وكالة الطاقة الدولية: العقوبات ضد إيران تعرقل صادرات النفط بما يعادل أكثر من مليون برميل يوميا

الحكومة الإيرانية متفاجئة للامتثال التام من جانب المشترين للوائح الجديدة

TT

تسببت العقوبات الجديدة الصارمة المفروضة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد إيران في تقليص صادرات النفط الإيرانية بما يعادل أكثر من مليون برميل يوميا، بحسب بيانات جديدة أصدرتها وكالة الطاقة الدولية.

وترسم بيانات وكالة الطاقة الدولية، الصادرة نهاية الأسبوع الماضي كجزء من تقرير سنوي لم يتم الانتباه له بدرجة كبيرة، أول صورة مفصلة لمدى تأثير العقوبات على إيران؛ حيث تشير تقديرات الوكالة إلى أن الصادرات النفطية للدولة قد تراجعت بنسبة الثلث تقريبا خلال الثلاثة أشهر الماضية، متسببة في انخفاض حاد في الدخل الحكومي.

وقد تضاعف التأثير، بحسب الوكالة، نظرا لأنه بدا من الواضح أن الحكومة الإيرانية قد فاجأها الامتثال التام من جانب المشترين للعقوبات المفروضة واللوائح الجديدة التي تحرم السفن التي تنقل البضائع الإيرانية من تأمين السفن. وسجل عدد شحنات النفط الفعلية من الدولة هبوطا جديدا ليصل إلى 860 ألف برميل يوميا في سبتمبر (أيلول).

وصوت الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي على توسيع نطاق العقوبات المفروضة بالفعل، بحيث تستهدف المؤسسات المصرفية وشركات الطاقة والشحن. وأكد الاتحاد في بيان أصدره أن العقوبات كانت تستهدف النظام «وليس الشعب الإيراني».

وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي سببتها العقوبات، يحذر محللون إقليميون من أنه ليس من المحتمل أن تقنع العقوبات إيران بالتخلي عن برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم، حتى في ظل مواجهتها أزمة اقتصادية شديدة.

وقد ثبت أن تركيا، التي تعتبر من أبرز حلفاء الدول الغربية في المنطقة، قد لعبت دورا حاسما في إبقاء اقتصاد إيران عائما. فتعتمد تركيا بدرجة كبيرة على النفط الإيراني، كما منحت إعفاء من عقوبات جديدة مفروضة من قبل الولايات المتحدة في مقابل جهود طوعية لتقليل وارداتها من إيران. وقال بعض المحللين في أنقرة إنه ليس من المرجح أن تكون تركيا عازمة أو قادرة على وقف واردات النفط الإيرانية بالكامل.

وقال حسن سليم أوزيرتيم، من منظمة البحوث الاستراتيجية الدولية في تركيا، إن «تركيا تتحرك بناء على مبدأ حسن النية، ولكن بوصفها إحدى دول جوار إيران ومقيدة ببعض الاتفاقات القانونية، لا يمكنها التصرف بطريقة متطرفة مثلما فعلت دول الاتحاد الأوروبي هذا الصيف»، وأضاف: «بالنظر إلى البيانات التراكمية، نجد أن لإيران حصة مسيطرة في واردات النفط الخام لتركيا. من ثم، فإنه ليس من السهل تغيير الموقف بين عشية وضحاها».

وأضاف أوزيرتيم أن معدات التكرير الرئيسية في تركيا يتم إعدادها خصيصا للتعامل مع النفط الإيراني، مما يصعب عملية التحويل. وقد أبدت الدولة استعدادها لدعم الوضع التجاري لإيران بأوجه أخرى: إيران تستورد بشكل متزايد من تركيا، في الوقت الذي لم يعد فيه شركاء تجاريون آخرون على استعداد للتعامل معها. وتستورد إيران كميات ضخمة من الأغذية، إضافة إلى مواد التصنيع والسلع الاستهلاكية.

وقال أوزيرتيم إنه في وقت مبكر من عام 2012، صدرت تركيا سلعا تبلغ قيمتها 8.5 مليار دولار لإيران – وهو ما يعتبر زيادة عن صادرات العام السابق التي بلغت قيمتها 3.9 مليار دولار فقط.

في مناطق أخرى في المنطقة، ما زالت إيران تبدو قادرة على دعم حلفائها ماليا. وتشير وثائق حصلت عليها المعارضة السورية إلى أن بنك تنمية الصادرات في إيران ما زال يزود نظام الرئيس بشار الأسد بالدعم المالي، على الرغم من أن العقوبات قد استهدفت أيضا تلك الحكومة. إلا أن مجمل الدعم الإيراني لسوريا لا يعد دعما ماليا، إذ يضم موارد ودعما تقنيا. وقال خبير اقتصادي أميركي إن الصورة العامة هي أن العقوبات المفروضة ضد إيران يثبت فعاليتها، ولكنها غير حاسمة.

وقال جواد صالحي أصفهاني، وهو أستاذ الاقتصاد بجامعة فيرجينيا للتكنولوجيا وأستاذ زائر بمعهد بروكينغز: «أعتقد أنها مسألة ستتطلب كثيرا من الوقت والجهد»، وأضاف: أن «الحكومة لديها بعض قدرات المناورة التي تستطيع من خلالها تحويل الألم من خلال التحقق من أن الأفراد الذين يزداد احتمال تقديمهم الدعم لها سوف تقل درجة معاناتهم، بينما الأفراد الذين لديهم الوسائل اللازمة لمقاومة العقوبات وأقل دعما للحكومة سوف يتجرعون قدرا أكبر من الألم».

وقال صالحي أصفهاني إن بعض الإيرانيين سوف يزداد تشكيكهم في منطق العقوبات. و«إنهم لم يصوتوا على برنامج إيران النووي؛ ولا يعتقدون أن لدى الغرب أي مبرر للضغط عليهم من أجل وقف البرنامج – الفكرة العامة عن إيران بوصفها أسوأ عدو للغرب لا تحظى بقبول في إيران». وأضاف: «لا يعتبر هذا هو المكافئ للمثال الجيد الوحيد لعقوبات لها تأثير، والمتمثل في جنوب أفريقيا؛ حيث إن غالبية السكان، على الرغم من معاناتهم، إلا أنهم متعاطفون مع القضية».

خدمة «واشنطن بوست»* خاص بـ «الشرق الأوسط»