مظاهرة لمناصرة أصحاب البشرة السوداء في تونس

تونس ألغت الرق منذ 1864 لكن معاناة أصحاب البشرة السوداء مستمرة

TT

«مجنون سعدية» مسرحية تربط بين الواقع والخيال فهي تحكي بأسلوب سلس قصة أحد ملوك أفريقيا في رحلة بحثه عن ابنته التي اختطفت على حين غرة وسيقت إلى سوق العبيد. البنت تدعى «سعدية» وقد تألم الأب المكلوم لغيابها فقرر التنقل من بلدة إلى أخرى بحثا عنها.

ظل يرقص ويغني من مخزون الأغاني التي تحبها البنت ومن هنا ولدت في تونس شخصية «بوسعدية» وهي شخصية بسيطة تثير الضحك لدى عامة التونسيين ولكنها هذه المرة تثير الأسى واللوعة لأنها كانت منطلق مظاهرة «أن تكوني سوداء في الخضراء» هذا الشهر لتسلط الضوء على حقوق الأقليات السوداء في تونس والتي يوجد معظمها في الجنوب التونسي.

المظاهرة شملت عدة أنشطة ثقافية من بينها ورشة خالفت المألوف وحملت عنوان «أبيض وأسود» لتكون على شكل مواجهة بين الأبيض والأسود وذلك عن طريق تبادل مفردات تتعلق ببشرة السود في المجتمع التونسي ويقول عنها منظموها إنها تعتبر شكلا من أشكال العلاج الجماعي هدفها المصالحة بين أبناء المجتمع الواحد. وتعمل الجهات المنظمة لهذه الورشة على تعليق مجموعات المفردات العنصرية في رواق فضاء (التياترو) بالعاصمة التونسية على أن تتحول فيما بعد إلى مؤلف يحمل عنوان «دليل العنصرية اللفظية».

حول موضوع التمييز العنصري بين البيض والسود الذي يطرح في تونس بشكل محتشم، قالت زينب فرحات مديرة فضاء «التياترو» لـ«الشرق الأوسط» إن العنصرية على ارتباط بالجهل وكره الذات. وأضافت أن الفقر قد يضاعف من درجة العنصرية تجاه الأقليات ويتضاعف هذا الإحساس إذا كان المرء فقيرا.

ومن ناحيتها دعت سعدية مصباح رئيسة جمعية «منامتي» خلال مداخلة ألقتها بالمناسبة، إلى ضرورة تجريم العنصرية وقالت: إن بعض المناطق في تونس على غرار جزيرة جربة التونسية لا يدفن فيها الأبيض والأسود بنفس المقبرة. وقالت: إن تونس قد سارعت منذ يوم 23 يناير (كانون الثاني) من سنة 1864 إلى إلغاء الرق ولكن بعض السود ما زالوا يحملون ألقاب العائلات التي استعبدتهم في فترة ما من فترات تاريخ تونس واعتبرت أن حمل هذا اللقب لا يسعد الكثير من أصحاب البشرة السوداء.

وقال توفيق الشعيري رئيس «جمعية آدم للمساواة والتنمية» إن التمييز العنصري موجود في تونس وقال: إن أصحاب البشرة السوداء يلاقون التمييز في الشارع ويسميهم التونسيون «الوصفان» فالذكر «وصيف» والأنثى «وصيفة» وهي عبارة تؤكد على الاستنقاص والدرجة الثانوية بالنسبة للبيض. وقال: إن السود يمثلون ما بين 10 و20% من سكان تونس وهم يغيبون عن مواقع القرار ولا يفخر الكثير منهم بنسبهم ودعا إلى فتح ورشة لحماية السود من التمييز العنصري تماما مثلما تم الأمر بالنسبة للعروشية «القبلية» خلال عقد الخمسينات من القرن الماضي وكذلك ورشة القضاء على التمييز ضد المرأة وهو ما يخفف من وطء التصرفات العنصرية ضد أصحاب البشرة السوداء.