غالبية اليهود في إسرائيل يؤيدون سياسة «الأبرتهايد» ضد الفلسطينيين

يريدون تمييزا لهم في كل شيء وشوارع خاصة بهم لا يسير فيها العرب

TT

كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس، أن غالبية اليهود في إسرائيل يحملون آراء عنصرية تجاه المواطنين العرب فيها (فلسطينيي 48) وتجاه الفلسطينيين بشكل عام، وأن غالبيتهم يعترفون بوجود نظام أبرتهايد (فصل عنصري) في إسرائيل ويؤيدون ممارسة هذا الفصل. ونشرت نتائج الاستطلاع، أمس، في صحيفة «هآرتس»، التي نقلته عن معهد «ديالوغ» في تل أبيب. وقالت إن الاستطلاع أجري في سبتمبر (أيلول) الماضي على عينة من 503 مواطنين يهود، وإن الأسئلة وضعتها مجموعة من الأكاديميين وناشطي السلام وحقوق الإنسان.

وبحسب الاستطلاع، وردا على سؤال «هل يوجد أبرتهايد في إسرائيل؟»، رد 58 في المائة بالإيجاب، مقابل 31 في المائة بالنفي، و11 في المائة بـ«لا أعرف». وسئل المستطلعون عن رأيهم في الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في شوارع الضفة الغربية، فقال 74 في المائة إنهم يؤيدون ذلك (50 في المائة قالوا إن هذا هو الوضع القائم، في حين قال 24 في المائة إن ذلك جيد)، وقال 17 في المائة إن ذلك غير جيد ويجب وقفه، في حين أجاب 9 في المائة بـ«لا أعرف».

وتطرق الاستطلاع إلى فكرة الدولة الواحدة للشعبين وكيف تكون، فسأل المواطنين اليهود في إسرائيل: «في حال ضم المناطق المحتلة، هل يجب منح 2.5 مليون فلسطيني حق التصويت للكنيست؟»، أجاب 69 في المائة بالنفي، مقابل 19 في المائة فقط أجابوا بالإيجاب، بينما قال 12 في المائة: «لا أعرف».

وردا على سؤال: «هل تدعم تبادل المناطق مقابل إبقاء بعض المستوطنات؟»، قال 36 في المائة إنهم يؤيدون إجراء تبادل مناطق، في حين عارض 48 في المائة، وأجاب 16 في المائة بـ«لا أعرف». ويؤيد 38 في المائة من الإسرائيليين ضم المناطق التي يوجد فيها مستوطنات، مقابل 48 في المائة يعارضون و14 في المائة ليس لهم موقف.

وسئل المستطلعون أيضا عن كيفية التصرف إزاء «كاتبة أميركية معروفة تقاطع إسرائيل بادعاء أنه يوجد فيها أبرتهايد»، دعا 15 في المائة إلى مقاطعتها، وقال 28 في المائة إنه يجب عدم الرد عليها، بينما أيد 48 في المائة دعوتها لزيارة البلاد، في حين أجاب 9 في المائة بـ«لا أعرف».

وردا على سؤال حول دعم ترانسفير (ترحيل) العرب مواطني إسرائيل إلى مناطق السلطة الفلسطينية، قال 47 في المائة إنهم يؤيدونه، مقابل معارضة 40 في المائة، 13 في المائة لم يحددوا موقفا. وقال 59 في المائة إنهم يفضلون أن يحصل اليهود على تفضيل في العمل في المكاتب الحكومية، مقابل 34 في المائة يرفضون ذلك. ويؤكد 50 في المائة وجود تمييز عنصري ضد العرب في العمل في المكاتب الحكومية ولا يشعر بذلك 29 في المائة مقابل 21 في المائة لا موقف لهم. ويؤيد 33 في المائة منع العرب من التصويت للكنيست، ويرفض ذلك 59 في المائة.

ويشعر 42 في المائة بالانزعاج من وجود جار عربي لهم، بينما لا يمانع ذلك 53 في المائة. ويشعر 42 في المائة بالانزعاج وجود طالب عربي في الفصل الدراسي الذي يتعلم فيه أبناؤهم، مقابل 49 في المائة لا يمانعون.

