لقطة أولى: تهميش دور المنتج

مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي 5

TT

يتحدث الجميع في السينما العربية في داخل المهرجانات وخارجها عن المخرجين. إنهم كل شيء كما يتردد. هو المؤلـف وهو المفكر، وهو المبدع، وهو الصانع و«الكل في الكل». وهي صفات يمكن مناقشتها، خصوصا حين يأتي الأمر لما يعرف بسينما المؤلـف. تلك التي تبدو مثل جدار عازل بين فريقين من السينمائيين: واحد يكتب سيناريوهاته وينفذ أفلامه على نحو أسلوبي، والثاني الذي يستند إلى سيناريوهات مكتوبة له وينفذ أفلامه حسب الفورميولا. لكن هناك واحدا من الصفات التي أضيفت إليه منذ سنوات أنه هو المنتج أيضا.

إنه من سمات النقد السينمائي استجابته السهلة لكل ما يبدو اختلافا. كثير من الذين يفضلون سينما المؤلفين يفعلون ذلك لأنهم آيديولوجيا ضد السينما الجماهيرية. هذه الأخيرة لا بد أنها خالية من القضايا والفن لمجرد أنها غير مؤلـفة من قبل مخرجيها أو غير مستقلة. وعلى العكس طبعا فإن الفيلم المستقل أو المؤلف هو السينما التي تستحق الإشادة والتقدير.

هذا خطأ شائع وجسيم. القائمون به لا يحبون السينما. ليس كل السينما على أي حال وتقسيمهم لما هو جيد وما هو رديء لا يؤخذ بعين الاعتبار أن هناك جيدا ورديئا في كل نوع وفي كل شأن. ذلك لأن الإبداع ليس محصورا في السينما التي لا تملك دعما ماديا أو التي ينفذها مستقلون أو مؤلفون، كما أن الرداءة ليست من نصيب السينما الأخرى.

بما أن المخرج هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، كما يعتبر البعض، فلم لا نتعامل معه على هذا الأساس في كل شيء. ما فعلته المهرجانات السينمائية الثلاث عربيا وبضع مهرجانات أخرى عالمية هو التعامل مباشرة مع المخرج كمنتج. فجأة صار عليه أن يأخذ مهام جديدة لا علاقة له بها. عليه تحمل مسؤوليات وتبعات قد لا يدري كيف يتعامل معها. ذلك أنه حين تتقدّم جهة داعمة تنتمي إلى أحد المهرجانات الرئيسية في منطقتنا، لمخرج لكي تدفع له سلفا كل أو بعض تكاليف فيلمه بغنى عن المنتج، فإن ما تقوم به هو تهميش دور لا يجوز تهميشه يقوم (وعليه أن يقوم) على كتفي المنتج وليس المخرج.

التعامل المادي المباشر مع المخرج على أساس أنه هو صاحب العمل، يكلف السينما العربية أحد أهم أركانها. وهو أمر لم تدعيه السينما العالمية لا تلك التي تنتهج أسلوب سينما المؤلف ولا تلك التي تخرج عنه. لكننا نفعل ذلك وفي بالنا أننا نخدم المخرج الذي تحول بعضه إلى خامة مفادها التجارة بفيلمه المصنوع، ولو افتراضا، على أساس أنه ليس تجاريا.