البحرين: هجوم حكومي على «منابر التحزيب وتأجيج الشارع»

وزير العدل: «لا حصانة لأحد» إذا تعلق الأمر بسيادة الوطن ووحدته

TT

شن مسؤول بحريني رفيع هجوما على المنابر الدينية التي قال إنها تمارس دورا سلبيا في الوسط الاجتماعي البحريني، وقال إن هذه المنابر درجت على التحزيب وشق الصف الوطني وتأجيج مشاعر المواطنين وتسييس الدين وتديين السياسة، متوعدا خطباءها بالمواجهة بالحزم وبقوة القانون.

وقال الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف: «لا حصانة لأحد»، في إشارة منه إلى أن الحكومة البحرينية قد تتخذ خطوات تطال بعض رجال الدين مهما كانت مكانتهم الدينية.

وفي الوقت ذاته، أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية على ضرورة الالتزام بآداب الخطاب الديني التي جاءت لتؤكد على مبادئ الاعتدال والوسطية والتسامح والمواطنة وتعميق قيم الوحدة والولاء للوطن واحترام سيادة القانون.

وشدد وزير العدل في تصريح له أمس على العزم على التصدي لحالة «تحزيب» المنابر الدينية وما تنتهجه من وسيلة تقوم على تديين السياسية وتسييس الدين بغرض فرض أجندة «حزبية» وطائفية، من خلال إضفاء صفة «العصمة» على الخيارات السياسية وتحويلها إلى ثوابت وقناعات دينية ومذهبية.

وقال إن هذه الممارسات تعمل على تحييد العمل السياسي المؤسساتي وإفراغه من دوره وغاياته، وتضييق مساحة وآفاق الحراك السياسي الوطني الجامع والبناء، مضيفا أن هذا ما عكسته تجربة السنوات الماضية وتنامت وتيرته خلال الأحداث الماضية ولا تزال مستمرة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في إذكاء حالة التأزيم المتعمد والتجاذب الطائفي.

وأبان في هذا السياق ما تشهده دور العبادة من انتهاكات مستمرة تهدف إلى الهيمنة الحزبية على أكبر عدد منها وذلك بغرض استخدام منابرها جسور عبور لتحقيق أجندة سياسية وتأزيمية، في خروج كلي عن أهداف الشعائر والمناسبات الدينية.

وشدد على أن الواجب الوطني يفرض على الجميع؛ كل من موقعه، تحمل أمانة ومسؤولية حماية وصون مقام وقدسية منبر الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، والوقوف بوجه من يسعى لحرفه عن موقعه ورسالته التي كرس النبي صلى الله عليه وسلم وآل البيت والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين جل حياتهم في غرسها وحفظها في سبيل إعلاء كلمة الله وحفظ وحدة وعزة الأمة.

وقال إنه من المؤسف والمؤلم جدا أن تتحول بعض المنابر إلى مصدر مستمر للفوضى والفرقة من خلال تغطية أعمال العنف والخروج على القانون، ودعم اتجاهات الإقصاء للآخرين، عبر خطابات تقوم على استثارة المشاعر والتأجيج، وتساءل: «متى كان الدين يشرعن ويبرر الأذى للإنسان عبر قطع طريقه وتعريض حياته للخطر والتعدي على أملاكه»، داعيا إلى التبصر جيدا في نتائج هذه الخطابات وانعكاساتها الحقيقية على أرض الواقع، بدلا من الإنكار أو التنصل، فبصماتها وآثارها، على حد تعبير وزير العدل، أكبر من أن تحجب أو يُضلل عليها.

وتابع أن البحرين أمام حالة انحراف خطيرة لمسار المنبر الديني عبر تحويله من منبر تنوير وهداية ووحدة وتقارب إلى منبر للتضليل والترهيب والشقاق والاصطفاف.

موضحا أن هذه المنابر جعلت من يوم الجمعة وما يحمله من مكانة وخير وسكينة وراحة؛ يوما لتعبئة الكراهية والتطرف والإحباط بين المواطنين والتحريض على العنف الذي يتزامن مع تصعيد لأعمال الإرهاب و«المولوتوف»، وهو الأمر الذي أوجد حالة من السخط والتنديد من المواطنين والمقيمين.

وقال الشيخ خالد بن علي آل خليفة إنه في ظل أعمال قطع الطرقات وإرهاب المولوتوف وتهديد سلامة الآمنين والاعتداء على رجال إنفاذ القانون والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة والإضرار بالاقتصاد، لا يمكن أن يقبل موقف التهاون أو التخاذل، وهو الأمر الذي يستدعي الوقفة الجادة والإدانة الشرعية لهذه الأعمال من قبل رجال الدين.

من جانب آخر، شدد وزير العدل على أنه من غير المقبول إطلاقا أن يبلغ الحال بالبحرين أن يتحول المنبر إلى مكان وأداة للإساءة والتهجم على المذاهب الإسلامية والقذف والقدح والتجريح.

وقال إن الحرية الدينية كانت وما زالت وستبقى مكفولة ومصانة، وإن واجب الحكومة التصدي لاستغلال الحريات الدينية لصالح أغراض حزبية ضيقة وشق الصف والتحريض على العنف، مؤكدا أن هذا الواجب جزء من الالتزام نحو مسؤولية حفظ وصون هذه الحرية الأصيلة والمتجذرة من محاولات العبث والتهديد الخطير.

كما شدد على أن واجب الجميع النأي بالشأن الداخلي عن التدخلات الخارجية وفوضاها وأطماعها، والوقوف الحازم بوجه أي محاولة للتدخل والاستفزاز والسعي لاستيراد أو استنساخ تجارب إقليمية تهدف إلى جعل البحرين منطقة نفوذ وامتداد حزبي وطائفي على حساب استقرارها وأمنها القومي والمساس بسيادتها والنيل من وحدة أبنائها وانتمائها العربي الخليجي ومكاسبها الحضارية والوطنية.

كما نبه وزير العدل إلى أن اتخاذ نهج التروي والتناصح والتنبيه طوال الفترات الماضية تجاه تجاوزات المنبر الديني، الذي يأتي ضمن رؤية شاملة ومتدرجة إنما جاء بغية إعطاء فرص المراجعة والتصحيح، وقال إن رسالة الحكومة التي تؤكدها دائما وتأمل أن تكون واضحة جلية للجميع، أن الاستمرار والتمادي في هذه التجاوزات التي تعدت الخطوط الحمراء سيواجه بقوة القانون، مؤكدا أن لا حصانة لأحد، خاصة إذا تعلق الأمر بالسيادة والوحدة الوطنية والأمن القومي.