«تيار المستقبل» يحشد مناصريه لإنجاح اعتصامه أمام منزل ميقاتي

طرابلس بين اشتباكات التبانة وخيام المحتجين

TT

في الضواحي الشمالية لطرابلس، كان يوم أمس لتعزيز وجود الجيش، في منطقتي جبل محسن وباب التبانة، والقضاء التدريجي على الاختراقات التي أصر عليها بعض المسلحين. وفي الحي الجنوبي الراقي من المدينة، وتحديدا في شارع المعرض، كان تيار المستقبل ينشط جاهدا لتفعيل مخيمه الاحتجاجي الذي أقامه قاطعا أحد الشوارع الرئيسية في طرابلس، ناصبا خيامه معلنا «الاعتصام حتى إسقاط حكومة ميقاتي، وحزب السلاح»، كما جاء على لافتات علقت على الخيام.

وما بين المناوشات المسلحة القاتلة في الضواحي الشمالية، والخيام الاحتجاجية التي بقيت شبه فارغة لليوم الثاني على التوالي في المنطقة الجنوبية، مع إصرار ناصبيها على أنها لن تبقى كذلك، حاول أهالي طرابلس استعادة حياتهم الطبيعية يوم أمس، في الفترة الصباحية على الأقل، بإرسال الأولاد إلى المدارس وفتح المتاجر، وقضاء مصالحهم الضرورية.

الهدوء النسبي للمعارك في شمال المدينة، بين جبل محسن وباب التبانة، التي اندلعت إثر الإعلان عن اغتيال رئيس فرع المعلومات وسام الحسن، خفت حدتها صباح أمس، لكن رصاص القنص حصد ضحيتين على الأقل، واشتباكات بالأسلحة المتوسطة قطعت وداعة الصباح. الحذر كبير، والسكان النازحون يخشون العودة على الرغم من اقتراب العيد وهم مشردون بعيدا عن منازلهم، لكن لا شيء يطمئن إلى أن النار لن تفتح في أي لحظة، على الرغم من إصرار الجيش على إمساك الوضع بيد من حديد.

وأصدرت قيادة الجيش يوم أمس بيانا جاء فيه: «واصلت وحدات الجيش المنتشرة في المناطق التي شهدت توترا أمنيا خلال الأيام الماضية، تنفيذ الخطة الأمنية التي وضعتها قيادة الجيش لقمع المظاهر المسلحة، والتصدي لإطلاق النار ولأعمال الشغب والاعتداء على ممتلكات المواطنين، وتستمر هذه الوحدات بتنفيذ عمليات دهم لأماكن المسلحين في بيروت وطرابلس حتى عودة الهدوء التام إلى المدينتين، حيث أوقفت خلال تنفيذ مهماتها، اعتبارا من أول من أمس (الأحد الماضي) وحتى صباح اليوم (أمس الثلاثاء)، نحو 100 شخص، بينهم 34 شخصا من التابعية السورية، و4 أشخاص من التابعية الفلسطينية، وضبطت بحوزتهم كمية من الأسلحة الحربية والذخائر والأعتدة العسكرية، وقد أصيب من جراء إطلاق النار من قبل المسلحين 15 عنصرا من الجيش بجروح مختلفة بينهم ضابطان.

وبينما كان الهم الأمني هو الطاغي شمال طرابلس، فإن إسقاط الحكومة هو العنوان العريض الذي رفعه المعتصمون في شارع المعرض جنوبها. الخيام الـ13 ما زالت تنتظر المحتجين الذين لم يزد عددهم على الـ30. سألنا أحمد الحواني أحد المنظمين عن سبب عدم استقطاب المخيم لمناصرين جدد فأجاب: «نحن دعونا مساء اليوم (أمس) إلى اجتماع لتيار المستقبل، قضاء طرابلس، وإلى لقاء موسع لكل المناطق، ودعونا أيضا لاجتماع ثالث مع المجتمع المدني، كل هذا سيتم اليوم (أمس)، حيث سنوجه دعوة رسمية لكل هؤلاء لينضموا للاعتصام، لهذا نقول: سترون اليوم بأعينكم كيف ستكبر كرة الثلج». لكن اللافت أنه بدل أن يحتل المعتصمون الخيام جاءت عائلة من باب التبانة المنكوبة بالمعارك وطلبت اللجوء إلى خيمة، وسمح لهم بذلك.

عبد الله علي ورانيا مسلماني وأطفالهم الثلاثة باتت لهم خيمة أمام منزل الرئيس نجيب ميقاتي، لا للاعتصام والمطالبة برحيله، ولكن لأن منزلهم أحرق في التبانة وباتوا في العراء.

يقول عبد الله: «لجأنا إلى الرئيس ميقاتي ولم يساعدونا، ذهبنا إلى مكاتب تيار المستقبل، لم يساعدنا أحد. نحن وأولادنا نريد سقفا ولو كان خيمة. طلبنا من النائب معين المرعبي المسؤول عن هذا المخيم فأغاثنا، وأتى لنا بعض الطلاب بقليل من الحليب والأغذية».

يتأفف عبد الله: «لأن النازحين السوريين باتت لهم مساعدات وجمعيات تهتم بهم، بينما لا يجد النازح اللبناني في بلده من يعنى به». في هذه الأثناء، وبينما تحدثنا العائلة الصغيرة عن مأساتها وعن إهمال الدولة للمنكوبين والفقراء وصعوبة العيش من دون ماء، محرومين من الاستحمام، خائفين أن تباغتهم السماء بأمطار تجرف خيمتهم، كان أحد شيوخ منطقة المنية يزور المعتصمين.

يجلس الشيخ في ظل الأشجار المحيطة بالخيام وحوله بعض الشبان الذين رافقوه وآخرون من المنظمين والمعتصمين، ويبدأ نقاش بضرورة إسقاط الحكومة، ولا ينتهي بعدم الاعتراف بوزرائها. إذ إن المشكلة (بحسب الشيخ) أن الطائفة السنية تخون نفسها، وتنقسم على ذاتها «فهل ثمة من يجد بديلا لنبيه بري لرئاسة مجلس النواب، بالتأكيد لا»، يقول الشيخ: «لكن كم من سني يتبرع لرئاسة مجلس الوزراء دون رضا الطائفة».