في جمعة «نصر الله عبده وأعز جنده».. النظام «ينسف» هدنة العيد.. وعشرات القتلى

الأسد يؤدي صلاة العيد وسط طوق أمني شديد

سوريون متجمهرون حول موقع التفجير الذي شهدته منطقة دف الشوك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد إعلان النظام السوري و«الجيش الحر» التزامهما بهدنة عيد الأضحى التي اقترحها الموفد الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي على أن تستمر 4 أيام، مع احتفاظ كل منهما بحق الرد، لم تمر ساعات قليلة على موعد بدئها حتى سجّل خرق لها من قبل قوات النظام التي أطلقت النار على متظاهرين، في جمعة «نصر الله عبده وأعز جنده» أمس، وأعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» مقتل أربعة أشخاص برصاص الأمن السوري، «أحدهم إثر سقوط قذيفة واثنان برصاص قناصين»، فيما وثقت لجان التنسيق المحلية 95 خرقا في ساعات الهدنة الأولى في سوريا، معلنة مقتل 30 شخصا يوم أمس كحصيلة أولية في مناطق سورية عدّة.

وفي فترة بعد الظهر، أعلن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أن الهدنة انهارت في مناطق عدة من سوريا حيث تشهد قصفا أو اشتباكات. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية «هناك اشتباكات في حي العسالي في جنوب دمشق والسيدة زينب في ضاحية دمشق، وحوادث في ريف دمشق، واشتباكات وقصف في بلدة تلكلخ في محافظة حمص (وسط) قرب الحدود اللبنانية وقصف على مدينة حمص، واشتباكات في مدينة حلب (شمال)، بالإضافة إلى استمرار المعارك في محيط معسكر وادي الضيف في معرة النعمان».

إلا أنه أشار إلى أن «مستوى العنف اليوم إجمالا هو أقل مما كان عليه» خلال الأسابيع والأشهر الماضية، و«كذلك عدد الضحايا الذي نأمل ألا يرتفع، كما أن النظام لم يستخدم بعد الطيران الحربي في القصف». وأشار عبد الرحمن، إلى أنّه بين المقاتلين المعارضين عناصر من جبهة «النصرة الإسلامية» المتطرفة التي أعلنت الأربعاء عدم التزامها بالهدنة.

كذلك، ذكر المرصد السوري، أنّ اشتباكات عنيفة دارت بين القوات النظاميّة ومجموعات مقاتلة معارضة في محيط معسكر وادي الضيف في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا.

وتعليقا على واقع سريان الهدنة على الأرض، قال العقيد مالك الكردي، نائب قائد الجيش الحر، لـ«الشرق الأوسط» إننا «منذ البداية أعلنا أن تطبيق هذه الهدنة الهشة أمر مستحيل في ظل غياب الشروط الأساسية والضمانات الدولية، وبالتالي لا يمكن لها أن تستمر لساعات، وما حصل أمس خير دليل على ذلك». ولفت الكردي إلى أنّ «أولى إشارات خرقها أتت على أيدي قوات النظام الذين أطلقوا الرصاص لتفريق المتظاهرين وأوقع عددا من الإصابات في مناطق عدّة، إضافة إلى قيامه بإطلاق رصاص القناصة كعمل استفزازي على مواقع تابعة للجيش الحر الذي ردّ عناصره بالبنادق الآلية، لتعود قوات النظام وتصعّد مستخدمة المدفعية الثقيلة ولا سيما في منطقة وادي الضيف». مضيفا «مع العلم أنّ هذا الاستهداف سجّل أيضا في مناطق عدّة لكن الجيش الحر فضّل عدم الرد، لأّننا نعلم أن النظام يحاول جرّنا إلى هذا الأمر، ولا نزال نؤكّد أنّنا ملتزمون بالهدنة محتفظين فقط بحق الرد فقط على مصدر النيران بعيدا عن التصعيد، وأنا على يقين أنّ النظام لم ولن يلتزم بها». وفي وقت اعتبر فيه ناشطون على صفحات الثورة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ هذه الهدنة قد تكون «فرصة حقيقية للمظاهرات الكبيرة وملء الساحات»، قامت قوات النظام السوري بإطلاق النار لتفريق متظاهرين في حي القابون بدمشق، ولفتت «شبكة شام» إلى خروج مظاهرة من جامع الشهداء ومحاولة تفريقها بالقنابل المسيلة للدموع بالرقة، بالإضافة إلى سقوط جرحى في صفوف المصلين بإطلاق نار كثيف في أنخل بدرعا.

