جنبلاط لن يستقيل من الحكومة والمعارضة تدعو إلى إسقاطها

رامي الريس لـ «الشرق الأوسط» : لا يمكن إسقاط الحكومة قبل إيجاد البديل.. والعلاقة مع «المستقبل» رهن الأيام المقبلة

TT

لا تزال تداعيات اغتيال رئيس فرع المعلومات، اللواء وسام الحسن، تقض مضاجع اللبنانيين، ولا سيما فريق المعارضة الذي يسعى إلى إسقاط الحكومة، وهذا ما ينعكس واضحا على الخطاب السياسي اللبناني. وفي هذا الإطار، سجل يوم أول من أمس، سجال حاد بين كل من النائب وليد جنبلاط رئيس الحزب الاشتراكي، والنائب سعد الحريري رئيس تيار المستقبل، أعاد العلاقة السياسية بين الرجلين إلى نقطة الصفر؛ ففي حين أعلن جنبلاط في مقابلة على قناة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أنه لن يستقيل من الحكومة، واصفا نفسه بـ«الحسكة في زلعوم» الجميع، معتبرا وسام الحسن شهيد الدولة وليس شهيد طائفة، وملقيا باللوم على النائب سعد الحريري ومتهما إياه بأنه قال إن وسام الحسن «شهيد السنة»، رد الأخير على جنبلاط، عبر موقع «تويتر» بالقول: «ما يقوله جنبلاط كذب، ومن قال إن الحسن شهيد السنة هو حليفه (رئيس الحكومة نجيب) ميقاتي».

وتابع الحريري مخاطبا جنبلاط: «الاستقرار بمفهومك أن تبقى ضمن التحالف السوري - الإيراني، فمبروك عليك يا بيك، وسام الحسن هو شهيد لبنان، وشهيد الدولة، وشركاؤك في الحكومة هم من حرضوا عليه وخونوه كما خونوا رفيق الحريري، وأنا لن أسكت بعد اليوم على أي كان».

من جهته، علق رامي الريس المفوض الإعلامي في الحزب الاشتراكي، لـ«الشرق الأوسط» على هذه المستجدات بالقول: «لا نريد أن ندخل في سجالات مع تيار المستقبل، وطبيعة علاقتنا به هي رهن الأيام المقبلة، لكننا نؤكد أن المواقف السياسية التي أطلقها وليد جنبلاط لا تقاس من زاوية طبيعة العلاقات مع القوى السياسية اللبنانية، إنما بناء على أهمية المحافظة على استقرار البلد، وعدم الدخول في الفراغ الذي يوفر أرضية خصبة لدخول قوى إقليمية إلى لبنان، واللعب على هذا الخط». وفي حين لفت الريس إلى أن «جنبلاط أبدى مرونة فيما يتعلق بطبيعة الحكومة الجديدة في حال تم تشكيلها، لتكون حيادية أو تكنوقراط، أكد أن المرحلة الحالية حساسة إلى درجة لا تحتمل الدخول في أي مغامرات غير محسوبة النتائج، وبالتالي لا يمكن إسقاط الحكومة قبل إيجاد البديل».

وكان جنبلاط قد شدد على أن «لا أحد يمكنه حكم البلد منفردا»، وتابع: «الحريري طلب مني في اتصال معه أن أستقيل، قلت له لن أفعل. كل من فريقي 8 و14 آذار يريدون تحميلي المسؤولية، في كل حال أنا لا أسعى للنيابة، بل همي الاستقرار». وأضاف: «تربطني صداقة بسعد الحريري لكن هناك خلاف بالسياسة، وأنا لن أترك البلد للفراغ وأستقيل من الحكومة».

بدوره، وفي حين وجه رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى اللبنانيين رسالة تهنئة بحلول عيد الأضحى المبارك، آملا أن «يكون هذا العيد محطة تأمل ومساحة لقاء تجمع اللبنانيين حول الأمور السامية، وتغليب مصلحة لبنان على ما عداها»، كرر دعوته «الجميع إلى الحوار لتجنيب لبنان المزيد من المآسي».

