مجالات هي التجزئة، والترفيه والضيافة، وخدمات المساعدة المؤقتة، والرعاية الصحية المنزلية. لكن التصنيع، الباروميتر الذي يراقب عن كثب، فقد 15.000 وظيفة. وقال، «هذا أحد أسباب عدم ارتفاع الأجور، فالناس تقبل بالوظائف التي لم يكونوا يقبلون بها في السابق، وينتقلون من قطاعات مثل الإنشاء إلى الوظائف الأدنى أجرا مثل المتاجر الكبرى».

شمل تقرير الجمعة على بعض النقاط المضيئة، فوفق المقياس الأشمل للبطالة، الذي يضم العاملين بدوام جزئي الذين يرغبون في العمل بوقت كامل إضافة إلى الأفراد الذين لا يبحثون عن وظائف، لكنهم يشيرون إلى رغبتهم في العمل، انخفضت نسبة البطالة من 15 إلى 14.7 في المائة. ويقول بيتر كابيلي، أستاذ الإدارة في كلية وارتون ومدير مركز الكلية للموارد البشرية تبدو وتيرة تسريح العمال من الحكومة بطيئة، ففي الوقت الذي أضاف فيه القطاع الخاص 103.000 وظيفة في أغسطس، فخفضت الحكومة 7.000 وظيفة فقط، أدنى من الخفض السابق الذي بلغ 21.000 في يوليو وأدنى بكثير من معدل الانخفاض الشهري الذي يبلغ 16.000 وظيفة شهريا منذ شهر مارس (آذار). وكانت معدلات الوظائف الفيدرالية قد ارتفع بقيمة 3.000 وظيفة ليصل إلى 2.8 مليون، وهي الزيادة الشهرية الأولى منذ فبراير 2011.

كان هناك شعور طفيف بالارتياح بالنسبة للبطالة طويلة الأمدة، الذين يعرفون بأنهم العمال العاطلون عن العمل لـ27 أسبوعا على الأقل، فقد انخفضت أعدادهم نحو 152.000 لتصل إلى خمسة ملايين شخص في أغسطس. كما انخفضت أعداد العاطلين من العمال بمؤهل أدنى من شهادة الثانوية العاملة من 12.7 إلى 12 في المائة، لكن ذلك لا يزال أعلى من معدل 4.1 في المائة بالنسبة للعمال الحاصلين على درجات جامعية أو أكثر.

على الرغم من ذلك، كان هناك كثير من الإشارات الأخرى على أن الاقتصاد كان لا يزال يعاني مأزقا صعبا، فقد انخفض معدل الأجر بالساعة الذي يدفعه أصحاب الشركات الخاصة بنسبة واحد في المائة في شهر أغسطس إلى 23.52 دولار، بينما لا يزال طول الأسبوع النموذجي في القطاع الخاص متوقفا عند 34.4 ساعة. وبالكاد تحرك كلا الأمرين قليلا عما كانا عليه قبل ستة أشهر.