اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: توافق على تشديد العقوبات ضد إيران وسوريا

دعوات إلى مبدأ «واجب التدخل» في سوريا ومزيد من الضغوط على نظام الأسد

منسقة العلاقات الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون لدى لقائها وزيرة خارجية قبرص ايراتو ماركوليس في نيقوسيا (رويترز)
TT

ركز وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم أمس في بافوس (قبرص) على الملفين الإيراني والسوري. إذ رفع الاتحاد الأوروبي، أمام المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني، راية التهديد بتشديد العقوبات القاسية أصلا المفروضة على طهران، كما توصل إلى «توافق» على تشديد العقوبات على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأثناء الاجتماع في بافوس ارتفعت أصوات عدة تدعو إلى تشديد العقوبات الأوروبية، وكذلك الدولية، المفروضة على طهران. ويشتبه الغربيون في أن إيران تسعى إلى امتلاك السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني، وهو ما تنفيه طهران.

والمحادثات التي كانت متوقعة في نهاية أغسطس (آب) بين وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون موفدة الدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني (مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي: الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا، إضافة إلى ألمانيا) مع نظيرها الإيراني سعيد جليلي، لم تجر حتى الآن.

وجاء تقرير جديد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليثير قلق العواصم الأوروبية مع تأكيده أن إيران تواصل أنشطتها في مجال تخصيب اليورانيوم. وأعلنت آشتون أمس أنها لن تتخلى عن القيام «بكل ما في وسعها لكي تضمن وفاء إيران بالتزاماتها عبر المفاوضات».

وفي الانتظار، يفقد الأوروبيون الصبر. وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي، «لا يمكننا أن نقبل بسعي إيران إلى كسب الوقت كما حصل حتى اليوم، ولهذا السبب سنحضر عقوبات جديدة بطريقة يمكننا معها من تطبيقها بسرعة».

وأكد الوزير البلجيكي ديدييه رايندرز «نحن فعلا في جو من التفاهم بشأن هذا الموضوع داخل الاتحاد الأوروبي». وأضاف: أنه «إذا لم يحصل أي تطور من الجانب الإيراني، فإن السلة الجديدة من العقوبات الأوروبية ستتقرر من الآن وحتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول)».

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس من جهته إن «هذه العقوبات ينبغي أن تطال خصوصا الأوجه المالية والتجارية والنفطية».

وستضاف هذه العقوبات إلى مجموعة واسعة جدا من العقوبات المصرفية والتجارية الدولية والتي ترافقت لاحقا مع عقوبات أحادية فرضتها أوروبا والولايات المتحدة.

وكانت العقوبة الأشد قسوة هي الحظر النفطي الذي فرضه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودخل حيز التطبيق في يوليو (تموز).

وبحسب دبلوماسي أوروبي، فقد انخفضت العائدات النفطية الإيرانية بنسبة 50 في المائة وبدأت طهران تشهد مشاكل في تخزين نفطها الذي لم يتم بيعه. وقد أقر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أخيرا «ببعض المشاكل» لتصريف النفط الإيراني.

وسيدفع الاتحاد الأوروبي الأمم المتحدة لتحذو حذوه. لكن تشديد العقوبات الدولية يستدعي موافقة روسيا.

وأمس حمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فلاديفوستوك، في أقصى الشرق الروسي، على الإجراءات الأميركية التي «تتخذ أكثر فأكثر طابعا أوسع جغرافيا لتطال مصالح الشركات الروسية».

وبالفعل، وخلافا للعقوبات الأوروبية التي لا تطبق إلا على الشركات أو الأصول الأجنبية على أراضي الاتحاد الأوروبي، يمكن الولايات المتحدة على سبيل المثال أن تعاقب كل شركة تشتري نفطا من إيران.

وعلق رايندرز على ذلك بالقول «إذا أراد لافروف تجنب العقوبات، فسيكون من الأفضل له المشاركة في تفاهم داخل مجلس الأمن الدولي».

