قمة سعودية ـ مغربية بحثت آفاق التعاون بين البلدين والقضية الفلسطينية والوضع في سوريا

خادم الحرمين الشريفين يكرم ضيفه عاهل المغرب

خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله العاهل المغربي في جدة أمس (واس)
TT

بحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والعاهل المغربي الملك محمد السادس، آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين. كما بحث الجانبان في اجتماع ثنائي في قصر خادم الحرمين الشريفين بجدة أمس، مجمل الأحداث والمستجدات على الساحتين العربية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في سوريا.

وبينما رحب الملك عبد الله بضيفه ملك المغرب، في المملكة العربية السعودية، فقد أعرب الملك محمد السادس من جانبه عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين على حسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي وجده ومرافقوه في المملكة.

وكان خادم الحرمين الشريفين استقبل في قصره بجدة أمس ملك المملكة المغربية. كما كان في استقباله الأمير مشعل بن عبد العزيز رئيس هيئة البيعة، والأمير مقرن بن عبد العزيز المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين.

وأقام خادم الحرمين الشريفين، أمس، مأدبة غداء تكريما لأخيه الملك محمد السادس.

وقبل بدء المباحثات الثنائية، كرم خادم الحرمين الشريفين الملك محمد السادس، والوفد الرسمي المرافق له. وقد صافح ملك المغرب الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين. وحضر المأدبة الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير، والأمير مقرن بن عبد العزيز، والأمراء والوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.

وحضر المأدبة من الجانب المغربي الأمير رشيد بن الحسن الثاني، والشريف يوسف العلوي، والشريف محمد العلوي، والشريف المهدي العلوي، وأعضاء الوفد الرسمي المرافق.

إلى ذلك، شهد قصر المؤتمرات بجدة اجتماعا جمع الوزراء في المملكة العربية السعودية مع المستشارين والوزراء المرافقين للعاهل المغربي. وشارك في الاجتماع من الجانب السعودي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف وزير المالية، والدكتور فهد بن عبد الرحمن بلغنيم وزير الزراعة، والدكتور جبارة الصريصري وزير النقل، والدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة وزير الصحة، والمهندس يوسف بن إبراهيم البسام نائب الرئيس والعضو المنتدب للصندوق السعودي للتنمية، وعبد الرحمن بن محمد العبد الكريم المستشار بوزارة البترول والثروة المعدنية.

ومن الجانب المغربي، شارك في الاجتماع عمر عزيمان وزليخة ناصري وفؤاد عالي الهمة وياسر الزناكي، مستشارو ملك المغرب، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق، ووزير الاقتصاد والمالية نزار بركة، ووزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، ووزير التجهيز والنقل عزيز رباح، ووزير الصحة الحسين الوردي، ووزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة فؤاد الدويري.

وعقب الاجتماع، أكد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودي أن الاجتماع ناقش جملة من المشروعات التنموية المهمة في المملكة المغربية التي تتعلق بالقطاع الفلاحي والزراعي والقطاع الفندقي، والنقل والمواصلات، والقطاع الصحي والقطاع التعليمي. واشار إلى أن الوزراء ناقشوا هذه المشروعات التنموية المطروحة على جدول الاجتماع، وتوصل الوزراء إلى توافق في وجهات النظر حول تلك المشروعات، وسوف تُشكل لجان تنفيذية تدرس تفاصيل تلك المشروعات التنموية في المملكة المغربية. وأشار آل الشيخ إلى أن بلاده بقيادة خادم الحرمين الشريفين حريصة على دعم التنمية في المملكة المغربية الشقيقة، وحريصة على أن يكون الدعم السعودي عبر الصندوق السعودي للتنمية.

من جانبه، أوضح وزير المالية السعودي أن الوزراء ناقشوا كل ملفات التعاون بين البلدين، وكانت ملفات مهمة خاصة ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية وجوانب دعم هذا التوجه وتعزيزه سواء في ما يتعلق بدور القطاع الخاص أو المشاريع التي تدعم هذا الجانب. وبين أنه تمت مناقشة الاستثمارات بين البلدين، ودور صندوق التنمية السعودي في التنمية في المغرب، إضافة إلى دور الصندوق في قطاعات الصحة والنقل والري والزراعة والقطاعات الأخرى. وقال العساف «إن الاجتماع ناقش بشكل أساسي الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ودعم الاستثمارات بين البلدين لتنمية التجارة عن طريق استثمار القطاع الخاص في الموانئ وتعزيز خطوط الملاحة بين البلدين والتبادل التجاري».