وفي تحليل للشرائح الاجتماعية التي ترجح كفة العنصرية، جاء أن اليهود المتدينين هم الأكثر عنصرية. ففي صفوفهم تبلغ نسبة المعارضين لحق الفلسطينيين في الدولة الواحدة للمشاركة في التصويت 84 في المائة، ونسبة مؤيدي الفصل في الشوارع 83 في المائة، ونسبة مؤيدي الترحيل 71 في المائة. ويؤيد 70 في المائة منهم حرمان المواطنين العرب في إسرائيل من حقهم في التصويت، و82 في المائة منهم يؤيد إعطاء اليهود حقوقا مميزة عن العرب. ويؤيد 95 في المائة التمييز في أماكن العمل لصالح اليهود.

ويقف في «المرتبة الثانية» في العنصرية، جمهور المتدينين الصهيونيين. أما اليهود الروس، فعلى عكس الانطباع المعروف عنهم، بدوا أقرب إلى العلمانيين في مواقفهم. وهم أقل عنصرية من المتدينين الحريديم والمتدينين الصهيونيين. فقد قال 68 في المائة من اليهود الروس إنه لا يزعجهم أن يسكن عربي في عمارة واحدة معهم، وقال 73 في المائة إنه لا يزعجهم أن يتعلم عربي مع أولادهم في نفس الصف الدراسي. ويعارض 50 في المائة منهم أي تمييز عنصري ضد العرب.

وحذر أحد معدي هذا الاستطلاع، وهو الدكتور عميرام غولدبلوم، من خطورة هذه النتائج ودعا مؤسسات الدولة والجمهور على السواء إلى التحرك الفوري لمنع انفجار سياسة «أبرتهايد» في إسرائيل. وقال إن الأمر خطير لدرجة الحاجة الماسة في وضعه على رأس سلم الأفضليات وتشكيل مؤسسة تتابع الموضوع وتقدم حلولا خلاقة لوقف التدهور.

من جهة ثانية، علق على النتائج عضو الكنيست الإسرائيلي، محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وهي أكبر الأحزاب العربية في إسرائيل، فقال إن هذه النتائج التي أظهرت مدى استفحال العنصرية في الشارع الإسرائيلي، لم تفاجئه. ويجب عليها أن لا تفاجئ أحدا في المؤسسة الحاكمة في إسرائيل، فهذا نتاج السياسة المتبعة على مدى عقود، واستفحلت في ظل الحكومة والكنيست الحاليين.

وأضاف بركة، أن الواقع الحياتي الذي نعيشه في إسرائيل يوميا هو واقع عنصري رهيب. وهذا الواقع الذي يفرز نتائج الانتخابات الإسرائيلية تباعا في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص، فمن يطلع على سياسة إقصاء الفلسطينيين في البلاد إلى الهامش، وحرمانهم من فرص العمل، ومن فرص متساوية في مجالات التعليم والصحة، وكل مجالات الحياة، يعرف أن نتائج الاستطلاع هي الواقع المطبق على الأرض.

وتابع بركة قائلا، إننا حذرنا الشارع الإسرائيلي كل الوقت من أن العنصرية التي تبدأ ضد العرب لن تتوقف عندهم، بل ستشمل لاحقا مجموعات أخرى، تدعم هذه الأفكار العنصرية. فهذا ما علمته تجارب التاريخ. ويعزز هذا النهج حقيقة أن قطاعا واسعا من الشارع الإسرائيلي تتملكه حالة اللامبالاة، والوقوف جانبا أمام استفحال العنصرية التي ستطاله نيرانها لا محالة.

وأكد بركة: «إننا كفلسطينيين في وطننا وطن الآباء والأجداد، لم ولا ولن نقف أمام ظواهر العنصرية مكتوفي الأيدي وفي موقف الضعيف، فالعنصرية متأصلة في إسرائيل، التي قامت أصلا على أسس عنصرية، وكما قاومنا كل مظاهر العنصرية في مراحلها المختلفة منذ عام 1948، نعرف أيضا اليوم كيف نواجه هذه العنصرية المستفحلة، بعناد وإصرار على البقاء والعيش والتطور وبناء مستقبل أفضل لأجيالنا في وطن الآباء والأجداد».