من جهته علق وزير الخارجية الإيطالية جوليو تيرزي قائلا، «إذا كان يوجه الانتقاد لأن العقوبات تؤثر على الاقتصاد، فسيتعين علينا أيضا، نحن الإيطاليين أو الأوروبيين، أن نكون في طليعة منتقدي هذه العقوبات».

وقال تيرزي، «المسألة ليست مسألة مصالح اقتصادية، إنها مسألة أمن مواطنينا ليس في الدول المجاورة وحسب، وإنما أمن كل أوروبا إزاء التهديد المحتمل من إيران تملك السلاح الذري». وفي غضون ذلك، أعلنت وزيرة خارجية قبرص إيراتو كوزاكو ماركوليس التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أن دول الاتحاد توصلت إلى «توافق» على تشديد العقوبات الأوروبية المفروضة على نظام الأسد.

وقالت الوزيرة للصحافيين في ختام الاجتماع إنه «تم التوافق على تشديد العقوبات على سوريا».

وقال وزير الخارجية الفرنسي من جانبه «إذا أردنا تحريك الأمور، ينبغي تشديد العقوبات على زمرة بشار الأسد»، موضحا أنه لمس «توافقا كبيرا» بين الوزراء خلال النقاش، وأضاف أن الوزراء اتفقوا على تعزيز الدعم للمعارضة الموحدة خصوصا لعمل الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي.

بدوره، قال وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل غارسيا مارغالو «هناك شعور عام بأنه ينبغي زيادة الضغط على النظام لكي يوقف العنف ولإيصال المساعدة الإنسانية إلى كل أنحاء البلاد».

غير أن البعض بدا مترددا مثل وزير الخارجية السويدي كارل بيلت لجهة تعزيز للإجراءات الأوروبية يتقرر من جانب واحد بسبب الفيتو الروسي الصيني في الأمم المتحدة. وقال بيلت «يمكننا القيام بذلك حتى لو كنت أعتقد أن ذلك لن يكون له تأثير كبير» على الصعيد العملي. وأضاف: «علينا أن نكون حذرين» مذكرا بأنه كانت هناك «تجارب سلبية» مثلا حين فرضت عقوبات على الخطوط الجوية السورية ما تسبب باحتجاز عدد كبير من الأوروبيين في سوريا.

وتعارض السويد فرض عقوبات على شركة اتصالات سورية على صلة بشركتها «إريكسون».

وبحسب وزيرة خارجية قبرص فإن الوزراء الأوروبيين توافقوا كذلك بشأن «السياسة الأوروبية إزاء الوضع الإنساني» في سوريا خصوصا في الدول المجاورة لهذا البلد.

وفي السياق نفسه، أشار وزير خارجية بلجيكا ريندرز إلى مبدأ «واجب التدخل» في سوريا إذا تعذر التوصل إلى توافق مع روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي.

وقال لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في مدينة بافوس في غرب قبرص «يزداد لدينا أكثر فأكثر الإحساس بأننا ندخل شيئا فشيئا حربا أهلية طويلة الأمد» في سوريا.

وأضاف، «السؤال الذي يفرض نفسه هو هل سنسمح بتجذر هذه الحرب الأهلية التي ستزداد عنفا (...) أم هل سنعتبر أن واجب التدخل سيعلو في وقت ما».

وأضاف متسائلا: «هل نبقى في إطار مجلس الأمن وحق النقض وحتى متى؟» ملمحا بذلك إلى استخدام روسيا والصين حق النقض ضد قرارات تدين النظام السوري.

وتابع: أنه إذا تم اللجوء إلى واجب التدخل «يجب أن يتم ذلك بالتعاون مع دول المنطقة» وبالتالي بالتنسيق مع الدول العربية.

وقال ريندرز، «أبقى مقتنعا بأنه يتعين علينا إقامة ممرات أو مناطق عازلة، لكن من الواضح أننا لا نحرز تقدما بهذا الصدد بسبب المعارضة الروسية - الصينية».