ملياردير في بانكوك يحذو حذو عائلة ميديتشي في رعاية الفنانين

أقام أكبر متحف في البلاد بمجموعة بلغت 600 لوحة ومنحوتة لأكثر من 200 فنان تايلاندي

TT

بعد إنهاء دراسته بالمرحلة الثانوية، أراد بوتشاي بانتشارونجكول دراسة الفن، لكن والده أصر على أن يتولى ابنه البكر النشاط التجاري للعائلة.

ويسترجع بوتشاي -58 عاما- الذكريات قائلا في حديث مطول مع وكالة الأنباء الألمانية «قال لي، لو أصبحت فنانا فسوف تموت من الجوع».

وأبلى بوتشاي بلاء حسنا كرجل أعمال. وبعد وفاة والده منذ 31 عاما مضت، تولى إدارة الأنشطة الاستثمارات المتنوعة للعائلة وعلى مدار سنوات حولها إلى واحدة من أكبر الشركات الخاصة لتشغيل خدمات الاتصالات في تايلاند وهي شركة «دتاك» لخدمات الهاتف الجوال. ومع هذا، لم ينس بوتشاي حبه الأول.

وقبل عشرين عاما مضت، ومع انتعاش الطبقة الوسطى في تايلاند وبدء توجيه المال إلى خدمات الهواتف الجوالة، بدأ بوتشاي في شراء الأعمال الفنية لأشهر الفنانين المعاصرين في تايلاند أمثال ثاوان دوتشاني وبراتيب كوتشابوا وتشاليرمتشاي كوسيتبيبات وثونجتشاي سريسوكبراسيرت.

وقال ضاحكا «عندما تمتلك المال، يجب أن تحصل على المذاق... دخلت في ثورة شراء، شراء، شراء».

وبعد تجميعه واحدة من أكبر المجموعات الخاصة في تايلاند، قرر بوتشاي فتح متحف لعرضها للجمهور.

وفي مارس (آذار) الماضي، حقق حلمه، بعد استثمار مليوني باهت (5.‏64 ألف دولار) لشراء أعمال فنية وتشييد المبنى، وافتتح متحف الفن المعاصر (موكا)، وهو مبنى ضخم بالقرب من مقر نشاطه التجاري في طريق «فيبهافادي رانجسيت» السريع في بانكوك، في الطريق المؤدي إلى مطار دون ميوانج القديم.

ويضم المتحف 600 لوحة ومنحوتة لأكثر من 200 فنان تايلاندي، ما يجعله أكبر متحف في تايلاند، والأكثر تنوعا للأعمال الفنية المعاصرة. ويقول بوتشاي إن لديه ما يربو على ألف لوحة أخرى لم تعرض بعد.

وزار بوتشاي متحف أفيزي بفلورنسا في إيطاليا، سعيا وراء الإلهام، خشية من ألا يشعر الزائرون الغربيون بالإعجاب المتوقع بمجموعة لأعمال الفنانين المعاصرين التايلانديين، والذين لا يعرفهم أحد بصورة كبيرة خارج تايلاند ويطالبون برد أموال التذاكر التي دفعوها. ويبلغ سعر تذكرة الدخول 180 باهتا (8.‏5 دولار).

وهناك، في محادثة وهمية مع عائلة ميديتشي - العائلة المصرفية الشهيرة في فلورنسا والتي أصبحت رعاة لفنانين مشاهير أمثال ليوناردو دا فينشي ومايكل أنجلو وساندرو بوتيتشيلي - وشعر بوتشاي بالثقة في أنه يحتاج للمضي قدما في مشروع المتحف الخاص به.

وقال بوتشاي «عقب الرحلة، تخيلت مرور 500 عام وسيتم تسعير اللوحات الموجودة هنا بنفس سعر اللوحات المعروضة في أوفيزي، لأنها في ذلك الوقت سيكون سعرها جميعا واحدا، وهو أنها لا تقدر بثمن... إذا طلب شخص ما رد أمواله، سأقول له احتفظ بالتذكرة ورجاء احضر لزيارتنا بعد 500 عام».

ويضم المعرض مجموعة تشمل أعمال عدد متنوع من الفنانين التايلانديين، بدءا من الأساتذة القدامى أمثال فوا هاريبيتاك وحتى الفنانين الجدد أمثال لومبوو كانساناو، وهي رسامة شابة أصبح أسلوبها المميز في رسم الشخصيات التايلاندية بأحجام رؤوس كبيرة وأشكال أسنان قبيحة أمرا شائعا للغاية في معارض بانكوك.

ونظرا لأن بوتشاي يفضل بشكل شخصي الفن السريالي، فإن المتحف يضم مجموعة طيبة من أفضل رسامي «الفن البوذي» المشهورين في تايلاند، مثل تشاليرمتشاي وثونجتشاي وتصور لوحاتهما مواضيع وأماكن بوذية، بالإضافة إلى الأعمال الخاصة بالمذهب الأرواحي.

واختار بوتشاي بشكل متعمد رسومات ربما تسلط الضوء، خاصة بالنسبة للأجانب، على تأثير التنوع الثقافي في تايلاند، بينما تعطي مقدمة ملموسة للفن المعاصر في البلاد. ومع هذا، تجنب المواضيع المثيرة للجدل.

وفي الوقت الحالي، هناك متاحف قليلة في بانكوك، لكن المتاحف الفنية جديرة بالزيارة. وتدرس وزارة الثقافة التايلاندية إنشاء متحف للفن المعاصر في المستقبل لمنافسة متحف «موكا» الخاص ببوتشاي، لكنها تواجه عيبا طفيفا وهي أنها «لا يوجد بها رسومات... وهذا عيبها» وفقا لبوتشاي.

وحتى الوقت الراهن لا يوجد أصحاب مليارات في تايلاند، بخلاف بوتشاي، يرغبون في إنفاق مليار باهت على الفن.

وقال بوتشاي إن والده ربما لو كان حيا كان سيغضب من هذا الاستثمار، لكن «سأقول له إننا أصبحنا أرستقراطيين في جيلين فقط، بينما استغرقت عائلة ميديتشي أربعة أجيال لتصبح كذلك».