من جهته، رأى رئيس الحزب سمير جعجع أن «اغتيال اللواء الحسن هو قرار من النظام السوري، ولكن بتنفيذ داخلي لبناني»، مشددا على أن «هدف قوى 14 آذار هو تشكيل حكومة قادرة على إيقاف آلة القتل بشكل نهائي»، وكشف جعجع، في حديث إلى صحيفة «Le Figaro» الفرنسية عن أن «هذه القوى بدأت بوضع خطة واضحة للمرحلة المقبلة بغية مواجهة التحديات تدريجيا، عبر الاستمرار بالاعتصام في وسط مدينة بيروت وفي مدينة طرابلس، بشكل سلمي، ومواصلة مقاطعة جلسات مجلس النواب واجتماعات اللجان المشتركة، وصولا إلى إسقاط الحكومة الذي هو تفصيل لبلوغ الهدف الأكبر، وهو إيقاف (آلة القتل) المتحكمة بالحياة السياسية في البلد»، لافتا إلى أن «الأغلبية في هذه الحكومة هي متواطئة مع آلة القتل بغض النظر عن موقف رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) وبعض الوزراء، فمجرد وجود هذه الحكومة هو عامل مسهل لعمل هذه الآلة القاتلة».

من جهته، أشار عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت إلى أن «رئيس كتلة (جبهة النضال الوطني) النائب وليد جنبلاط قرر أن يكون إلى جانب هذه الحكومة، ويبدو أن لديه مصالح أكبر بكثير»، مضيفا: «سنرى إن كان جنبلاط سيكمل بتغطية كل ما يقوم به حلفاء النظام السوري في لبنان».

مضيفا: «نحن قلنا إن كل الحكومة مسؤولة، وكل من لا يستقيل من هذه الحكومة يغطي جريمة اغتيال الحسن، شاء أو لم يشأ، وهو مسؤول كما كل الحكومة عما يجري».

وقال فتفت: «نحن مع حكومة حيادية لأن تجربة حكومة الوحدة الوطنية كانت سيئة مع فريق 8 آذار، ولكننا لم نتخذ بعد موقفا من ذلك، فيجب التشاور مع الحلفاء قبل اتخاذ أي قرار».

كذلك، علق منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» فارس سعيد، على كلام رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، معتبرا أن الأخير «أكد أنه لا يريد الاصطدام مع الأفرقاء اللبنانيين، خاصة حزب الله؛ لأن الأزمة في سوريا لم تنته بعد». ورأى أن «جنبلاط من خلال مشاركته في الحكومة اختار أن يكون في الفريق الذي يقدم صورة لبنان محتجز تحت قوة السلاح». وأضاف: «هذا شأنه، ونحترم موقفه، إنما هذا الوضع يشكل خلافا سياسيا حادا بيننا وبينه»، معتبرا أن «بقاء الحكومة يهدد الاستقرار في لبنان، ورحيلها يفسح في المجال أمام الإتيان بحكومة تؤمن الأمن وتحضر للانتخابات النيابية».

في المقابل، اعتبر النائب غسان مخيبر، عضو تكتل «التغيير والإصلاح» المحسوب على النائب ميشال عون، أنه «من الممكن العمل على حكومة جديدة، ولكن ليس أن تبقى الأطراف السياسية لا تتكلم مع بعضها».

مضيفا: «بالطبع هناك خوف لدى الزملاء النواب من عودة الاغتيالات وهناك اغتيالات حصلت وهذا مرفوض»، مضيفا: «ولكن من أجل ذلك، يجب الخروج بموقف جامع لبناني، وهذا الذي سيحمينا».

ورأى مخيبر أنه «ليس هناك من ضغط على القضاء، ورئيس الجمهورية طالب القضاء بالإسراع والتحرك بقضية اغتيال اللواء الحسن»، مؤكدا أنه «لا أحد مستعد أن يغطي أحدا».