برهم صالح: خشيتنا ليست من صفقات التسليح بل من عقلية مستخدميها

نائب طالباني الحزبي في مؤتمر للحوار: الخلافات السياسية تتحول إلى الحالة الاجتماعية وهذه ظاهرة خطيرة

برهم صالح يتحدث في مؤتمر الحوار الوطني الذي ينظمه حزبه وبدأ جلساته في السليمانية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

حذر برهم صالح، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، مما اعتبره تجربة مريرة في العراق حين حول العسكر المسيطرون على مقاليد الأمور في بداية الستينات من القرن الماضي حكم عبد الكريم قاسم في العراق من سلطة ثورية وطنية إلى حكم ديكتاتوري.

وقال صالح في كلمة له بمؤتمر للحوار والتواصل بين النخب السياسية والثقافية عقد أمس في مدينة السليمانية «إن أخشى ما أخشاه هو أن ينجح العسكر في العراق في تأجيج الصراعات وتحويل مساراتها، وإعادة تجربة حكم عبد الكريم قاسم حينما زينوا الأمور له ودفعوه نحو تشديد المزيد من قبضته على السلطة حتى تحول إلى ديكتاتور خسر في النهاية موقعه، وعرض العراق منذ ذلك الوقت إلى مآس وويلات ما زلنا نعاني من آثارها المدمرة لحد الآن في العراق». وقال صالح «إن مشاكل العراق لا تحل بتمجيد القوة أو بعسكرة الدولة، بل ببناء دولة المواطنة، ولكن العسكر خربوا علينا بناء هذه الدولة، وأضاعوا علينا فرصة تاريخية لإرساء أسس الديمقراطية الحقيقية وبناء دولة التعايش والحكم الرشيد».

وكان صالح يتحدث إلى مجموعة من أساتذة الجامعات والأكاديميين والمحللين السياسيين الذين استضافهم المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني للتحاور معهم وفتح أبواب الحوار بين النخب السياسية والثقافية للضغط على القيادات السياسية لحل الأزمة السياسية العاصفة في العراق، وهي الأزمة التي اعتبرها رئيس المجلس المركزي في كلمته الافتتاحية «خطيرة جدا وتهدد مستقبل العراق». وقال عادل مراد «لا شك أن هناك حرائق تشتعل في العراق، ونحن هنا اليوم لنطفئ هذه الحرائق، وتزيد تصريحات بعض أعضاء البرلمان من صب الزيت على تلك الحرائق بدل إخمادها، فنحن اليوم بحاجة إلى من يساعدنا على إطفاء تلك الحرائق، لأن لهيبها سيمتد إلى جميع أنحاء العراق وسيحرق الجميع، لذلك نجتمع اليوم لنتشاور ونتحاور من أجل تشجيع روح التعاون والأخوة لكي نتغلب على مشاكلنا».

ثم تحدث برهم صالح قائلا «نعتبر هذه الزيارة مبادرة مهمة، فأنتم تمثلون النخب السياسية والثقافية في البلد وتأتون إلى الإقليم، ونحن في حالة أزمة متواصلة مع الأسف مع المركز، ولست بصدد الدخول في تفاصيل هذه الأزمة في هذه اللحظة، لكن خوفي الكبير أن الخلافات السياسية التي تعصف بالبلد بدأت تتحول إلى الحالة الاجتماعية، وهذه ظاهرة خطيرة يجب أن نواجهها بحزم. في سياق التاريخ العراقي المعاصر مع الحكومات السابقة لم تتحول الخلافات إلى حالة فتنة أو صراعات بين أبناء الوطن الواحد، وبقي أهل كردستان وأهل الجنوب متماسكين، وبقيت الوشائج قوية ومتينة، ولكن ما يحدث الآن مع الأسف الشديد غير ذلك».

وتابع «أتطلع من هذا اللقاء أن تتواصل الحوارات بين النخبة الثقافية كي لا نفسح المجال أمام الساسة وأنا منهم لزج الشارع والناس في أتون خلافاتنا السياسية». وقال «نحن نجحنا في مشروعنا الوطني في إسقاط الديكتاتورية وبناء عراق جديد ديمقراطي تعددي.. نجحنا في ذلك، ولكن بعد عشر سنوات من إسقاط النظام لي أن أسأل ككردي وكمواطن عراقي يتطلع إلى تحقيق الحد الأدنى من حقوقه كمواطن: أين حقي؟ النخبة السياسية تتحمل مسؤولية فقدان الخدمات والأمن، وأعترف بأننا كجزء من الحكم في العراق نتحمل جزءا من مسؤولية ما يحدث من فشل الخدمات.. فالدولة لم تنجح في الإتيان لا بالخدمات ولا بالأمن والاستقطاب السياسي، وهذا الوضع بحاجة إلى تدارك جدي». وتابع «أقولها بصراحة.. أنا كردي أتطلع إلى الدولة الكردية من دون تردد، ولكني أيضا أستطيع أن أدعي أن الأغلبية الساحقة من الكرد ومن القيادات السياسية الكردية تريد النجاح للمشروع الديمقراطي في العراق».

وحول المخاوف الكردية من صفقة السلاح التي أبرمها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال «هناك مخاوف حقيقية من تسليح الجيش العراقي بوضعه الحالي، ونحن لا نخاف من مبدأ تسليح الجيش، لكننا نخاف من العقلية التي ستستخدم ذلك السلاح، هناك من يتحدث عن أسلحة كانت هجومية ودفاعية، وأنا أرى أن السلاح هو أداة للقتل، ولا يختلف إذا كان أو دفاعيا أو هجوميا».

من جهته، تحدث عدنان السراج، المستشار السابق لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قائلا «نحن نخبة سياسية وإعلامية تسعى إلى التفتيش عن الحقيقة لبناء العراق.. نحن نفخر عندما نسمع أن الكهرباء في أربيل والسليمانية متوافرة 24 ساعة، ونفتخر بأن يكون هذا الإقليم وهو جزء من العراق يشهد وضعا أمنيا مستقرا.. هذا فخر لنا، ونعتبر كل ذلك تجربة رائدة، وعندما نسمع بأن تجربة الاستثمار تنجح في كردستان فيجب أن نفتخر بذلك، لا أن نحقد».

وأضاف أن «ما نسعى إليه هو الحوار لتحقيق التقارب وتطهير القلوب والوصول إلى الحلول للمشكلات.. نحن نشترك بقواسم مشتركة عديدة.. نحن لا يمكن أن ننسى كردستان لأن إقليم كردستان هو جزء من تاريخ العراق السياسي الحديث، وجزء من بناء هذه الدولة التي سعى العرب والكرد والتركمان وكل الأقليات لأن تكون دولة تتوافر فيها الحريات. وبناء الدولة العراقية الحديثة تحقق باختلاط الدم الكردي والعربي، وهو الذي أوصل هذه الدولة الحديثة إلى الوجود. نحن لا يمكننا أن ننسى نضال الكرد، ولا يمكن للأكراد أن ينسوا نضال العرب من أجل التخلص من الديكتاتورية.. هذه قواسم مشتركة لا يمكن أن نتخلى عنه في أي لحظة من اللحظات».