قصف على أحياء دمشق.. واشتباكات عنيفة في حلب

قوات الأسد تقتحم مخيما للاجئين الفلسطينيين في دمشق بهجوم نادر للمشاة

عنصران من الجيش السوري الحر يساعدان رفيقهما المصاب للوصول الى مكان آمن أول من أمس (أ.ب)
TT

دارت اشتباكات عنيفة في حلب في محاولة من قوات الجيش النظامي استعادة السيطرة على ثكنة «هنانو» العسكرية، كما شهدت أحياء دمشق الجنوبية، لا سيما حي التضامن، اشتباكات عنيفة وسط سماع أصوات إطلاق نار مدفعي عنيف على المنطقة.

في هذا الوقت، أوضح نائب قائد الجيش السوري الحر العقيد مالك الكردي، أن «الوضع العام على الأرض لا يزال على حاله»، مؤكدا أن «النظام أدخل كل أسلحته وقدراته القتالية الآن في هذه المعركة بما فيها الطيران وجميع أنواع الأسلحة الثقيلة». وقال الكردي لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنه ليس هناك من تقدم على الأرض في الأيام القليلة الماضية بالنسبة لعمليات الجيش الحر، إلا أن هناك توازنا قويا إلى حد ما على صعيد الهجمات والهجمات المضادة، فنحن ما زلنا نناور وقادرين على المبادرة، كما أن عاملي الوقت والأرض لصالحنا». ولفت إلى «أهمية ما قامت به مجموعة من مقاتلي الجيش الحر لجهة تحرير نحو 350 معتقلا من سجن هنانو داخل ثكنة عسكرية في حلب»، لافتا إلى أن «هؤلاء المحررين أصبحوا كتيبة من المقاتلين انضمت إلى الجيش الحر، وخصوصا أن المحررين هم مجندون وعناصر ورتب كانوا في الجيش النظامي وجرى اعتقالهم بسبب رفضهم تنفيذ الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين».

في غضون ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قسما من مدينة حلب انقطعت عنه مياه الشرب بعد تدمير أنبوب رئيسي للتوزيع في حي بستان الباشا شمال المدينة. وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن «أنبوبا رئيسيا لتوزيع المياه دمر قرب مقر شركة المياه العامة في بستان الباشا. إن الأمر خطير لأن هذا الأنبوب ينقل المياه إلى كل المدينة».

وأوضح أنه «لا نعرف كيف دمر الأنبوب، لكن كانت هناك غارات جوية ومعارك في هذا القطاع».

وأكد مدير الشركة للصحافيين أن «مشكلة وقعت في الأنبوب». وقال «لا أعرف حجمها لأنه لا يمكنني إرسال فريق إلى المكان للتحقق» من الأمر.

وبثت شبكة الناشطين في لجان التنسيق المحلية شريط فيديو على «يوتيوب» يظهر تسربا كبيرا للمياه من أنبوب. ويظهر الشريط أيضا المياه تسيل في الشارع وتبلغ مدخل أحد المباني.

واتهمت لجان التنسيق المحلية «طيران (الرئيس السوري بشار) الأسد بتدمير الأنبوب الرئيسي لنقل مياه الشفة في المدينة».

وقال سكان إن نصف المدينة، وخصوصا الأحياء الشرقية والشمالية، محروم من المياه.

ويقع الأنبوب بمحاذاة حي بستان الباشا وحي الميدان. ووقعت معارك عنيفة بين جنود نظاميين ومعارضين مسلحين كانوا يحاولون العودة إلى حي الميدان، وهي منطقة تسيطر عليها قوات أمنية تابعة لسلاح الجو السوري.

وقال ناشطون بالمعارضة إن قوات الحكومة السورية اقتحمت مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وداهمت مستشفى بالمخيم أمس بعد هجوم بالمدفعية استمر أربعة أيام على الضاحية الواقعة في جنوب دمشق والتي يختبئ فيها معارضون.

وتفضل قوات الرئيس بشار الأسد استخدام سلاحي الجو والمدفعية لضرب المناطق التي يختبئ فيها المعارضون ولا تنشر قوات المشاة إلا بعد فرار كثيرين من المنطقة المستهدفة.

وأعرب ناشطون عن خوفهم على السكان المدنيين من الهجوم البري الجديد. وقال الناشط السوري أبو ياسر الشامي إن أصدقاء له يقيمون في مخيم اليرموك - وهو مخيم مكتظ باللاجئين الفلسطينيين قتل فيه عشرة أشخاص في قصف أمس الجمعة - فروا من المنطقة صباح اليوم بعد أن اجتاحته القوات الحكومية.

وقال الشامي عبر موقع «سكايب»: «اقتحمت قوات الأسد مستشفى الباسل في مخيم اليرموك واعتقلت العديد من المدنيين الجرحى» حسب «رويترز».