مع العلم أنّه وفي حين أعلنت «جبهة النصرة لأهل الشام»، أنها غير معنية بوقف إطلاق النار وأنها في حلّ من الهدنة، وشككت في نية نظام بشار الأسد احترام وقف النار، قائلة إن قبوله عرض الإبراهيمي «خدعة»، شكّكت الأمم المتحدة في صمود وقف إطلاق النار الذي من المفترض أنّ يستمر لأربعة أيام وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أطراف النزاع في سوريا إلى احترام الهدنة. وقال متحدث باسمه «نأمل بشدة أن تسكت البنادق وأن يتم تعليق أعمال العنف ليستطيع موظفو الإغاثة مساعدة الناس الأكثر احتياجا».

كذلك قال يان إلياسون نائب الأمين العام الأممي إنه لا توجد ضمانات على أن الهدنة ستصمد، لكنه حث الأطراف المتقاتلة على احترامها. وأضاف «عيوننا تتطلع إلى المأساة في سوريا، ونحن نعلق آمالنا على الهدنة التي نأمل أن تتجسد».

وفي غضون ذلك في مسجد صغير يبعد نحو مائة متر عن قصر المهاجرين الرئاسي وبعد فرض طوق أمني شديد أدى الرئيس بشار الأسد صلاة عيد الأضحى صباح أمس، وذلك بعد نحو ساعة من موعد وقف القوات النظامية عملياتها العسكرية في هدنة العيد.. من جانبه بث التلفزيون السوري بيانا للقوات المسلحة أكدت فيه قيام «الإرهابيين بخرق إيقاف العمليات العسكرية وأنها ردت على إطلاق النار من قبل (الإرهابيين) على قواتها في عدة مناطق من البلاد، وأنها تقوم بمعالجة تلك المهاجمات».

وقال شهود عيان في حي المهاجرين إنه تم قطع كل الطرق المحيطة بقصر المهاجرين وجامع الأفرم حيث صلى الأسد وعدد من كبار المسؤولين في نظامه، كما تم قطع الاتصالات الخلوية في حي المهاجرين وعدة مناطق أخرى قريبة خلال فترة الصلاة، التي تم نقلها مباشرة عبر التلفزيون الرسمي، وكان لافتا خلال البث المباشر عدم تسمية التلفزيون للمنطقة أو المسجد الذي تقام فيه الصلاة، إلا أن سكان المنطقة لاحظوا أن إجراءات أمنية مشددة بدأت تتخذ منذ مساء الخميس حيث شوهدت عربة النقل المباشر قريبا من جامع بدر القريب من جامع الافرم، كما تم نشر عدد من القناصة على أسطح المباني المحيطة بجامع الأفرم الواقع بجوار مقر أمني، ومحاط بعدد من نقاط الحراسة التابعة لمقرات رسمية، كما تم تكثيف عدد عناصر الأمن المنتشرين في المحيط، وصباح الجمعة تم قطع الطرق والاتصالات الخليوية. واقتصرت المشاركة على عدد من كبار المسؤولين في الحزب والدولة، فيما بدت الشرفة الداخلية للمسجد خالية من المصلين سوى عدد من رجال الأمن والحراسة الذين بدوا وقوفا بحالة تأهب طيلة وقت البث.

وبعد عدة ساعات من انتهاء الصلاة ذكرت وكالة «سانا» اسم الجامع والمنطقة في تقريرها المتعلق بوقائع الصلاة، وقالت إن الأسد أدى صلاة عيد الأضحى في جامع الأفرم في منطقة المهاجرين بدمشق. وشارك في الصلاة «كبار المسؤولين في الحزب والدولة وعدد من أعضاء مجلس الشعب والمفتي العام للجمهورية وعدد من علماء الدين الإسلامي وجمهور من المواطنين». بحسب «سانا» التي قالت إن الشيخ وليد عبد الحق أم المصلين وألقى خطبة تحدث فيها عن حرمة دم المسلم على المسلم «فالمسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ولا يظلمه ولا يحقره ولا يسلمه لأن كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه». وانتقد الشيخ عبد الحق الربيع العربي وقال إنه «تحول إلى شتاء قارس بارد سقيم ينفث سقمه في الأمة العربية والإسلامية» مؤكدا على أن «الحاجة تشتد في هذه الظروف الصعبة إلى الوحدة الوطنية فأعداء الأمة يخططون لتجزئتنا وإبادتنا والوسيلة الفعالة لذلك هي إثارة الفتن الطائفية في الأمة الواحدة». داعيا السوريين إلى «العودة إلى الله وأن يقوموا بحل مشكلاتهم الداخلية بالصلح والمصالحة والإصلاح وأن يسقطوا ورقة الفتنة الطائفية من أيدي أعدائهم وأن يقيموا شرق أوسط جديدا من صنعهم ووفق مبادئهم وقيمهم».