وبين أن الوزراء استعرضوا خلال الاجتماع تجربة البلدين في هذه القطاعات، مؤكدا أن الدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية يأتي بتوجيه من الملك عبد الله بن عبد العزيز لدعم الأشقاء في المملكة المغربية. وأفاد بأن الصندوق السعودي للتنمية كان له دور كبير جدا في الماضي في دعم التنمية في المغرب، وسوف يستمر في المرحلة القادمة، لافتا الانتباه إلى قرار قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدعم المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية بأنه «دعم مشترك بين أربع دول من ضمنها المملكة العربية السعودية». وأوضح أن القرار ينص على دعم المغرب بخمسة مليارات دولار، منها مليار و250 مليون دولار حصة المملكة من هذا الدعم من الصندوق السعودي للتنمية.

وأضاف الدكتور إبراهيم العساف أن هناك قطاعات مهمة في المغرب أعطيت الأولوية لخدمة البيئة الاستثمارية، وهي من أفضل البيئات الاستثمارية في الدول العربية، وهناك إقبال من القطاع الخاص السعودي خاصة في الاستثمار السياحي والصناعي والزراعي وكذلك الموانئ التي تدعم قطاع النقل.

وأكد أن المملكة العربية السعودية والمغرب قطعا شوطا كبيرا في ما يتعلق بالمشروعات التي سيمولها الصندوق السعودي للتنمية، وتم الاتفاق على أن تكون هناك لجنة فنية في هذا الجانب، مشيرا إلى أن المسؤولين في الصندوق السعودي للتنمية سيتوجهون إلى المغرب للبحث النهائي في هذه المشروعات والبدء فورا في التنفيذ.

بينما وصف السفير الدكتور محمد البشر، سفير السعودية لدى المغرب، الاجتماع المشترك بين وزراء البلدين بـ«المثمر»، موضحا أن بلاده تقوم بدعم المشاريع التنموية لصالح الشعب المغربي «الشقيق»، مشيرا إلى أن ما تم خلال الاجتماع سيكون داعما للمشاريع الحيوية في قطاعات الزراعة والتعليم والنقل، بالإضافة إلى فتح المجال لاستثمار القطاع الخاص السعودي في المملكة المغربية.

ومن جانبه، أكد وزير الخارجية المغربي، الدكتور سعد الدين العثماني، أن زيارة الملك محمد السادس والتقاءه بخادم الحرمين الشريفين، يأتيان في إطار العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين، والتي قال إنها «تطورت بشكل كبير، حيث شهدت هذه العلاقات اليوم (أمس) دعما تنمويا جديدا من المملكة العربية السعودية للمغرب»، لافتا النظر إلى أن ترؤس الملك محمد السادس لهذا الوفد من الوزراء «دليل على اهتمامه بتطوير هذه العلاقة إلى أعلى مستوى».

وبين أن اجتماعات الوزراء تطرقت لأسس هذه العلاقات والشراكة المستقبلية بين البلدين وتقديم الدعم التنموي السعودي لجهود المملكة المغربية لتنمية اقتصادية واجتماعية رائدة، واستعرضت مختلف المشروعات الجاهزة للتموين. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تقنية فنية خلال الأسابيع المقبلة لتدقيق كل ما يتعلق بهذه المشروعات ووضعها موضع التنفيذ، وهناك جو أخوي كبير ساد الاجتماعات.

وشدد الوزير المغربي على أن التكامل الاقتصادي يحقق استقرار الدول، موضحا أن هذه الاجتماعات أظهرت جزءا من التكامل النموذجي بين الدول، وهو شيء مهم وواقع، وأن هناك دولا تنتج على مستوى معين ودولا أخرى تنتج مستويات أخرى مما يؤدي إلى هذا التكامل.