ويقول ناشطون إن الأسد يحجم عن استخدام قوات المشاة لأن الجيش يتألف في معظمه من مجندين ينتمون إلى الأغلبية السنية يخشى انشقاقهم.

وقال بعض الجنود المنشقين إن الروح المعنوية منخفضة في الثكنات وإن الضباط العلويين فقط هم من يصدرون الأوامر.

وفي بيان صادر عن كتيبة «الأقصى» من لواء «أحرار فلسطين» التابعة للجيش الحر قال مقاتلون إنهم موجودون في حي التضامن ولن يخرجوا منه، وإنه لم يسقط منهم قتلى كما ذكر الإعلام الرسمي للنظام، وإنما أصيب بعض عناصر الكتيبة أثناء الاشتباكات. ونوه البيان إلى بعض عناصر اللجان الشعبية التابعة للنظام في مخيم اليرموك قاموا بإطلاق النار على بعض عناصر الجيش السوري الحر مما أدى إلى مقتل عنصرين وإصابة أربعة بجروح مختلفة، وحذرت الكتيبة «القيادة العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بأن تترك مخيم اليرموك منطقة ملاذ آمن وإلا فإنها سترى مقارها التشبيحية رمادا على الأرض»، وأكدت الكتيبة أن هدفها هو «إسقاط النظام السوري ومقاتلته»، وليس مقاتلة الفصائل الفلسطينية، «ولكن إذا قاموا بالاعتداء مرة ثانية على أحد عناصرنا فقد أعذر من أنذر».

ويعد هذا أول بيان عن الكتائب المقاتلة في سوريا يشير بشكل صريح إلى وجود فلسطينيين يقاتلون إلى جانب الجيش الحر ضد النظام السوري، تحت شعار «واحد واحد واحد.. فلسطيني سوري واحد».

وأعلن ناشطون في تنسيقيات الثورة السورية، أن «أكثر من 103 شهداء سقطوا (أمس) بنيران قوات النظام في كل المحافظات السورية»، وأكد هؤلاء الناشطون لـ«الشرق الأوسط»، أن «نحو نصف هؤلاء (43) سقطوا في العاصمة دمشق وريفها نتيجة القصف العنيف الذي تعرضت له الأحياء السكنية، بينهم 15 شهيدا أعدموا ميدانيا في دوما و12 شهيدا أعدموا ميدانيا في حي التضامن في العاصمة، بينما سقط 29 في حلب بينهم 20 شهيدا أعدموا ميدانيا في حي الأعظمية». وأشار الناشطون أيضا إلى «سقوط 5 شهداء في درعا، والباقون سقطوا في إدلب وحمص واللاذقية ودير الزور».

من جانب آخر، قال ناشطون إن قوات النظام اقتحمت أمس بلدات ببيلا وبيت سحم وعقربا في جنوب العاصمة بأعداد كبيرة من الجنود وعناصر الأمن والشبيحة مدعومين بالدبابات والآليات الثقيلة بالتزامن مع «حملة اعتقالات والاعتداء على المدنيين بالضرب المبرح والتنكيل بهم وقيامهم بحملة دهم واعتقالات وتخريب ونهب للمنازل التي تركها سكانها بسبب القصف المتواصل والمحال التجارية وسرقة محتوياتها»، وفي حي سيدي مقداد جرت اشتباكات عنيفة بعد محاولة قوات النظام مداهمته بأعداد كبيرة من الأمن والشبيحة والذين قاموا بمحاصرة الحي ونشر القناصة على مداخله، كما قتل شخصان برصاص قناص في حي الأندلس.

وفي دمشق، تدور اشتباكات في حي التضامن في جنوب العاصمة بين القوات النظامية ومقاتلين مناهضين للنظام بعدما تعرض الحي للقصف «في محاولة لاقتحامه والسيطرة عليه»، بحسب المرصد الذي تحدث أيضا عن قصف طال حي الحجر الأسود القريب.

وذكر المرصد أن القوات النظامية اقتحمت «مستشفى الباسل» في مخيم اليرموك بحثا عن جرحى من المقاتلين من حي التضامن المجاور، وأن هذه القوات تستخدم المروحيات في استهدافها للحي، مشيرا إلى «معلومات» حول إصابة مروحية.

وأعلن أنه تم العثور على جثتي مواطنين في الحي، بينما عثر على جثامين 4 رجال مجهولي الهوية قتلوا بالرصاص في مناطق مختلفة من ريف دمشق.

وفي مدينة حمص (وسط) جرت اشتباكات قتل خلالها أحد عناصر الجيش الحر، وفي بلدة الحارة في درعا (جنوب)، حيث قتل وجرح ما لا يقل عن 12 من القوات النظامية، وفقا للمرصد.

وتعرضت مدينة البوكمال في محافظة دير الزور (شرق) لقصف تركز على محيط مطار الحمدان العسكري، كما تعرضت مدن وقرى وأحياء في إدلب (شمال غربي) ودرعا إلى قصف مماثل.