بمعدل 200 مليار دولار في العام بحسب الوكالة الدولية للطاقة

TT

«آفاق الطاقة في العراق».. عنوان الندوة التي نظمها واستضافها أمس في باريس المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بالاشتراك مع الوكالة الدولية للطاقة ووزارة البيئة والطاقة والتنمية المستدامة الفرنسية، بحضور ثامر غضبان رئيس هيئة مستشاري رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة، وماريا فان در هوفن الرئيسة التنفيذية للوكالة الدولية، وممثل عن وزارة الطاقة الفرنسية، وفاتح بيرول رئيس قسم الاقتصاد في الوكالة المذكورة، وفريد ياسين سفير العراق لدى فرنسا، وأوليفيه أبير رئيس المعهد الفرنسي للبترول والطاقات المتجددة، وليث هواوي عن شركة «ألستوم»، وآخرين.

وجاءت هذه الندوة المهمة بمناسبة صدور دراسة شاملة عن قطاع الطاقة العراقي أعدتها الوكالة الدولية، وجاءت بمثابة مسح شامل لمكامن القوة والضعف وحاجات العراق ودوره الحالي والمستقبلي في صناعة النفط والغاز في العالم. وعززت الدراسة التي ترسم سيناريوهات هذا القطاع الحيوي في العراق والعناصر المتحكمة به بأرقام وبيانات وإحصاءات ورسوم دقيقة ومفيدة لتبين موقع العراق في سوق النفط والغاز في العالم والسيناريوهات الممكنة، ولكنها أيضا وضعت الأصبع على الإصلاحات الضرورية التي يحتاجها القطاع في مجالات البنى التحتية والبيئة التشريعية وتوفر الكادر الإنساني، فضلا عن الحاجة لتسوية الخلافات السياسية بين المركز والأطراف. كذلك تناولت قطاع إنتاج الكهرباء والنقص الحاصل فيه وأشكال التعامل الفاعل معه.

المؤتمرون توافقوا بداية على نقطة أساسية هي أهمية الدور الذي سيلعبه العراق في سوق الطاقة (النفط والغاز) في السنوات القادمة في تلبية الحاجات الاستهلاكية العالمية حيث يقدر احتياطيه من النفط بأكثر من 143 مليار برميل، و3200 مليار متر مكعب من الغاز، الأمر الذي يجعله مرتبة مرتفعة على خريطة الطاقة العالمية. وتجاوز إنتاج العراق حاليا من النفط سقف الـ3 ملايين برميل في اليوم وهو يطمح لإنتاج 3.4 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري، يريد أن يصدر منها ما لا يقل عن 2.9 مليون برميل.

وفي الشهر الماضي صدر العراق، وفق الأرقام الرسمية لوزارة النفط 2.6 مليون برميل، وهو أعلى رقم منذ 30 عاما، بلغت إيراداته 8.4 مليار دولار بفضل ارتفاع أسعار الخامات (معدل سعر البرميل 107 دولارات).

وبحسب توقعات الدراسة، فإن إنتاج النفط العراقي يفترض أن يتضاعف ليصل إلى 6.1 مليون برميل مع حلول عام 2020، وإلى 8.3 مليون برميل في عام 2035 بحيث تأتي الزيادة أساسا من الآبار الضخمة الموجودة جنوب البلاد. كذلك تتوقع الدراسة أن تبلغ العائدات النفطية 5000 مليار دولار مع حلول عام 2035. غير أن تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى استثمارات ضخمة تقدرها الدراسة بـ530 مليار دولار (أكثر من 10 في المائة من الواردات). وتنبه الدراسة إلى أن التأخر في تدفق الاستثمارات في القطاع النفطي «والغازي» سيعني حرمان العراق من 3000 مليار دولار للفترة عينها مع ما يستتبع ذلك من نتائج اقتصادية واجتماعية وتنموية.

وتدعو الدراسة السلطات العراقية إلى الاستفادة من العائدات لتنويع الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد للناتج المحلي. ويوفر النفط حاليا 95 في المائة من واردات الحكومة العراقية و70 في المائة من الناتج المحلي. ويمثل النفط 80 في المائة من قطاع الطاقة ولذا فإن الدراسة تدعو إلى الاهتمام بتطوير قطاع الغاز وإلى العمل على استعادة الغاز المصاحب الذي يخرج مع البترول بدل حرقه، وذلك لاستغلاله في إنتاج الكهرباء التي يعاني قطاعها، وفق الدراسة، من ضآلة إنتاجية تنعكس سلبا على تلبية حاجات المواطنين.

وقال فاتح بيرول، الذي ساهم في إعداد الدراسة، إن 60 في المائة من الغاز المصاحب يحرق وبالتالي يذهب هدرا بينما العراق يعاني من أزمة كهرباء حادة، معتبرا أن هذه الأزمة تعتبر من أبرز التحديات التي يواجهها العراق إلى جانب تحد آخر وهو التوافق الوطني على سياسة نفطية يقبلها الجميع بينما الحاصل حتى الآن أن قانون النفط المعد منذ سنوات ما زال نائما في أدراج مجلس النواب العراقي.

وأشار الخبير الاقتصادي الدولي إلى الحاجة لتطوير البنى التحتية النفطية (أنابيب ووسائل نقل) واستجرار مياه الخليج إلى الآبار الداخلية من أجل تسهيل الإنتاج. وخلص بيرول إلى التنويه بالدور الذي سيلعبه العراق مستقبلا في الاستجابة لحاجات السوق بالنظر لاحتياطياته الكبيرة من جهة ولانخفاض تكلفة الاستخراج من جهة أخرى، إذ إنها، على سبيل المثال، تشكل أقل من 1 من أصل 12 من تكلفة غاز «الشيست» في كندا.

وكشف كبير مستشاري رئيس الوزراء العراقي أن بغداد ستعلن قريبا عن قرارات جديدة بخصوص قطاع الغاز، كما أنها تدرس احتمال تصدير النفط عن طريق ميناء العقبة الأردني، بينما أشار أحد المشاركين إلى حاجة العراق لإيجاد «بديل» عن مسرى مضيق هرمز لتفادي التأثر بإغلاقه لأسباب سياسية.

وفي موضوع وجود العراق داخل منظمة الـ«أوبيك»، قال غضبان إنه «لا يعرف ما إذا كانت بلاده ستترك هذه المنظمة أم لا»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنها حاليا خارج حساب حصص الإنتاج. ومن جهة أخرى، تستطيع بغداد، وفق ما أكده، أن تطالب بزيادة حصتها داخل الـ«أوبيك». واستبعد غضبان أن يتم الاتفاق على تعيين أمين عام جديد للمنظمة خلال اجتماعها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لـ«صعوبة اتخاذ القرار».