وأضاف أن المملكة المغربية منخرطة في إنجاح التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب، إضافة إلى أن المغرب يسعى أيضا إلى هذا التكامل مع دول المنطقة المغاربية، مشيرا إلى أن بلاده تعد الرائدة من حيث الاستقرار والإصلاحات السياسية اللذين يمكن أن يجذبا المزيد من الاستقرار، وهو ما يشجع على جذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص السعودي للاستثمار، مقدرا جهود المملكة العربية السعودية على مستوى الدولة وكذلك القطاع الخاص.

وأكد أن الاجتماع بحث كل جوانب التسهيلات والتحفيزات التي يمكن أن تسلم للقطاع الخاص من أجل استثمار أكبر، في وضع مريح «والمؤشرات كلها حتى الدولية تشهد بأن المغرب بيئة صالحة للاستثمار، وهناك استثمارات من مختلف دول العالم تأتي إلى المغرب في صناعة السيارات والطاقات المتجددة». وقال «إن المملكة العربية السعودية ستستثمر في مجال الطاقة، حيث سيتم إنشاء أكبر مركز عالمي لإنتاج الطاقة الشمسية، ومن هنا فهناك بيئة استثمار مشجعة، ونحن عازمون على تطوير شروط وظروف استقبال القطاع الخاص السعودي وتقديم التسهيلات له بشكل أكبر وأعم وأشمل».

بينما أعلن وزير التجهيز والنقل عزيز رباح أنه بالإضافة إلى الموانئ والطرق تم التأكيد على أن يكون هناك تعاون في كل مجالات النقل خاصة النقل البحري، وقال «هناك حاجة لهذا التطوير سواء في نقل البضائع أو النقل الآخر، وهو ما سيكون محور تعاون بين البلدين»، فيما قال وزير المالية المغربي نزار بركة «إن اجتماعات الوزراء كانت عن العلاقات التجارية التي تطورت في السنوات الأخيرة بحكم أن المبادلات الخارجية بين البلدين ارتفعت من مليار دولار سنة 2000 إلى 20 مليار دولار سنة 2011»، معربا عن أمله في أن تحقق زيارة الملك محمد السادس إمكانية تطوير هذه العلاقات التجارية بما يحقق التطلعات والآمال.

ونوه بالدعم الذي تقدمه المملكة للمغرب في إطار تمويل الاستثمارات العمومية من خلال صندوق التنمية السعودي الذي يشكل الدور الأساسي في مواصلة ومواكبة المجهود التنموي للمغرب. ولفت الانتباه إلى أن الصندوق قدم العديد من المشروعات التي من شأنها أن تسهم في تطوير تنمية الزراعة والخدمات الاجتماعية وتقوية التجهيزات التحتية، إضافة إلى تطوير الشراكة في القطاع العام والخاص السعودي لتبسيط التسهيلات والاستثمارات للقطاع السعودي من أجل المزيد من الاستثمار.

وقد أكد وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة فؤاد الدويري من جانبه أن مباحثات الوزراء تندرج في إطار العلاقات المهمة بين القيادتين، وقال «هناك عدة مشروعات طرحت في قطاعات الطاقة والفلاحة والبنية التحتية والسدود والصحة والسكن، والهدف منها تقوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية، ودعوة القطاعات السعودية من أجل الاستثمار»، مفيدا بأن الوزراء في المملكة رحبوا بهذا التعاون من أجل تنمية وتطوير هذه العلاقات.

من جهته، قال مستشار ملك المغرب عمر عزيمان «إن زيارة الملك محمد السادس للمملكة ولقاءه بخادم الحرمين الشريفين، لحظة تاريخية مهمة تنتقل فيها العلاقات السعودية المغربية إلى آفاق أشمل وأعم». وأكد أن «العلاقات ستشهد نقطة تحول جديدة من أجل العمل بأدوات ومنهجية تتجاوب مع تطلعات شعوبنا من أجل تحويل أساليب العمل إلى مشروعات تنموية مصيرية، حيث سيتم توقيع اتفاقيات مهمة قريبا للتطوير التعاون ودعم الاستثمار في المغرب».